رخيصة الكلفة.. ويتم تطويرها خلال فترة زمنية قليلة

«بوتس».. روبوتات برمجية تتولى الوظائف البسيطة والمتكررة بديلاً عن البشر

الروبوتات البرمجية غيرت الصورة النمطية عن الروبوت المصنوع من الهيكل المعدني والمفاصل الميكانيكية. من المصدر

لن تظل الهيئة المعدنية المليئة بالمفاصل الميكانيكية الشهيرة والرأس ذي الشكل الهندسي، والصوت المميز، المكونات التي تصنع الصورة الذهنية المتعارف عليها للروبوت أو الإنسان الآلي، فخلال الأشهر الأخيرة المنقضية، بدأ ينتشر في عالم تقنية المعلومات نوع جديد من الروبوتات هو «الروبوتات البرمجية» أو الـ«بوتس»، التي ظهرت على استحياء منذ ثلاث سنوات على الأقل، لكنها اليوم وبعد خطوتين مهمتين من جانب شركتي «فيس بوك» و«مايكروسوفت» لدعمها ونشرها، بدأت تتحول إلى توجه ثوري واعد في تقنية المعلومات.

نمو متسارع

تحقق الروبوتات البرمجية نمواً متسارعاً، فطبقاً لتقرير نشرته مؤسسة بحوث سوق الشفافية، فإن الحجم المتوقع لسوق تقنية معلومات ميكنة الروبوت يبلغ 4.98 مليارات دولار بحلول عام 2020، وهو حجم أعلى مما كان قائماً عليه في عام 2016 بنحو 60.5%.

ويقف وراء ذلك، ما تنجزه من فوائد عملية محسوسة من قبل الشركات والمؤسسات والأفراد على السواء، فهي تحاول ببساطة أن تغير المعادلة القائمة التي يضيع فيها 80% من جهد تقنيي المعلومات على العمل اليومي المنخفض القدرة والمستوى، ويخصص من جهدهم العقلي 20% للإبداع.

وتعمل الروبوتات البرمجية بنجاح ملحوظ على تغيير هذه المعادلة، والأخذ من وقت العمليات المكررة البسيطة، لمصلحة عمليات الإبداع المتفردة المعقدة، وهذا يرفع الإنتاجية بصورة ملحوظة، ويشكل حافزاً للتوسع في الإقبال على الروبوتات البرمجية.

تقوم فكرة الروبوتات البرمجية، في الأساس، على أن تتولى الوظائف «البسيطة المتكررة» المملة والروتينية، لتنجزها في وقت أسرع وبمعدلات أكبر، وتترك للبشر الوظائف «المعقدة» التي تحتاج عقلاً مبدعاً، بما يقلب أو يغير المعادلة الحالية التي ينفق فيها المتخصصون في تقنية المعلومات 80% من وقتهم على البسيط والمكرر، والـ20% الباقية على المتفرد والمعقد، ويصبح الجزء الأكبر من جهد العقل البشري مخصصاً للإبداع لا للتكرار.

روبوتات برمجية

نشر موقع computerworld.com تحليلاً مطولاً في 17 أكتوبر الجاري، يناقش فيه ظاهرة الـ«بوتس» أو الروبوتات البرمجية، والمستوى الذي وصلت إليه من الانتشار داخل الأسواق، والنضج في البرمجة والقدرة على الأداء.

وتجدر الإشارة بداية إلى أن الروبوتات البرمجية هي برامج وتطبيقات تنفذ مهام «مميكنة»، تتصف بكونها بسيطة ومتكررة هيكلياً، وذلك بمعدل أعلى كثيراً مما يمكن لشخص أو أشخاص عديدين القيام به بمفردهم.

والروبوتات البرمجية موجودة في كل مكان في عالم التقنية، وأكبر استخدام لها في الإنترنت، مثلاً، هو محركات البحث التي تمسح الإنترنت طوال الوقت، وتجلب وتحلل معلومات الملفات من الحاسبات الخادمة لـ«الويب» بسرعات أعلى من سرعة البشر مرات عدة، باحثة عن صفحات «الويب» الجديدة لتضيفها للفهارس.

وظائف ومجالات

وهناك حالياً آلاف المجالات والوظائف التي تعمل بها الروبوتات البرمجية، فتخيل مثلاً أنك كتبت رقماً أو نصاً بسيطاً تطلب فيه شراء «بيتزا»، ثم وصل إليك الطلب من دون التحدث إلى إنسان حقيقي، فهنا يكون كل ما تعاملت معه هو «روبوتات» برمجية.

ويمكن مثلاً أن تدخل في محادث أو دردشة على صفحة موقع ما، أو حساب على «فيس بوك» أو مجموعة أو صفحة، وتنجز مهمة من خلال هذه الدردشة، دون أن تلاحظ أنك طوال الوقت تتحدث مع «روبوت» برمجي وليس بشراً.

هناك أيضاً الروبوتات البرمجية الخبيثة التي بدأت تظهر مع الفيروسات وبرامج التجسس، والتي تقودك إلى مأزق أو مشكلة تتعلق بالخصوصية أو أمن البيانات، وعلى المستوى العام يمكن تصنيف تطبيقات مثل «أبل سيري»، و«مايكروسوفت كورتانا»، وغيرها من المساعدات الرقمية الشهيرة في الأسواق، على أنها روبوتات برمجية.

وفي ما يتعلق بمستوى الانتشار العام، بدأت شركات كبرى مثل «مايكروسوفت»، و«فيس بوك» تطوير ما يعرف بـ«الأعمال المتمحورة أو الممركزة حول الروبوتات البرمجية». ففي مارس 2016 كشفت «مايكروسوفت» النقاب عن إطار عمل خاص بالروبوتات البرمجية، وهو عبارة عن مجموعة من الأدوات لتكوين روبوتات للمحادثة الفورية على منصات متعددة، مثل «سكايب» و«سلاك» و«تيليغرام»، إضافة إلى عدد متزايد من الشركات الناشئة مثل «باند روبوت»، و«روبوت مي»، وغيرها التي أنشأت منصات تطوير للذين يريدون بناء روبوتات برمجية داخل المؤسسات بلمسة بشرية واضحة.

دعم «فيس بوك»

لم تكن «مايكروسوفت» وحدها الداعمة للروبوتات البرمجية، فقد تلتها في ذلك «فيس بوك» التي أعلنت في أبريل 2016 عن إطلاق إطار عمل للروبوتات البرمجية، على غرار ما فعلت «مايكروسوفت»، وهو منصة تسمح للمطورين والمبرمجين ببناء روبوتات برمجية للمحادثة، للاستخدام في العديد من منصات التراسل، منها برنامج «فيس بوك» للمراسلات «فيس بوك ماسنجر»، و«سكايب» و«ويب شات»، واستخدامها في التطبيقات التجارية والصناعية والعملية، التي تستعين بـ«فيس بوك» في إنجاز عملياتها.

ومنذ ذلك الحين، تم تصميم وبناء أكثر من 11 ألف روبوت برمجي من قبل مطورين وشركات ناشئة وشركات كبرى في مختلف الاتجاهات، جميعها يجري توظيفه في إنجاز مهام وعمليات على مدار اليوم في المؤسسات المختلفة.

نماذج ناجحة

هناك الكثير من الأمثلة الدالة على نجاح الروبوتات البرمجية في مهامها داخل المؤسسات المختلفة، فشركة «إيه تي آند تي» تستخدمها في ميكنة أنشطة إدخال البيانات، كما تستخدمها شبكات التلفزيون مثل «سى إن إن» في توزيع الأخبار العاجلة، وبعض القصص الإخبارية المنتجة بشكل خاص.

وفي مجال الرعاية الصحية، قدمت شركة «هيلث تاب» للرعاية الصحية تطبيقاً على الهاتف المحمول، يسمح للمتعاملين بالوصول إلى شبكة تضم 10 آلاف طبيب في أي وقت من أي مكان، ويمكن لمستخدمي التطبيق تقديم الاسئلة حول أي شيء من الحمل إلى الخفقان، ويتلقون الإجابات بصورة شخصية على هواتفهم.

ويساعد الروبوت في عمليات التواصل والدردشة الأولى مع المستخدمين، وإعادة توزيع الإجابات الواردة من الأطباء.

وحينما أعلنت «فيس بوك» عن منصتها لتطوير الروبوتات البرمجية، قررت «هيلث تاب» الاستفادة من القاعدة العريضة لمستخدمي «فيس بوك»، وطورت روبوت دردشة، يسمح للمستخدمين بكتابة السؤال داخل برنامج «فيس بوك» للمراسلة، لاستقبال الإجابات من الأطباء، ومشاهدة الأسئلة المماثلة.

كلفة رخيصة

من الصفات المميزة والقوية في الروبوتات البرمجية أنها رخيصة الكلفة، ويتم تطويرها خلال فترة زمنية قليلة، يقول رئيس فريق المنتجات في شركة «هيلث تاب»، شون ميهرا، إنه باستطاعة أي شركة متخصصة تطوير روبوت برمجي في نحو ربع الوقت الذي تأخذه لبناء أحد تطبيقات المحمول الاعتيادية، وبكلفة أقل بنحو 50% في البناء والصيانة.

تويتر