تقنية جعلته يعمل ساعتين بدلاً من 40 ساعة أسبوعياً دون علم جهة العمل

مبرمج يصمّم برنامجاً يثير نقاشاً حاداً حول أخلاقيات «ميكنة الــوظيفة»

«ميكنة الوظيفة» أو «مكننة الوظيفة» يقصد بها استخدام الماكينة أو البرامج المتخصصة في أداء مهمة ما دون تدخل من الإنسان. أرشيفية

«أسابيع قليلة في الوظيفة كانت كافية لأعلم تفاصيلها وأسرارها، فكتبت برنامجاً لـ(ميكنة الوظيفة) بالكامل وتنفيذها بصورة آلية، وبالفعل أصبح البرنامج ينجز المطلوب مني إنجازه خلال 40 ساعة عمل أسبوعياً، خلال ساعتين فقط، دون أن يعلم صاحب العمل.. والحقيقة كان الدافع وراء ذلك رغبتي العارمة في أن يتوافر لديَّ وقت كافٍ لألهو مع ابني الصغير.. هل هذا عمل أخلاقي أم غير أخلاقي؟».

هذا موجز قصة واقعية، تضمنتها تدوينة كتبها مبرمج محترف على موقعين من أكبر المواقع المخصصة لنقاشات المبرمجين عالمياً، وعلى الفور أثارت نقاشاً حاداً انقسم خلاله مجتمع المبرمجين بين مؤيد ومعارض، للإقدام على «ميكنة الوظيفة» من وراء ظهر جهة العمل، (أي استخدام الماكينة أو البرامج المتخصصة في أداء مهمةٍ ما)، وما إذا كان ذلك سلوكاً أخلاقياً أم غير أخلاقي.

شعور بالذنب

«ميكنة الوظيفة» دون علم جهة العمل سلوك يقدم عليه بعض المحترفين والمبدعين.


مدير: 90% من وظيفتي «مميكنة»

كشف مبرمج يعمل في وظيفة مدير نظام بـ«ميكنة» العمل الذي يقوم به، وقال: «كمدير نظام، فإن 90% من وظيفتي (مميكنة)، وأنا متاح 24 ساعة يومياً، وسبعة أيام في الاسبوع، لأي خطأ أو عطل يحدث في النظام، وبخلاف ذلك، فأنا ألعب الألعاب الإلكترونية، وأشاهد الفيديو أثناء العمل، وهذا صحيح بالنسبة لأكثر مديري النظم الذين أعرفهم».

ظهرت هذه التدوينة، خلال الأسبوع الجاري، على موقعي: «ستاك أوفرفلو» stackoverflow.com و«هاكر نيوز» hackernews.com، في وقت لم يفصح فيه المبرمج، الذي كتب التدوينة عن هويته، لكنه كتب يقول إنه بدأ يشعر بالذنب لأنه بهدوء وبصورة سرية حول كل الوظيفة المطلوب منه القيام بها إلى أقل من ساعتي عمل في الأسبوع، بعد أن كتب نصاً برمجياً (سكريبت) ينوب عنه بكل هذه الوظيفة التي يقوم بها من المنزل، ولم يقل لمديره أي شيء عنها، ويخاف إذا ما كشف عن هذه النصوص البرمجية أن يطرد من عمله، ليس بسبب السلوك غير الأخلاقي، لكن لأن الشركة ستستخدم البرنامج بدلاً منه، ولا تحتاج إليه.

واعترف المبرمج كذلك بأنه غطى على فعلته، بإدخال بعض الأخطاء والعيوب البسيطة على العمل، ليبدو كأنه تم بواسطة بشر، وليس عن طريق برنامج كمبيوتر.

سلوك غير أخلاقي

يعرف العاملون في تقنية المعلومات أن فكرة «ميكنة الوظيفة» من وراء ظهر جهة العمل، سلوك يقدم عليه العديد من المحترفين والمبدعين، ومسكوت عنه في معظم الأحيان، لكن ذلك لا ينفي أنه من عوامل «وخز الضمير» للكثيرين، لذلك انفجرت المناقشة حوله بمجرد كتابة هذه التدوينة، إذ اعتبر معظم الذين علقوا في موقع «ستاك أوفرفلو» أن «ميكنة الوظيفة» من خلف ظهر جهة العمل تعد أمراً غير أخلاقي، ووصفه أحد الاشخاص بأنه نوع من الاحتيال على صاحب العمل، ووجه حديثه لصاحب القصة، قائلاً: «أنت تعمل بين ساعة وساعتين في الأسبوع، وتعمل من المنزل وتلهو مع ابنك، لكنك تحصل على أجر 40 ساعة، وكتبت البرنامج منذ ستة أشهر، ولم تقل لصاحب العمل شيئاً عنه بَعْدُ».

اعتراف جديد

واعترف مبرمج آخر، خلال النقاش، أنه قام ذات مرة بـ«ميكنة» وظيفته بصورة مماثلة لتلك، لكن صاحب العمل كان على علم بذلك، وكتب قائلاً: «في حالتي كانت لديَّ وظيفة إدخال بيانات لا تحتاج جهداً عقلياً، وهي مضمونة لمدة ستة أشهر، وبدلاً من ذلك قمت بـ(ميكنة) العملية، وأفصحت عن ذلك علانية لصاحب العمل، والآن أنا موجود في الإدارة التي تناسب قدراتي ومواهبي». واتفقت معظم تعليقات المعارضين لهذا السلوك على أن المبرمج صاحب القضية، كان عليه أن يفصح لصاحب العمل عن البرنامج الذي كتبه.

مؤيدون لـ«الميكنة»

أما التعليقات في موقع «هاكر نيوز»، فقد اتخذت اتجاهاً مختلفاً، إذ إن العديد من المشاركين جادلوا بأنه طالما أن الشركة تحصل على ما تدفع من أجله، فلا يهم الوقت الذي استغرقه هذا الشخص في القيام بوظيفته.

وكتب أحدهم: «لا أعتقد أن هناك اعتبارات أخلاقية هنا، فهي علاقة تبادلية، والإنتاج تم تقديمه مقابل الأجر المدفوع، ونحن نعلم أنه إذا كانت الشركة تستطيع الحصول على هذه الوظيفة بكلفة أرخص بطريقة مختلفة، فستفعل ذلك وستستغني عن الموظف؟».

وكشف مبرمج آخر عن أنه كان في موقف مشابه، وهو يبني صفحات «ويب»، وأنه عانى تداعيات ذلك، قائلاً: «أصحاب العمل عرضوا أن يدفعوا لي بالساعة، لكنني تفاوضت على الدفع بالصفحة، وبالطبع قمت بميكنة الوظيفة، وغضبوا من ذلك، على الرغم من أنهم حصلوا على النتيجة نفسها مقابل المبلغ نفسه من المال، مع أننا اتفقنا منذ البداية على القيام بالأمر مقابل المخرجات، وليس مقابل الوقت».

بدوره، أشار شخص آخر إلى أن هناك مجالات كاملة من تقنية المعلومات تحكمها الميكنة، وقال: «أنا أعرف عدداً كبيراً جداً من مديري النظم، قاموا بميكنة معظم أعمالهم، ويكتفون فقط بالملاحظة والمراقبة، ولم ينتقدهم أحد على ذلك، وفي الحقيقة هي ممارسة جيدة».

تويتر