مساعٍ صناعية لدمجها في العديد من المنتجات الاستهلاكية وخفض كلفتها

«التصوير الحراري».. تقنية تتجه للانتشار عبر ربطها بالهواتف الذكية

صورة

تطول قائمة الابتكارات التقنية التي بدأ استخدامها لأغراض عسكرية وأكاديمية، ثم وصلت إلى عموم المستهلكين، ومن أحدثها تقنية «التصوير الحراري» التي تقترب من مرحلة مهمة في الانتشار بربطها بالهواتف الذكية، على خطى التصوير الرقمي، ونظام تحديد المواقع الجغرافية.

ويختلف التصوير الحراري Thermal Imaging عن الرؤية الليلية التي تنتج صوراً باللون الأخضر، وتعتمد الأخيرة على تضخيم أي قدر ضئيل من الضوء المرئي، مقابل الكاميرات الحرارية التي لا تتطلب وجود أي قدر من الضوء، وتلتقط الأشعة تحت الحمراء التي ترد مباشرة من مختلف الأشياء، لتعكس درجة حرارتها. ويمكن القول إن الكاميرا الحرارية هي ميزان دقيق للحرارة أو «تيرمومتر» يمكنه التقاط الصور.

وبدأ تطوير تقنية التصوير الحراري في الجيش الأميركي، واستخدمت في عمليات الاستطلاع الجوي بعد الحرب العالمية الثانية وخلال الحرب الكورية في خمسينات القرن الـ20. ومع الوقت توسعت أغراضها لتشمل مساعدة رجال الإطفاء على الرؤية وسط الدخان، كما تستعين فرق البحث والإنقاذ بكاميرات التصوير الحراري في عملها.

وتتضمن الطرز الراقية من سيارات «مرسيدس» و«أودي» تقنية التصوير الحراري، لتتيح للسائقين رؤية المشاة والأخطار الأخرى في الأجواء المظلمة والضبابية، كما تستخدم لمراقبة الطيور والحيوانات البرية أثناء اختفائها في الأحراش الكثيفة.

وتتضمن تطبيقات التصوير الحراري رصد مواضع الانسداد أو التسريب في الأنابيب، كما يمكن الاستعانة بها في مقاومة الآفات، ورصد الفئران، وحتى أعشاش الدبابير داخل الجدران، نظراً لوجود توقيع خاص بكل حيوان بدرجة حرارته.

وأسهم السعر الباهظ لكاميرات التصوير الحراري في عدم انتشارها، فيما يؤشر تراجع أسعار الكاميرات الحرارية إلى إمكانية أن يستعين بها العاملون في مجالات متنوعة مثل السباكة وإصلاح أعطال الكهرباء، خصوصاً مع المساعي العديدة لدمجها في الهواتف الذكية من خلال إضافات تكلف مئات الدولارات بدلاً من سعر كاميرا التصوير الحراري الذي يصل إلى آلاف الدولارات.

وكشفت شركة «فلير سيستمز» Flir Systems المتخصصة في مجال التصوير الحراري، في يوليو الماضي، عن إضافة «فلير وان» Flir One لهواتف «آي فون» بسعر 349 دولاراً، وتتيح لشاشة الهاتف إظهار صور حرارية للأشخاص والحيوانات وأعمدة الإنارة، وغيرها من العناصر.

ويشير «فلير وان» إلى أنماط الحرارة باستخدام ألوان مختلفة، ويمكنه التصوير بصرف النظر عن إضاءة الغرفة أو المكان، ومثلاً يُمكن أن يظهر الجدار المعزول باللون الأزرق، في حين يظهر شخص أو الفراغ الذي يعلو باب الغرفة وتتسرب منه الحرارة بلونٍ برتقالي.

وفي الوقت نفسه، تخطط شركة «سيك ثيرمال»Seek Thermal خلال العام الجاري لبيع كاميرات إضافية للهاتف الذكي بسعر يقترب من 100 دولار (367 درهماً). وبدلاً من حافظة «فلير وان»، تبيع الشركة كاميرا حرارية صغيرة يمكن توصيلها بأسفل الهاتف الذكي، كما أنتج النموذج الأولي لكاميرا «سليك ثيرمال»، صوراً حرارية يمكن مضاهاتها بالصور التقليدية من خلال ميزة تقسيم شاشة الهاتف.

وتعكس هذه المنتجات مدى التقدم الحاصل في المستشعرات وتقنيات التصنيع، ما يمكن أن يسمح بدمج التصوير الحراري في العديد من المنتجات الاستهلاكية.

وقال رئيس شركة «ماكتك إنترناشيونال» للأبحاث المهتمة بمتابعة سوق التصوير الحراري، جابور فولوب، «يوجد حقاً تقدم كبير جداً»، لافتاً إلى دوره في دفع الصناعة.

وتستخدم تقنية التصوير الحراري بالفعل في أغراض تجارية، منها التعرف إلى فقدان درجات الحرارة من المباني، واكتشاف التسرب في أنابيب المياه، والارتفاع الزائد في درجات حرارة الأجهزة الكهربائية.

ويتوقع مسؤولون في الشركات المنتجة لتقنية التصوير الحراري أن يدفع تراجع أسعار الكاميرات وانتشارها مع الهواتف الذكية العديد من المهنيين كالسباكين، والكهربائيين لتبني التقنية في عملهم.

كما أشاروا إلى تطبيقات أخرى مثل العثور على الحيوانات الأليفة، ومراقبة الحياة البرية، وكشف مواضع التسرب، والكشف عن اقتراب دخلاء إلى أحد المخيمات والتحقق من بقاء نيران المخيم مشتعلة.

وأقر أحد مؤسسي «سيك ثيرمال» والرئيس التنفيذي للتكنولوجيا، بيل باريش، بصعوبة التنبؤ بالتطبيق الأهم والفائز.

وفي الأصل، استخدمت كاميرات التصوير الحراري الأولى، النيتروجين السائل لتبريد كشافاتها، التي تساعد على استشعار الفوارق الدقيقة في درجات الحرارة. ولاتزال تعتمد الكاميرات الحرارية المتقدمة المستخدمة في المجال العسكري والفضاء على النهج ذاته.

وفي مرحلة لاحقة، طور المصنعون مستشعرات أقل كلفة ولا تحتاج إلى تبريد يطلق عليها «بولوميتر مجهري» Microbolometer كحساس للأشعة تحت الحمراء يقيس الفروق غير الواضحة في درجات الحرارة، وتتوافر التقنيتان بفارق كبير في السعر.

وتبيع شركة «فلير»، التي تأسست عام 1978، الكاميرا المزودة بتبريد النيتروجين بسعر يراوح بين 50 ألف دولار ومليون دولار، وفي المقابل تبيع العديد من المنتجات غير المزودة بخاصية التبريد للأغراض التجارية ببضعة آلاف من الدولارت، حسب الرئيس التنفيذي للشركة أندي تيش، الذي لفت إلى أن تطوير «فلير وان» تطلب العديد من الابتكارات.

وخفضت شركة «فلير سيستمز» من كلفة التصنيع بتركيب العديد من المستشعرات الحرارية على رقائق «سيلكون» من ثماني بوصات، وجمعت العديد من المكونات المستخدمة لمعالجة صور الأشعة تحت الحمراء على رقاقة واحدة.

وتحمل الكاميرا الحرارية في «فلير وان» اسم «ليبتون» Lepton، ويجرى تسويقها إلى الشركات الأخرى المصنعة للعتاد.

ولا يمكن لكاميرات التصوير الحراري الرؤية عبر الجدران والزجاج أو داخل المنازل، لأن كل سطح يشع حرارته الخاصة، لكن بحسب اختلاف أنواع المواد، يمكن أن تظهر الحرارة خلف أو بجانب أحد الأسطح.

وقال تيم فيتزجيبونس، الذي أسس مع بيل باريش شركة «سيك ثيرمال»، «من الصعب جداً أن تختفي من التصوير الحراري، لا يمكنك الذهاب خلف أحد الأحراش، سوف تظهر».

من جهته، توقع الموظف في شركة «ماكتك إنترناشيونال»، جابور فولوب، أن تتضاعف سوق أجهزة التصوير الحراري التي لا تتوافر على خاصية التبريد، الذي بقي ثابتاً تقريباً بين عامي 2011 و2013، إلى نحو أربعة مليارات دولار بحلول عام 2019. وأشار المدير العام لشركة رايثيون فيجن سيستمز، ستيفان باور، إلى محاولة اللحاق بمكانة الكاميرات الرقمية، قائلاً «نحن خلف الكاميرات الرقمية، لكننا نلحق بالركب».

 

 

تويتر