بعد الإعلان عن صفقة استحواذها على 2000 مهندس من «إتش تي سي» مقابل 1.1 مليار دولار

محلّلون: «غوغل» تستعد لما بعد الهواتف الذكية بـ «جيش إبداعي»

معظم المحللين رأوا أن الصفقة أكبر من مجرد تدعيم لهواتف «غوغل بيكسل» الذكية. من المصدر

أثار الإعلان عن صفقة استحواذ شركة «غوغل» على 2000 مهندس من شركة «إتش تي سي» التايوانية مقابل 1.1 مليار دولار، تساؤلات كثيرة عن سر هذه الصفقة، لكون الإعلان عنها جاء في توقيت يسبق بأيام قليلة موعد إطلاق الطرز الجديدة من هواتف «بيكسل» التي تتعاون الشركتان في إنتاجهما، كما تم التأكيد خلال الإعلان على أن الصفقة تتعلق بالاستحواذ على «المهندسين»، من دون الإشارة الصريحة لمصير المصانع وخطوط الانتاج، ما جعل الكثير من المحللين يرون أن الصفقة أكبر من مجرد تدعيم لهواتف «غوغل بيكسل» الذكية، بل تتجاوز ذلك إلى أهداف بعيدة المدى، ربما يكون من بينها المشاركة في بناء ما يسمى «جيش غوغل الإبداعي»، الذي تستعد الشركة به لمواجهة الموجة المقبلة من الحوسبة التي تلوح في الأفق، ويتوقع أنها ستدشن مرحلة ما بعد الهواتف الذكية.

زملاء المستقبل

وصدر الإعلان عن تلك الصفقة بصورة مشتركة ومتزامنة من قبل الشركتين، الخميس الماضي، حيث فهم من التفاصيل الواردة في الإعلان أن «غوغل» لم تشترِ «إتش تي سي» كلياً، أو حتى كل وحدة أعمال الهواتف الذكية على الطريقة التي استحوذت بها على شركة «موتورولا»، لكن بدلاً من ذلك استحوذت بفاعلية على وحدة «إتش تي سي بيكسل»، وتحديداً المهندسين والموظفين الذين يعملون لدى الشركة التايوانية، ويعملون بالفعل في «بيكسل»، ويقدر عددهم بنحو 2000 موظف. وبصورة منفصلة وقعت «غوغل» ايضاً على اتفاقية ترخيص غير حصرية على حقوق الملكية الفكرية الخاصة بشركة «إتش تي سي».

وفي اليوم نفسه، كتب نائب رئيس «غوغل» للمعدات والأجهزة، ريك أوسترلوه، في تدوينة على المدونة الرسمية لـ«غوعل» قال فيها إن «زملاء المستقبل من موظفي (غوغل) هم أشخاص مدهشون، وكنا نعمل معهم عن كثب بخطوط إنتاج هاتف (بيكسل) الذكي، ونحن متحمسون لرؤية ما يمكننا القيام به معاً كفريق واحد». من جهته، قال المحلل في مؤسسة «سي سي إس» للأبحاث، بين وود، إنه «لم يتم عرض أي تفاصيل تشير إلى ما إذا كانت (غوغل) ستستحوذ على أي من المصانع ضمن هذه الصفقة». وفي السياق ذاته، عبر محللو مؤسسة «ميريل لينش»، عن اعتقادهم بأن الصفقة لا تتضمن ذلك، وكتبوا ملاحظة للمتعاملين تفيد بأن «تفاصيل المنتج المتعلقة بهذه المعاملة معتمة وغير معروفة الى حد ما، إذ إنه ليس هناك ذكر للأصول التصنيعية»، مضيفين أن «(غوغل) تبدو راغبة بالاستمرار في الحصول على معدات التصنيع بطريقة التعهيد أو (الموارد الخارجية) بدلاً من بنائها بنفسها وامتلاكها».

سببان رئيسان

وبعد مجيء الإعلان على هذا النحو، تدفقت آراء الكثير من المحللين عبر مواقع تقنية عدة، تشرح وتحلل خلفيات تلك الصفقة. وأظهرت المراجعة التي أجرتها «الإمارات اليوم» للعديد من هذه الآراء، أن هناك سببين رئيسين أرجع إليهما معظم المحللين تفسيرهم للصفقة، الأول هو أن الصفقة تمثل حبل نجاة لـ«إتش تي سي» التي تعاني مادياً بشدة خلال السنوات الاخيرة، حيث إن الصفقة تساعدها على البقاء والاستمرار في سوق تصنيع الهواتف الذكية، فهي تؤكد أن شريكاً رئيساً لـ«غوغل» لن يلقى خارج المنافسة في تصنيع الأجهزة والمعدات.

أما السبب الثاني، فإن الصفقة تعني أن «غوغل» تستطيع القيام بإعادة تشكيل وهيكلة علامتها التجارية في مجال الهواتف الذكية، وهي هواتف «بيكسل»، وتجعلها أكثر تنافسية أمام الشركات الأخرى، مثل «أبل» و«سامسونغ»، في حين تعمل كنموذج مضيء لصناع الهواتف الذكية الآخرين لما يمكن أن يكون ممكناً على نظام التشغيل «أندرويد».

واعتبر المحللون أن الصفقة دلالة على أن «غوغل» جادة جداً بشأن طموحاتها في عالم الهواتف الذكية، وفي هواتف «بيكسل» تحديداً، وأنها تزمع المضي قدماً في هذا المجال رأساً برأس مع «أبل» و«سامسونغ». كما رأوا أن الصفقة تأكيد لبعض التلميحات السابقة الصادرة عن «غوغل»، والخاصة بأن طرزها الجديدة من «بيكسل» تنافس بشدة هواتف «غالكسي» من «سامسونغ»، وهواتف «آي فون» من «أبل».

أكبر من صفقة هواتف

وأشار كثير من المحللين، إلى أن هذا التحرك من قبل «غوغل» و«إتش تي سي» أكبر من كونه صفقة في مجال الهواتف الذكية، فبحسب بين وود، فإن «إتش تي سي» في مأزق، وتصارع بشدة أمام «سامسونغ» و«أبل» خلال السنوات الأخيرة بلا جدوى، ولم يكن أمامها سوى أن تنظر إلى إدارة الواقع التخيلي الموجودة لديها بصورة متصاعدة كجزء أساسي لمستقبلها.

لكنه أضاف أن «الشركة التايوانية، هي أصلاً شريك أساسي لـ(غوغل) منذ سنوات، وخلال الفترة الأخيرة بالذات مع هواتف (بيكسل) الذكية، ومن ثم كان طبيعياً أن تصبح (غوغل) قلقة حول مستقبل أعمال الهواتف في (إتش تي سي)، وبالتالي فهذا التحرك يمكن التعامل معه على أنه تحرك دفاعي مبكر من قبل (غوغل) التي باتت تشعر أنها تريد الحفاظ على منصة (بيكسل)، وربما أصبحت قلقة من احتمال أن واحداً من مورديها الأساسيين لم يعد بحالة جيدة، فكان قرارها الاستحواذ على الموارد البشرية العاملة في هذا الأمر، وجعلها تحت سيطرتها مباشرة».

ما بعد الهواتف

بدورها، قالت نائب رئيس مؤسسة «غارتنر» للأبحاث، أنيت زيمرمينت: «لنفترض أن الصفقة لم تتم، وهنا فإن (إتش تي سي) كان عليها الاستمرار في حرق الأموال خلال الفترة المقبلة، وفي نهاية المطاف لديها أعمال صغيرة جداً للقيام بها، وربما ستخرج من سوق الهواتف»، مضيفة أنه «بالموافقة على الصفقة فهي ترسل المعرفة الفنية الخاصة بهواتفها الذكية الى (وادي السيليكون)، الذي يعتبر على المدى القصير إنقاذ للأموال، لكنه بالتأكيد ليس استراتيجية بعيدة المدى لأعمال الهواتف المحمولة لدى الشركة».

وتابعت زيمرمينت: «قد يرى البعض أن الصفقة لتدعيم هواتف (بيكسل)، لكن بالنسبة لي الصفقة هدفها الأكبر يتمثل بضمان أن يظل نظام تشغيل (أندرويد) و(غوغل) نفسها في موقع الريادة داخل سياق موجة الحوسبة الوشيكة المقبلة، إذ إن التغيير يلوح في الأفق، وخلال العقد المقبل، ستخلي الهواتف المحمولة الساحة للميكروفونات الذكية، مثل (غوغل هوم) والنظارات الذكية، أو بعبارة أخرى تحتاج (غوغل) لأن تحافظ على موقعها الريادي في صناعة التقنية بأكثر مما تحتاج إلى تسويق (بيكسل)».

«جيش إبداعي»

وفي ضوء ذلك خلص المحللون إلى أن الصفقة تبدو كأنها جزء من إعداد مبكر «لجيش غوغل الإبداعي» الذي تستعد به لمرحلة ما بعد الهواتف الذكية. وفي هذا السياق، قال وود إن «استحواذ (غوغل) على مهندسي (إتش تي سي) يمكن أن يساعد في جعل هواتف (بيكسل) تنافس بصورة أفضل أمام الآخرين، لكن على المدى الطويل ستقع الصفقة في فجوة كبيرة داخل (غوغل)، لأنها تتطلع الى المنافسة في عالم خالٍ من الهواتف الذكية أصلاً، ولذلك ليس هناك معنى للصفقة سوى أن (غوغل) تجهز نفسها كلياً إلى عالم ما بعد الهواتف الذكية».

تويتر