في استطلاع كشف عن توجّهات تناقض نتائج دراسات أخرى تناولت تأثير الميكنة في التوظيف مستقبلاً

71 % من المحاسبين في الشركات الأمــيركية غير قلقين على وظائفهم من «الروبـــوتات»

كثير من مهام إدارات الحسابات تدخل ضمن فئة المهام النمطية التي يمكن ميكنتها وإسنادها إلى «الروبوتات». من المصدر

على الرغم من أن الكثير من المهام التي تتم في إدارات الماليات والحسابات داخل الشركات تدخل ضمن فئة المهام المتكررة النمطية التي يمكن ميكنتها وإسنادها لنظم المعلومات و«الروبوتات» الذكية، إلا أن هذا الأمر لا يشكل مصدراً للقلق أو الخشية لدى المحاسبين والمتخصصين في أمور المال وإدارة الحسابات داخل المؤسسات والشركات الأميركية، من أن يأتي يوم ويسيطر «الروبوت» على وظائفهم، ويصبحون خارج قوة العمل، وذلك وفقاً لاستطلاع رأي أكد فيه 71% من العاملين في تلك الإدارة وشملهم الاستطلاع في الولايات المتحدة، أنهم لا يخشون على وظائفهم من «الروبوتات» أو غيره من عمليات الميكنة والتطوير التي تجري على قدم وساق داخل مؤسساتهم وشركاتهم.

وأجري المسح الذي نفذه معهد «تشارتيت» للإدارة والمحاسبة، ونشرت نتائجه شبكة zdnet.com المتخصصة في التقنية، أخيراً، على 1628 شخصاً.

الذكاء الاصطناعي

أقل تشاؤماً

قال الرئيس التنفيذي لمعهد «تشارتيت» للإدارة والمحاسبة، أندرو هاردنغ، إن «عالم إدارات المحاسبة والماليات لديه وجهة نظر أقل تشاؤماً في ما يخص النتائج المترتبة على نشر (الروبوتات) في الإدارات المالية للمؤسسات».

وأضاف أن «أعضاء المعهد (وهو منظمة أميركية متخصصة في تقديم المساعدة للعاملين في مجال الماليات والمحاسبة)، يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي و(الروبوتات) وغيرها من التقنيات ستغير من طبيعة وظائف المحاسبين والمتخصصين في مهنة الماليات والمحاسبة، لكن لن تدمرها أو تحل محلها».

وحسب مسؤولي المعهد، وهو منظمة أميركية متخصصة في تقديم المساعدة للعاملين في مجال الماليات والمحاسبة، فإن الاستطلاع جاء بعد إقدام عدد متزايد من الشركات والمؤسسات على استخدام «الروبوتات» والذكاء الاصطناعي في إنجاز المهام في الإدارات المالية والحسابات، وظهور العديد من الدلائل على أن نهاية الحسابات والماليات التقليدية كما نعرفها باتت وشيكة، فالتقدم التكنولوجي في «الروبوتات» أصبح أسرع من أي وقت آخر، والمؤسسات غير القادرة على اتباع هذا الاتجاه باتت عرضة لخطر الوقوع خارج المنافسة في غضون سنوات قليلة.

النموذج التقليدي

وفي النموذج التقليدي، يمكن تقسيم وظائف المالية والحسابات الى ثلاثة مجالات، تشمل، الحسابات والتمويل داخل الأعمال، الحسابات الأدائية الوظيفية والحسابات التشغيلية، والمجال الأخير، هو التشغيلية، الذي توجد فيه أكثر الأنشطة والمعاملات المالية تكراراً ونمطية، ولذلك فهو يعمل جيداً مع ما يطلق عليه «الميكنة الروبوتية للعمليات».

وأوضح استطلاع «تشارتيت»، أن الاتجاه لنشر «الروبوتات» وغيرها من أدوات الميكنة الأخرى في أداء مهام الماليات والمحاسبة، لا يبدو أنه يقلق العاملين في هذه الإدارات، فقد أظهر الاستطلاع أن 83% يدعمون فكرة الميكنة في إداراتهم إذا كانت توفر الوقت والمال والجهد، أو تساعدهم في اتخاذ القرارات داخل مؤسساتهم، وهذا يظهر أن المحاسبين ينظرون إلى تأثير التقنيات الجديدة على أنه فرصة أكثر منه تهديد.

وحينما تم السؤال عن تأثير هذا النمط من الإبداع على مجال الأعمال، بدا مديرو الحسابات أكثر ميلاً للقول إن العائد سيكون المزيد من الشركات الكفوءة، كنتيجة للميكنة الجيدة وتحليلات البيانات، حسب ما قال 62% ممن شملهم الاستطلاع، بينما قال 47% إن ذلك سيستتبعه ارتفاع عام في المهارات بين قوة العمل، بسبب الحاجة إلى المزيد من مهارات العمل على الحاسوب.

في المقابل، أعرب 29% من الذين شملهم الاستطلاع عن اعتقادهم أن زيادة الميكنة ستؤدي إلى فقد الوظائف، في حين كان هناك نحو واحد إلى خمسة أو 22% قالوا إن الاعتماد على الميكنة أو التقنية أدى إلى اتخاذ مؤسساتهم قرارات خاطئة خلال السنوات الخمس الماضية، بينما قال 39% إن هذا لم يحدث مطلقاً.

عكس التيار

وتتناقض هذه النتائج إلى حد كبير مع الكثير من نتائج الدراسات الأخرى التي تناولت التأثير المحتمل لنشر «الروبوتات» في التوظيف مستقبلاً، وفي المنافسة بينها وبين البشر، بل ومع النظرة العامة السائدة التي ترى أن أكبر فقد في الوظائف سيحدث خلال السنوات المقبلة بسبب الميكنة والتوسع في استخدام «الروبوتات».

ففي نهاية مايو الماضي أصدر موقع cio المتخصص في دراسات وبحوث سوق تكنولوجيا المعلومات وموجّه للمديرين التنفيذيين دراسة، نشرت «الإمارات اليوم» تفاصيلها، التي كشفت أن 250 ألف تطبيق وتقنية جديدة ستظهر بحلول 2020، جميعها يعمل بمفهوم «إنترنت الأشياء»، وستؤثر بقوة في سوق العمل بهذا المجال، والتي ستساعد على اختفاء واندثار العديد من الوظائف، مع بزوغ وانتشار وظائف أخرى، تتطلب مهارات وكفاءات مختلفة.

كما أنه في منتصف يوليو نشرت «الإمارات اليوم» أيضاً نتائج دراسة أعدها معهد «بروكفيلد» للإبداع وريادة الأعمال في تورنتو، بالاشتراك مع جامعة «ريسون» بكندا، وجاء فيها أن 42% من القوى العاملة الكندية، معرضة لخطر التأثّر بالآلات و«الروبوتات» الذكية العاملة بالذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات المتقدمة، وذلك خلال السنوات العشر إلى العشرين المقبلة، مع إمكانية أن يحدث ذلك بنسبة 70%. وقال حينها معدو الدراسة إن نتائجها تتسق مع نتائج دراسة سابقة أصدرتها جامعة «إكسفورد» عام 2015، والتي أظهرت أن 47% من الوظائف في سوق العمل الأميركية تواجه الخطر نفسه خلال الفترة الزمنية نفسها.

«الدرونز»

وفي سياق متصل، كانت شركة «بي دبليو سي» المتخصصة في التطبيقات التجارية لتكنولوجيا الطائرات المدنية الصغيرة بدون طيار «الدرونز»، أصدرت دراسة قدرت حجم فرص العمل التي ستؤثر فيها «الدرونز» خلال السنوات الخمس المقبلة بـ127 مليار دولار، بعضها سيكون في صورة وظائف حالية سيتم الاستغناء عن العامل البشري فيها، وبعضها الآخر فرص عمل جديدة مستحدثة لم تكن موجودة من قبل، خصوصاً في مجال الوظائف التي تزود الشركات ببيانات عميقة وشاملة بصورة سريعة ولحظية، وفي نقل معدات واشياء بسيطة بسرعة كبيرة لدعم العمليات اللوجستية، كما هو الحال في مجالات الزراعة والبنية التحتية والتعدين والمناجم. ومن المتوقع أن تجد طريقها إلى مجالات التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى داخل الشركات والمؤسسات العاملة في هذه المجالات.

تويتر