بعد 20 عاماً من انطلاقه ورغم أنه شكل إحدى العلامات البارزة في مسيرة الصناعة عالمياً

إلغاء «منتدى إنتل للمطورين» أكبر تجمع لصناعة الحاسبات الشخصية

«إنتل» أكدت أنها طوّرت محفظة أحداثها وقررت إحالة برنامج «آي دي إف» للتقاعد. من المصدر

أعلنت شركة «إنتل»، عملاق صناعة المعالجات الدقيقة والشرائح الإلكترونية المخصصة للحاسبات الشخصية والخادمة، في قرار مفاجئ أخيراً، عن شطب برنامج مؤتمراتها الشهير، المعروف باسم منتدى إنتل للمطورين «آي دي إف».

القرار يعكس انتقال الشركة من التركيز على الحاسبات إلى البيانات.

الشركة ستتجه إلى تنظيم مؤتمرات أصغر أكثر تخصصاً وعمقاً.


تراجع المبيعات

تراجعت مبيعات «لينوفو» من الحاسبات الشخصية، التي تصنفها «آي دي سي» في المركز الأول بالسوق، بنسبة 3% في 2016، مقارنة بعام 2015، فيما تقدمت مبيعات «اتش بي»، التي تحتل المركز الثاني بنسبة 1.3%، وتحسنت مبيعات «ديل» المصنفة في المركز الثالث بنسبة 4.3%.

وهبطت مبيعات «أبل» بنسبة 9.8%، وجاء إطلاق الطراز الجديد من «ماك برو» ليقلل من خسائرها. وتمثل السنوات الخمس الأخيرة نصف عقد من الانكماش في هذه السوق، ولا تتوافر أي دلائل على أنه سيتوقف أو يتراجع لتعاود السوق التوسع من جديد.

وكان المنتدى يتضمن عقد سلسلة من المنتديات الكبرى تحت هذا الاسم سنوياً في العديد من مناطق العالم، وأهمها على الإطلاق «منتدى إنتل للمطورين» بسان فرانسيسكو، الذي تنظمه الشركة بانتظام منذ 20 عاماً، وكان يعد من العلامات البارزة في مسيرة تطور صناعة الحاسبات الشخصية عالمياً.

وقالت الشركة إن القرار يعني إلغاء كل من «آي دي إف سان فرانسيسكو»، الذي كان مقرراً عقده خلال الفترة من 15 إلى 17 أغسطس المقبل، و«آي دي إف الصين»، الذي كان مقرراً له أن يعقد بمدينة شنغهاي، وكذلك أي مؤتمرات أخرى صغيرة كان مقرراً عقدها تحت الاسم نفسه في أي مكان آخر بالعالم.

بيان مقتضب

ونشرت «إنتل» هذا القرار في بيان مقتضب على موقعها، أكدت فيه أنها «طورت محفظة أحداثها، وقررت إحالة برنامج (آي دي إف) للتقاعد من الآن فصاعداً، ونشكركم لمشاركتكم في هذا الحدث لمدة 20 عاماً». وأشارت الشركة إلى أن لديها عدداً من الموارد المتاحة على موقعها، تتضمن مركز التصميم والموارد المزود بالوثائق والأدوات والبرمجيات للمصممين والمبرمجين والمطورين، لافتة إلى أن متعامليها وشركاءها ومطوريها كالمعتاد يمكنهم الوصول والرجوع إلى ممثليهم من «إنتل» للإجابة عن أية تساؤلات.

وكان «منتدى إنتل للمطورين» هو الحدث الذي تطلق فيه الشركة منتجاتها الجديدة، وتعلن فيه عن ما تقوم به من تطوير وتحديث في مجالات تمتد من وحدات المعالجة الرئيسة، مثل «سكاي ليك» و«كابي ليك»، إلى منتجات التخزين، مثل «اوبتين»، إلى الشبكات مثل «أومني باث».

وطوال 20 عاماً حقق «آي دي إف» صفة الدورية، وكان يحضره مئات المتحدثين، ويتناولون العديد من القضايا المهمة، وكان فرصة لـ«إنتل» لعرض كل ما لديها من أشياء عالية الكفاءة على المنضدة، فيما جميع المتعاملين من مختلف الأطراف موجودون للتعرف والمشاهدة والنقاش والإدلاء بالرأي والقبول والرفض.

الدورة المقبلة

وقبل فترة، قالت «إنتل» في بيان، إنها «تجري تغييرات على (منتدى إنتل للمطورين)، وهذه التغييرات ستجعل الدورة المقبلة من المنتدى مختلفة، وفي شكل جديد».

واعتبر الجميع أن الشركة قررت تطوير أداء منتدياتها للتوافق مع المستجدات في الصناعة، وبدأت الاستعدادات للمشاركة كما هو الحال كل عام، بعدما ظهر «منتدى إنتل للمطورين» ضمن أجندة «مركز مؤتمرات موسكو»، في سان فرانسيسكو، وهو المكان الذي يعقد فيه هذا المؤتمر سنوياً. وفجأة عادت «إنتل» لتقول إنها أعادت هيكلة وتجديد استراتيجيتها الخاصة بالمؤتمرات والمنتديات، وشطبت منها المنتدى كلية.

وتناول تقرير موسع لموقع «بيزنس انسايدر» business insider.com قرار «إنتل» بالتحليل من جوانبه المختلفة. واعتبر التقرير أن إلغاء برنامج منتديات ومؤتمرات في حجم وأهمية منتدى «آي دي إف»، يعكس علامة مؤكدة على بداية زوال صناعة الحاسبات الشخصية، وتحولها إلى صناعة هامشية مستقبلاً، وغير جديرة بأن تركز عليها شركة «إنتل»، التي حملت رايتها، وكانت القلب النابض بالنسبة لها طوال أكثر من خمسة عقود. فالقرار يعني أن «إنتل» اتخذت قراراً استراتيجياً بأن صناعة الحاسبات الشخصية لم تعد هي محور تركيزها الأساسي، بل انتقلت لتصبح شيئاً فرعياً في اهتماماتها المستقبلية، لتحل محلها اتجاهات أخرى، حددها متحدث من «إنتل» بالذكاء الاصطناعي والاتصالات اللاسلكية والقيادة الذاتية للسيارات، أو كل ما يمت للتشغيل الذاتي للأجهزة والمعدات بصلة، وهو ما يعرف إجمالاً بـ«إنترنت الأشياء».

سوق الحاسبات

والسبب الأول وراء ذلك، كان استمرار سوق الحاسبات الشخصية في التقلص والانكماش بدرجة ملحوظة للعام الخامس على التوالي. وفى هذا السياق، أفادت أحدث بيانات صادرة عن مؤسسة «آي دي سي» المتخصصة في سوق تقنية المعلومات بأنه تم خلال 2016 شحن 260 مليون حاسب شخصي، بانخفاض 5.7% عن عام 2015، وهو خامس انخفاض من نوعه على التوالي. وبلغ حجم الانخفاض خلال الربع الرابع لعام 2016 نحو 1.5%، مقارنة بالفترة نفسها في عام 2015.وأرجعت المؤسسة انكماش سوق الحاسبات الشخصية إلى انتشار الهواتف المحمولة والحاسبات اللوحية، وخطفها للأنظار والأضواء من الحاسبات الشخصية، فضلاً عن أن الحاسبات الشخصية المحمولة والمكتبية لم تتغير كثيراً. وفي ظل عدم ظهور إبداعات جديدة لتحفيز المشتريات، فضل المستخدمون الاحتفاظ بما لديهم من حاسبات مكتبية وشخصية لمدد أطول.

وباعتبارها شركة رائدة وقائمة على الإبداع بالأساس، كان لابد لـ«إنتل» أن تتحرك لما وراء التركيز على الحاسبات الشخصية والخادمة، وبدأت بالفعل تتغير داخلياً وبسرعة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، من شركة تركز على الحاسبات الشخصية والخادمة إلى شركة تركز على البيانات.

وهذا التوجه انعكس فعلياً في «منتدى إنتل للمطورين»، الذي بات يتطرق للكثير من التوجهات الجديدة غير المترابطة مع رسالته الأساسية في خدمة صناعة الحاسبات الشخصية، فقد تناول «آي دي إف» أشياء في الذكاء الاصطناعي والتخزين و«إنترنت الأشياء» والاتصالات اللاسلكية والسيارات وغيرها.

وشعرت «إنتل» بأن المنتدى لم يعد قادراً على تلبية أو التوافق مع كل هذا التنويع في المسارات، فقررت إلغاءه.

وفي هذا السياق، قالت «إنتل» لـ«بيزنس انسايدر» إن «الشركة ستتجه إلى تنظيم مؤتمرات أصغر، لكنها أكثر تركيزاً وتخصصاً وعمقاً، مع زيادة حضورها في المعارض التجارية والمؤتمرات والأحداث الأخرى، بجانب تكثيف البحث عن طرق جديدة للتواصل مع الجمهور من المطورين والإعلام والشركات». وأشارت إلى أنها بدأت بالفعل القيام بذلك في بعض الأحداث، مثل «يوم الذكاء الاصطناعي»، و«يوم التصنيع»، و«يوم المستثمرين».

تويتر