2017.. عام عودة الانتعاش إلى سوق تقنية المعلومات (3 ــ 4)

الحوسبة السحابية تشهد إنفاقاً متزايداً..وآلية «أوف شور» في العمل تتراجع تـدريجياً

توقعات بأن تشهد حركة المرور والإقبال على مراكز البيانات السحابية طفرة خلال عام 2017 وما بعده. أرشيفية

في هذا الجزء من المراجعة الموسعة الخاصة بما سيكون عليه حال تقنية المعلومات في عام 2017، تركز «الإمارات اليوم» على نقطتين: الأولى هي طبيعة الإنفاق على الحوسبة السحابية خلال العام المقبل، باعتبارها المجال المتوقع أن يستحوذ على الشريحة الكبرى من إجمالي الإنفاق على تقنية المعلومات في العام الجديد بنصيب يقدر بنحو34%، والثانية هي الحالة المتوقعة لظاهرة «أوف شور»، أو هجرة وانتقال الوظائف خارج حدود الدول إلى بقية دول العالم، والتي تعد من أبرز الظواهر المتعلقة بسوق العمل في تقنية المعلومات، ويتوقع أن تشهد هدوءاً، وربما انكساراً وتراجعاً تدريجياً في عام 2017.

إنفاق متوقع

أما في ما يتعلق بالحوسبة السحابية، فقد صدر تقرير عن «مؤسسة 451 البحثية» بعنوان «صوت المؤسسات: الاستضافة وإدارة خدمات الحوسبة السحابية في 2017»، والذي استند إلى استطلاع رأي، تم خلاله مسح رأي 580 متخصصاً ومحترفاً حول العالم، جنباً الى جنب مع معلومات ومقابلات مع نخبة مكونة من 45 ألفاً من كبار المشترين ومديري التقنية التنفيذيين في المؤسسات.

وأولى الملاحظات في هذه النقطة، أنه إذا كان الإنفاق المتوقع على تقنية المعلومات في عام 2017 سيبلغ ثلاثة تريليونات و486 مليار دولار، فإن 34% من هذا المبلغ يتوقع أن ينفق على الحوسبة السحابية في صورة ميزانيات للاستضافة، وخدمات الحوسبة السحابية، واستثمارات في مراكز بيانات وبنى تحتية وتطبيقات وعمليات تشغيل.

وتوقع التقرير أن يختلف التوزيع المتوقع للإنفاق على العناصر المختلفة للحوسبة السحابية، إذ ستحصل خدمات البنية التحتية على 31% من الميزانيات المخصصة للحوسبة السحابية، فيما تحصل خدمات التطبيقات على 42%، والخدمات المدارة على 14%، وخدمات أمن المعلومات على 9%، والخدمات الاحترافية المتخصصة في التمكين للحوسبة السحابية على نسبة 3%.

خدمات السحابة

وتوقع مسح رأي المتخصصين والمحترفين أن 69% من المتعاملين وأصحاب الأعمال سيحصلون على خدمات الحوسبة السحابية من الموفرين الكبار، والسحابات التقنية الشائعة الكبرى، مثل «سحابة أمازون»، و«سحابة أبل» و«سحابة غوغل» وغيرها، في حين ستحصل نسبة 26% من أصحاب الاعمال على الخدمات السحابية من شركات وجهات أصغر غير معروفة جماهيرياً، والتي تقدم خدمات مجمعة وخدمات مدارة وخدمات متخصصة، وتعتبر خارج نادي العمالقة.

كما أظهرت التوقعات أن حركة المرور والإقبال على مراكز البيانات السحابية ستشهد طفرة خلال عام 2017 وما بعده، لتواصل النمو بمعدلات مرتفعة حتى تصل إلى 262% في عام 2020، مقارنة بما هي عليه الآن، وذلك بسبب تزايد الانتقال الى البنية المعمارية السحابية بهذه المراكز، والقدرة على التوسع السريع، ودعم المزيد من أعباء الأعمال مقارنة بالبيانات التقليدية.

سوق العمل

وفي المسار أو النقطة الخاصة بسوق العمل في تقنية المعلومات عام 2017، كان التوقع الأبرز الذي تشير إليه العديد من التقارير والدراسات أن عام 2017 سيشهد بداية هدوء وربما انكسار وتراجع في ظاهرة انتقال الوظائف خارج الحدود، فيما يعرف بظاهرة «أوف شور»، وفي نهاية العام ستكون هذه الظاهرة قد اكتسبت مظهراً جديداً، يعمل هو الآخر على إضفاء مزيد من التغيير على ظاهرة العولمة.

ويكتسب هذا التوقع أهميته من أن ظاهرة الأعمال خارج الحدود أدت إلى إلغاء أعداد ضخمة من الوظائف في سوق العمل بأميركا الشمالية وأوروبا خلال السنوات الـ15 الماضية.

ويقدر تقرير صادر عن «مجموعة هاكيت البحثية» أن يبلغ عدد الوظائف الملغاة في عام 2017 نحو 1.5 مليون وظيفة، كعدد تراكمي عن السنوات الـ15 المشار إليها، وهذا الرقم يعادل نصف الوظائف التي كانت قائمة في أميركا الشمالية وأوروبا في عام 2002.

ومن بين العدد الكبير للوظائف الملغاة، هناك 63 ألف وظيفة ستفقد في عام 2017 فقط، بسبب الزيادة الطفيفة المتوقعة في النمو الاقتصادي.

ويؤكد تقرير المؤسسة البحثية أن تقنية المعلومات لعبت دوراً مهماً وبارزاً في هذه الظاهرة، من خلال الادوات والتقنيات التي أدت إلى تحقيق تحسينات في الانتاجية، وقدرة على العمل من بعد، والنمو المتباطئ لبيئة الأعمال.

تراجع «أوف شور»

في ضوء هذه التوقعات، يخلص التقرير إلى أن سوق العمل في تقنية المعلومات ستشهد بداية تراجع ظاهرة الأعمال خارج الحدود «أوف شور»، وربما يدعم ذلك، التوجهات المتوقعة التي يمكن أن تستند إليها إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، الذي أعلن صراحة معارضته لمثل هذا التوجه، ودعا بوضوح إلى معاقبة شركة «أبل» الأميركية على توجهها نحو بناء مصانع جديدة في الصين.

وبحسب التوقعات الواردة في هذا التقرير وغيره من التقارير الاخرى، فإن الوظائف التي ستتأثر بهذا التغيير تقع في مجال صيانة وتطوير التطبيقات، ووظائف دعم البنية التحتية، والتي ستعود من خارج الحدود إلى بلدانها الأصلية مرة أخرى، أو على الأقل لن تشهد مزيداً من البحث عنها بالخارج.

عودة تدريجية

غير أن التقرير عاد إلى التأكيد بوضوح على أن مثل هذه العودة لوظائف التقنية إلى داخل الحدود لن تحدث فجأة أو على نطاق واسع، بل بصورة تدريجية بطيئة، لأنه نادراً ما تعود الوظائف التي انتقلت إلى الخارج، فضلاً عن أن هناك نقصاً واضحاً في المواهب والكفاءات المطلوبة لشغل وظائف تقنية المعلومات داخل أسواق العمل أو داخل الحدود، ومن ثم سيظل البحث عنها في الخارج «أوف شور» قائماً، كما أن استمرار سوق عمل تقنية المعلومات في استخدام نموذج خدمات الأعمال العالمية، ونهج الخدمات المشتركة لدعم مجموعة متكاملة من خدمات النظم الخلفية، بما فيها تقنية المعلومات والتمويل والموارد البشرية، هو النموذج الذي أثبت خلال السنوات الـ15 الماضية أنه يحقق وفراً في الكلفة للشركات الأم، يصل الى 30% في السنة الأولى لتطبيقه، ثم يبلغ 6% سنوياً في السنوات التالية.

نمط جديد للعولمة

في النهاية، اعتبر تقرير «مجموعة هاكيت البحثية» أن هذا التطور المنتظر واللافت للنظر، يعبر عن مستوى أعلى من النضج في سوق عمل تقنية المعلومات عالمياً، ولا يعتبر أنه مظهر دالٌّ على أن ظاهرة العولمة، والتي تعد سوق العمل المفتوحة خارج الحدود أبرز معالمها، قد تراجعت أو ستتلاشى، بل على العكس تماماً، فإنها تدخل في مرحلة جديدة وتتجه لأن تنشئ نموذجاً أكثر عقلانية وواقعية في التعامل مع مصادر القوى العاملة، من حيث الكلفة والتأهيل. وستعتمد بصورة أكبر على «الميكنة»، وإحلال الـ«روبوت» محل الإنسان، بما يوفر خدمات أكثر عولمة، ويجعل الاقتصاد العالمي وسوق العمل أكثر عولمة، ولكن بأدوات مختلفة عما ساد خلال الـ15 سنة الماضية.

تويتر