أبرزها تخوف الحكومة اليابانية من إضرارها بالأمن القومي لنقل أسرار تقنية «ناند الفلاشية» إلى خارج البلاد

3 تطورات «تجمد» بيع وحدة أشباه الموصلات في «تــوشيبا»

تعد وحدة أشباه الموصلات وشرائح الذاكرة الوحدة الأكثر ربحاً واستقراراً في «توشيبا». من المصدر

دخلت صفقة بيع وحدة «توشيبا» لتصنيع أشباه الموصلات وشرائح الذاكرة، أخيراً، في حالة جديدة من الغموض، بفعل ثلاثة تطورات مهمة، جعلت الصفقة في حكم «المتجمدة»، أولها أن الحكومة اليابانية أعلنت صراحة تخوفها من أن تؤدي هذه الصفقة إلى الإضرار بالأمن القومي، لكونها تنقل الأسرار المعرفية لتقنية «ناند الفلاشية» إلى خارج اليابان، فيما كان التطور الثاني دخول شركة «أبل» على الخط بعد تواتر أنباء عن أنها تفكر في استثمار بضعة مليارات من الدولارات في هذه الصفقة، بينما تمثل التطور الثالث بأن شركة «ويسترن ديجيتال»، شريكة الأعمال المهمة لـ«توشيبا» في هذا المجال، اعتبرت البيع «خرقاً خطراً» لاتفاقية الشراكة بينهما.

حصة الأغلبية

أفادت مجلة «نيكي آسيان ريفيو»، اليابانية، عندما أعلنت شركة «توشيبا» رسمياً في يناير الماضي بيع جزء من وحدة أعمال أشباه الموصلات وصناعة الذاكرة، بأن الشركة ربما تبيع حصة قدرها 20% مقابل ما يراوح بين 1.77 و2.65 مليار دولار، على أن تحتفظ بحصة الأغلبية لنفسها، ومن ثم تجعل وحدة أعمال أشباه الموصلات وشرائح الذاكرة شركة جديدة في القطاع الذي يحقق أرباحاً كبيرة.

عروض الشراء تراوح بين 18 و27 مليار دولار.. و«أبل» تدخل على الخط.

«ويسترن ديجيتال» تعتبر البيع «خرقاً خطراً» لاتفاق الشراكة مع «توشيبا».

4 : شركات قدمت عروضاً لشراء وحدة أشباه الموصلات في «توشيبا».

أزمة مالية

وتعود هذه الصفقة المثيرة للاهتمام إلى يناير الماضي، حينما أعلنت «توشيبا» رسمياً أنها تبحث بيع جزء من وحدة أعمال أشباه الموصلات وصناعة الذاكرة، من بينها وحدة تصنيع وحدات التخزين الإلكترونية «إس إس دي» وإدارة حلول الأجهزة الإلكترونية، حتى تستطيع مواجهة الأزمة المالية التي تعيشها، جراء الخسارة الهائلة التي تكبدتها بعد شراء وحدة توليد طاقة نووية في أميركا، حيث فقدت الشركة بسبب ذلك نحو من 6.56 مليارات دولار، فضلاً عن الفضيحة المحاسبية التي تكشفت داخل الشركة، وبلغت قيمتها 1.9 مليار دولار، وهي مشكلات جعلت الملاءة المالية لـ«توشيبا» وقدرتها على جمع الأموال محل شك في الآونة الأخيرة، ولذلك تأمل في أن تتخلص من جزء من هذه الخسارة بعملية البيع.

الأكثر ربحاً

وتعد وحدة أشباه الموصلات وشرائح الذاكرة، الوحدة الإنتاجية الأكثر ربحاً واستقراراً، ولذلك ما إن أعلنت «توشيبا» عن نيتها للبيع حتى تداعت الشركات الأخرى في سوق صناعة اشباه الموصلات للفوز بالصفقة، وأصبح الأمر أشبه بـ«الضواري المفترسة التي تحوم حول أوزة ذهبية»، وفقاً لتقرير أصدرته، أخيراً، مؤسسة «دي رام إكستشينغ» dramexchange.com المتخصصة في بحوث سوق الشرائح الإلكترونية وأشباه الموصلات في جنوب شرق آسيا.

العروض المقدمة

وذكر التقرير، أنه منذ يناير الماضي وحتى الآن تبلورت أربعة عروض شراء، مقدمة من شركات: «هون هاي»، و«برود كوم»، و«هاينكس»، و«ويسترن ديجيتال»، مشيراً إلى أن أقل عرض معلن عنه كان عرض «برود كوم»، التي عرضت الشراء مقابل 18 مليار دولار، بينما كان أعلى عرض من «هون هاي» بقيمة 27 مليار دولار.

وأفاد تقرير «دي رام إكستشينغ» بأن «توشيبا» عملت على تضييق الفروق بين العروض، وصولاً إلى السعر المناسب وأفضل الشروط التي تحقق أهدافها من الصفقة ككل، لكن في الآونة الأخيرة تعقدت مجريات الصفقة على نحو سريع، وأصبحت في حكم «المتجمدة»، موضحاً أن ذلك يرجع في المقام الأول إلى أن «ويسترن ديجيتال» اعتبرت العروض المعلنة بأنها تتجاوز كثيراً القيمة العادلة والداعمة الموجودة في وحدة أعمال «توشيبا» لأشباه الموصلات وشرائح الذاكرة، ثم عادت واعترضت على مبدأ البيع أصلاً، معتبرة أن ذلك يعد «خرقاً جوهرياً» لاتفاق الشراكة المبرم بينها وبين «توشيبا»، الذي يعد مشروع «تحالف الفلاش» أحد أهم أركانه.

وأرسلت «ويسترن ديجيتال»، الأسبوع الماضي، خطاباً رسمياً لـ«توشيبا» بهذا المعنى، وطالبتها بأن اتفاق الشراكة بينهما يمنحها حق الحصول على «حقوق حصرية» في صفقة البيع الجارية.

قلق حكومي

وأشار التقرير إلى أن تعقيدات العلاقة بين «توشيبا» و«ويسترن ديجيتال» لم تكن الشيء الوحيد الذي واجه الصفقة، فقد أعربت الحكومة اليابانية عن قلقها من الصفقة لكونها تنقل الأسرار المعرفية لإحدى التقنيات الرائدة في صناعة أشباه الموصلات إلى خارج اليابان، بعد أن كانت مملوكة لـ«توشيبا». وجاء ذلك في إشارة إلى تقنية «ناند الفلاشية» التي اخترعتها «توشيبا» في ثمانينات القرن الماضي، ولاتزال تقنية منتشرة عالمياً في صناعة شرائح الذاكرة، فضلاً عن أسرار معرفية أخرى، تعتبر الحكومة اليابانية أن انتقالها خارج البلاد يعد أمراً مقلقاً.

وفي رد فعل على هذه المخاوف، ذكرت شركة «هون هاي» أنها ستعدل عرضها ليتضمن الاستحواذ على حصة قدرها 30% فقط من ملكية وحدة أشباه الموصلات وشرائح الذاكرة في «توشيبا»، على أن يترك الباقي لشركات يابانية للاستثمار فيه، وذلك كتهدئة لمخاوف الحكومة اليابانية من النتائج المترتبة على البيع بصورة تامة.

«أبل» وشركاؤها

وجاء في تقرير «دي رام إكستشينغ»، أن من التطورات التي زادت من سخونة الموقف، دخول شركة «أبل» على خط الصفقة، فقد أعلن التلفزيون الياباني الرسمي أن «أبل» تفكر في ضخ بضعة مليارات من الدولارات كاستثمار في وحدة «توشيبا». وفي يوم الإعلان عن ذلك تعافت أسهم «توشيبا» قليلاً، لكن متحدثاً باسم «توشيبا» رفض التعليق على الأمر، ما جعل الأسهم تتراجع بعد ذلك على الفور بنسبة 4.8%.

وأوضح التقرير أن الإثارة في دخول «أبل» على خط الشراء لا تتمثل فقط في القوة الشرائية المتاحة لـ«أبل» وما تمتلكه من سيولة نقدية يمكن أن تشكل مخرجاً لـ«توشيبا» من أزمتها المالية الخانقة فحسب، بل تمثلت أيضاً في أن «أبل» ستشترك مع موردها الصيني «فوكس كون» في عملية الشراء، وهو أمر سيثير حساسية الحكومة اليابانية ويزيد من مخاوفها.

تويتر