اعتبرتها مدخلاً جديداً لتطوير وسائل إجراء الأبحاث والدراسات الاستقصائية

دراسة تؤكد إمكانات الهــــــواتف المحمولة في جمع البيانات

الهواتف تسمح بتسجيل المشاعر والاتجاهات بشكل فوري. رويترز

ربما لا يختلف كثيرون في اعتبار الهواتف المحمولة جزءاً أساسياً من الحياة اليومية لملايين الأشخاص حول العالم، بل من المتوقع أن يتجاوز عددها تعداد البشر بحلول عام 2014.

ومع نمو استخدام الهواتف الذكية والإنترنت، أضافت التطبيقات الكثير من الاستخدامات، فتجاوز الهاتف وظيفته الأولى، باعتباره أداة للاتصال ليعتمد عليه كثيرون للقراءة، والتعرف إلى الطقس، وحالة المرور، ومتابعة بعض العلامات الصحية، وربما يمكن وصفه بأكثر المنتجات التي ترافق الإنسان أينما ذهب، وطوال ساعات يومه.

وكان للاستخدام المتزايد للهواتف والأجهزة الإلكترونية الشخصية عموماً، أثره في الدراسات العلمية من ناحية الاستفادة منها في جمع البيانات على نطاقٍ واسع عبر الرسائل القصيرة، أو تطبيقات استطلاعات الرأي، إضافة إلى استغلال البيانات التي تسجلها أدوات الاستشعار المتوافرة في الهواتف الذكية عن درجة الحرارة والحركة، وغيرها.

ورأى فريق من الباحثين في انتشار الهواتف لهذه الدرجة، والتصاق الناس بها، مدخلاً جديداً لتطوير وسائل إجراء الأبحاث والدراسات الاستقصائية، فمن خلال البحوث المعتمدة على الهواتف المحمولة، يمكن الوصول إلى مجموعات أوسع من الناس، قد لا تشملهم استطلاعات الرأي المعتمدة على المقابلات أو الاستمارات المكتوبة، كما تتيح الهواتف متابعة المشاركين خلال وجودهم في أماكن وأوقات مختلفة، فتسجل أبراج الاتصالات المدى الذي يتحرك فيه الشخص، كما تحتفظ الهواتف بقدر كبير من البيانات.

وطور الفريق الذي تنتمي معظمه إلى جامعة «برنستون» في ولاية نيوجيرسي الأميركية، أساليباً تعتمد على الهواتف المحمولة لدراسة تأثير البيئة المحيطة في شعور الأفراد بالسعادة.

وشارك في الدراسة 270 متطوعاً من 13 بلداً، شملت الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، والصين، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وإسرائيل، واليابان، والنرويج، وكوريا الجنوبية، وإسبانيا، والسويد. وبهدف دراسة الارتباط بين الظروف المحيطة بالشخص ومستوى الرفاه، صمم الباحثون تطبيقاً للهواتف الذكية العاملة بنظام «أندرويد»، وبعد الحصول على موافقة المتطوعين، سجل التطبيق على مدى ثلاثة أسابيع وخلال أوقات مختلفة من اليوم، موقع الشخص اعتماداً على نظام تحديد المواقع العالمي «جي بي إس» والإشارات الصادرة عن أبراج الاتصالات. وخلال فترة الدراسة، طُلب من المتطوعين بشكل دوري تحديد مدى شعورهم بالسعادة، باختيار درجة تراوح بين صفر وخمسة.

وبحسب النتائج التي نُشرت في عدد يونيو من مجلة «ديموغرافي» الصادرة عن «الجمعية الأميركية للسكان»، وجد الباحثون أن الهواتف تسمح بالتقاط وتسجيل المعلومات بكفاءة، بسبب ارتباط المستخدمين بها في تنقلاتهم خلال معظم أوقات اليوم، كما رأى الفريق تميز الهواتف بإمكانية تسجيلها للمشاعر والاتجاهات بشكل فوري وسريع، ما يجعل تسجيلها أقرب إلى الدقة بدرجة تفوق المشاعر التي تُسجل بعد مضي فترة على حادثة معينة.

وركزت الدراسة على اختبار إمكانات الهواتف المحمولة في جمع البيانات، أكثر من محاولة التوصل لاستنتاجات عن العلاقة بين البيئة المحيطة والشعور بالسعادة.

واعتبر المؤلف الرئيس للبحث، جون بالمر، أن أحد أوجه القصور في الدراسة يكمن في عدم تمثيلها لجميع الناس، مشيراً إلى صعوبة تعميم النتائج لتُطبق على مزيد من الأشخاص خارج المتطوعين المشاركين.

وعلى الرغم من ذلك، توصل فريق البحث إلى بعض النتائج الأولية من بينها: ميل الذكور إلى القول بأنهم أقل سعادة أثناء وجودهم بعيداً عن منازلهم، في حين لم تُشر النتائج إلى وجود علاقة بين المسافة والشعور بالسعادة لدى الإناث.

ومن بين ما انتهت إليه الدراسة إمكانية أن تُسهِم البحوث التي تجرى باستخدام الهواتف المحمولة في تجاوز بعض قيود الدراسات الاستقصائية والإحصاءات التقليدية، فغالباً ما تُصنف الإحصاءات الجمهور ضمن حدود معينة استناداً إلى محل إقامتهم، على الرغم من تزايد حركة الناس وتنقلهم بين أماكن متعددة.

وقال «بالمر» الذي يعتزم استكمال الدراسة ضمن أطروحته للدكتوراه، إن «الناس يقضون أوقاتاً طويلة خارج المناطق المحددة في إحصاءات تعداد السكان»، لافتاً إلى فائدة الهواتف والتقنيات المماثلة في التوصل لنتائج أكثر دقة للدراسات التي تقيس العلاقة مع السياق المحيط.

تويتر