رفعت أرباح أكبر شركات الاتصالات في البلاد

الهواتف الذكية الرخيصة توفر الإنترنت لملايين الهنود

صورة

على مدى الأشهر الستة الماضية، تمكن عشرات الملايين من الهنود، وللمرة الأولى في حياتهم، من استخدام الإنترنت من خلال شرائهم هواتف ذكية رخيصة جداً. وفضلاً عما أحدثه ذلك من تغيير في حياتهم، فقد انعكس انضمامهم إلى مُستخدمي الإنترنت إيجاباً على أرباح أكبر شركات الاتصالات في الهند، التي يتجاوز عدد سكانها مليار نسمة.

وارتفعت أرباح «بهارتي آيرتل» و«فودافون» و«ريلاينس كومينكشنز» بنسب تزيد على 50%، خلال الشهور الثلاثة التي انتهت في 31 من ديسمبر عام 2014، نظراً للارتفاع البالغ في عائداتها من رسوم خطط البيانات المحمولة.

وتُدرك الشركات نفسها أثر الهواتف الذكية الرخيصة في جذب مستخدمين جدد وتنامي أرباحها.

وقال مدير شؤون المستهلكين في «بهارتي آيرتل»، سريني جوبلان، إن «الهواتف الذكية رخيصة الثمن تقع في قلب النمو»، مشيراً إلى وجود 60 مليون مستخدم للهواتف الذكية في الهند قبل عام ونصف العام، في حين وصل عددهم حالياً إلى 120 مليون مستخدم، ما أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب على خطط البيانات.

ويرجع الفضل في جانب كبير من النجاح إلى الشركات الهندية الجديدة المنتجة للهواتف الذكية، مثل «ميكروماكس إنفورماتكس»، وكذلك إلى شركات صينية مثل «شياومي». وتبيع هذه الشركات بعض هواتفها بأسعار تقل عن 40 دولاراً، وهو ما يُمثل نسبةً صغيرة من أسعار طرازات الهواتف التي تُنتجها شركات أقدم وأشهر مثل «أبل» الأميركية و«سامسونغ» الكورية الجنوبية.

ولم يسبق لمعظم المستخدمين الجدد للهواتف الذكية في الهند اقتناء حواسيب، إذ لم يتمكنوا من تحمل كلفة جهاز يوفر الاتصال بالإنترنت قبل أن تتراجع أسعار الهواتف الذكية لما يقل عن 200 دولار. وحسب شركة «كاناليس» للأبحاث، تقل أسعار نحو ربع الهواتف الذكية المُتاحة للبيع في الهند عن 100 دولار، وخلال الشهور الماضية ارتفعت شحنات الهواتف الذكية التي تقل أسعارها عن 150 دولاراً، في الوقت الذي تراجعت فيه شحنات الهواتف التي تفوق أسعارها 150 دولاراً.

وطالما تطلعت شركات الهواتف المحمولة في الهند إلى طفرة في الطلب على خطط البيانات، لكن ذلك ظل محدوداً في نطاق الأمنيات حتى انتشرت الهواتف الذكية منخفضة الكلفة وتزايد الإقبال عليها، ما سمح بتحقق الانتعاش المرجو. وقال جوبلان من شركة «آيرتل»: «بمقدورك الحصول على هاتف ذكي لائق مقابل نحو 75 دولاراً، ما غير تماماً من حركة هذا المجال».

وبالنسبة لملايين المستخدمين الجدد، فيُتيح لهم امتلاك الهواتف الذكية اكتشاف المزيد من فوائد الاتصال بالإنترنت، الأمر الذي يُعزز استعدادهم لإنفاق المزيد من الروبيات كل شهر نظير استخدام الإنترنت. ومن هؤلاء راميش جورونج، وهو سائق في شرق الهند، يبلغ من العمر 36 عاماً، واشترى قبل ستة أشهر فقط هاتفه الذكي الأول.

وأشار جورونج إلى دور الإنترنت في فتح آفاق جديدة أمامه، قائلا «يمكنني مشاهدة الأفلام، والاستماع إلى الأخبار، ومشاهدة مباراة في الكريكت، والاستماع إلى الأغاني». وفي الوقت نفسه تزامنت هذه الآفاق الجديدة مع تضاعف نفقاته الشهرية للهاتف المحمول، لكنه يرى أن إمكانية التواصل مع أصدقائه عبر تطبيقات التراسل الفوري ومواقع الإعلام الاجتماعي تستحق الكلفة الإضافية.

وحتى الآن، يُمكن لمستخدمين مثل جورونج تحمل أسعار باقات الإنترنت. وتُوفر شركة «فودافون» باقات مدفوعة سلفاً للبيانات مُقابل 11 روبية أي ما يُعادل 18 سنتاً مقابل كل 50 ميغابِت. ويستخدم أكثر من 90% من متعاملي «فودافون» في الهند خدمات الاتصالات المدفوعة مُسبقاً مُقارنةً مع 40% من المستهلكين في المملكة المتحدة.

وتعتقد شركات الاتصالات أن الازدهار الحالي في الطلب على خطط البيانات لايزال في مهده، وينتظره المزيد من الارتفاع نظراً لإقبال ملايين الهنود على شراء هواتفهم الذكية الأولى، واعتيادهم استخدام الإنترنت للتواصل مع أصدقائهم والترفيه والتسوق. ويقول محللون إن نحو 10% من الهنود فقط يمتلكون هواتف ذكية، ما يُشير إلى تواصل نمو السوق خلال السنوات المقبلة.

واختارت شركات مثل «غوغل» و«موزيلا» و«سامسونغ»، الهند كمحطة لإطلاق طرازات جديدة من الهواتف الذكية الجديدة ومنخفضة الكلفة، في مسعى للاستفادة من ارتفاع معدلات الطلب.

ومع ذلك، تعتبر شركات الاتصالات ضعف البنية التحتية للاتصالات اللاسلكية في الهند إحدى أكبر العقبات المحتملة أمام هذا النمو الكبير. وبالفعل تعمل أبراج الاتصالات الخلوية في الهند بقدر يفوق طاقتها، كما تبين افتقارها إلى التجهيز الذي يتناسب مع نمو الطلب على البيانات.

ووجهت شركات الهواتف المحمولة انتقادات إلى الحكومة الهندية، لما تراه تباطؤاً شديداً في إطلاق نطاق ترددي جديد تحتاجه الشركات لإضافة مسارات جديدة سريعة لنقل المعلومات. وبعد سنوات من التأخير، حددت الهند الشهر التالي موعداً لمناقصة على نطاق ترددي جديد، لكنه لن يُباع بسعر رخيص.

ويبلغ السعر المبدئي لكل جزء من النطاق الترددي في المناقصة، المقرر تنظيمها في الرابع من مارس المقبل، 37.05 مليار روبية، أي نحو 600 مليون دولار، ويقدر مسؤولون تنفيذيون ومحللون ارتفاع السعر النهائي إلى ضعفي أو ثلاثة أضعاف هذا المبلغ.

ومن شأن هذه المناقصة أن تضع أعباء إضافية على ميزانيات شركات الاتصالات. وكان صافي ديون شركة «بهارتي ايرتل» ارتفع بشكل كبير خلال الربع الماضي ليبلغ 10.55 مليارات دولار، كما تصاعدت ديون شركة «ريلانيس» إلى 5.9 مليارات دولار.

وتُشير هذه العقبة أمام شركات الهواتف المحمولة إلى احتمال تحملهم التكاليف المالية الإضافية، وهو ما يعني في الوقت نفسه تراجع قدراتهم على تحسين جودة الشبكات القائمة، وبالتالي بطء سرعات الاتصال بالإنترنت وانخفاض جودة المكالمات الهاتفية.

لكن بالنسبة للمستخدمين الجدد، فغالباً ستكون الخدمة مرضية، لاسيما مع اكتشافهم الأول لما يتيحه الإنترنت. وعلى سبيل المثال، ليست لدى جورونج توقعات مرتفعة عن الخدمة، ويحتاج فقط إلى توافر الاتصال بالإنترنت، وقال: «كل شيء جديد في هذا الهاتف، مثل (يوتيوب)، وتصفح الإنترنت، والدردشة مع الأصدقاء».

تويتر