في خطوة قادتها «أبل» بإعلانها تضمين تقنية الذكاء الاصطناعي داخل «AirPods»

الجيل الجديد من السماعات اللاسلكــية.. حاسبات متكاملة تعمل «مستشـاراً محترفاً»

خاصية التعرف إلى صوت المستخدم فقط أثناء المشي في «AirPods» تتيح التحدث بهدوء حتى في الضجيج. من المصدر

في ضوء ما أتت به سماعات الأذن اللاسلكية الجديدة «AirPods» من شركة «أبل»، وما يجري حالياً من تطورات بعشرات الشركات الأخرى، بات من الواضح أن سماعات الأذن لم تعدّ مجرد ميكروفون ينقل الصوت إلى الأذنين كما كان في السابق، بل غدت حاسباً دقيقاً متكاملاً ومتطوراً، يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي. ويضع هذا الذكاء بالقرب من طبلة أذن المستخدم، ليهمس فيها طوال اليوم، ليس فقط لنقل الصوت من الهاتف الذكي أو أي أداة أخرى تخزن أو تبث الأصوات، ولكن ليعمل «مستشاراً محترفاً»، يتواصل مع العالم من حول المستخدم نيابة عنه، وبالطريقة التي يحددها، عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والحوسبة السحابية وشبكات المعلومات، من مختلف الأنواع والانماط، ليهمس في الأذن طوال اليوم مقدماً النصائح والإرشادات المتعلقة بالصحة واللياقة والعمل والأعمال والعلاقات مع الزملاء والشركاء والأصدقاء والعائلة.

التطوّر الأبرز

حسب مراجعة تقنية للعديد من سماعات الأذن الذكية الأحدث في الأسواق العالمية، أجراها موقع computerworld، فإن إدخال تقنية الذكاء الاصطناعي في هذه السماعات، وجعلها جزءاً لا يتجزأ منها، تعدّ التطور الأبرز على الإطلاق، وخطوة جديدة قادتها شركة «أبل» بجرأة كبيرة، بإعلانها أخيراً، عن تضمين هذه التقنية داخل سماعاتها الجديدة «AirPods» اللاسلكية التي طرحتها بالتزامن مع الإعلان عن هاتفها الذكي «آي فون 7». وهذه الخطوة مكنت «أبل» من جعل سماعاتها قادرة على تشغيل مساعدها الرقمي، الذي يعمل بالأوامر الصوتية «سيري»، الأمر الذي جعل من سماعات «أبل»، وفقاً للمراجعة التقنية، حاسباً متكاملاً دقيقاً قادراً على أداء وظائف متعددة، تتجاوز كثيراً ما كان معتاداً في الأجيال السابقة منها. كما أن هذه الخطوة من المتوقع أن تجعل السماعات الحالية بشواحنها وأسلاكها وملحقاتها المختلفة خلال السنوات الخمس المقبلة، مجرد أدوات بدائية غريبة.

مزايا جديدة

ولأن سماعات «أبل» كانت رائدة في هذا المضمار، فقد جرى عرض الكثير من تفاصيلها في مراجعة computerworld، إذ تبين أن «AirPods» تستخدم شريحة جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتستخدم تقنية «بلوتوث» منخفضة الطاقة لتوصيل سماعتي الأذن معاً، إضافة إلى مستشعرات إلكترونية دقيقة مزدوجة بالأشعة تحت الحمراء، ومقياس تسارع يستطيع اكتشاف متى تكون السماعات داخل الأذنين ومتى تكون خارجهما، لأن هذه السماعات تتوقف عن العمل حينما يزيلها المستخدم من أذنيه، وفي حال نزع واحدة تتحول الموسيقى من وضعية «ستيريو» إلى وضعية الموسيقى الأحادية «مونو».

إيقاظ «سيري»

وعند الضغط مرتين على سماعة «AirPods» لتشغيلها، لا تعمل هي فقط، بل تنشط أو ربما «توقظ» المساعد الرقمي التخيلي «سيري»، الذي يعمل بالأوامر الصوتية، ليمكن المستخدم من التحكم في تشغيل الموسيقى والحصول على معلومات عن البطارية، من خلال الأوامر الصوتية، والتجول عبر سحابة «أبل» والإنترنت ليكون جاهزاً للرد على استفسار أو تقديم معلومة أو اقتراح نصيحة. وتتيح تقنية الاقتران الموجودة على شريحة الذكاء الاصطناعي، اتصالاً أسهل وأسرع، فضلاً عن أن السماعة تتصل من خلال الحوسبة السحابية «أبل أي كلاود»، لتتعرف إلى أجهزة المستخدم وأدواته الأخرى المتوافقة معها، وترتبط بها.

التعرف إلى الصوت

وذكرت «أبل» أن مقاييس التسارع في «AirPods» يمكن أن تعرف متى يكون المستخدم ماشياً، وفي هذه الحالة تجعل شريحة الذكاء الاصطناعي الميكروفون يتعرف إلى صوته فقط، ويستخلصه هو فقط ويتجاهل كل شيء آخر، وهذه الخاصية تمكن المستخدمين من التحدث بهدوء لكل من المتصلين أو إلى المساعد الشخصي «سيري»، حتى في البيئات الصاخبة المليئة بالضجيج، ويظلوا مسموعين ومفهومين. وللحصول على الفوائد الكاملة للمزايا الخاصة التي تتمتع بها سماعات «أبل» الجديدة، فإن الأمر يحتاج إلى تشغيلها على نظام «آي أو إس 10» أو «ماك سيرا»، كما يمكن استخدامها مع أي أداة تعمل بـ«البلوتوث» من دون هذه المزايا الخاصة. وتظل «AirPods» مشحونة بالطاقة لمدة أربع أو خمس ساعات، وتأتي بحقيبة شحن، تستطيع الاحتفاظ بالشحن وتشحن السماعة 24 ساعة إضافية.

نصح وإرشاد

وبهذه الإمكانات لم تعدّ سماعات «AirPods» مجرد سماعات أذن لاسلكية، بل أصبحت حاسباً تمكنه تقنية الذكاء الاصطناعي من استخدام المساعد الرقمي الصوتي كواجهة للتفاعل والتشغيل، وبالتالي تصبح السماعة «مستشاراً محترفاً»، يستطيع أن يقدم للمستخدم النصح والإرشاد في العمل والصحة واللياقة، كما يبلغه بالجديد طوال اليوم. وبعبارة أخرى يقدم هذا الحاسب للمستخدم المعلومات والبيانات والنصائح، لتكون قراراته سليمة وفي الوقت المناسب.

مشروعات أخرى

واستناداً إلى ما ورد بمراجعة موقع computerworld، التقنية، فإن خطوة «أبل» كانت الأوضح والأكثر جرأة، لكنها ليست الوحيدة على الساحة، فهناك عدد من الشركات العملاقة الأخرى في مجال التقنية والإلكترونيات الاستهلاكية اتخذت قرارها بإدخال تقنية الذكاء الاصطناعي إلى سماعات الأذن، منها شركة «براجي»، التي تنتج سماعات تحت اسم «داش»، إذ دخلت في اتفاق مشاركة مع شركة «آي بي إم» لوضع تقنية «واطسون» المتخصصة في التحليلات والذكاء الاصطناعي من «آي بي إم» داخل سماعات الأذن التي تنتجها، لتعالج الصوت وتدخل الأوامر الصوتية في التشغيل. كما تعمل كأداة تعقب ورصد لحالة اللياقة البدنية، وتوفر خيار استخدام تطبيق «داش» لفلترة الأصوات غير المطلوبة وتضخيم الأصوات، وجعل السماعة قادرة على تحويل الكلمات الى نصوص ومترجم للغة، إضافة إلى تمكين الشركات والمسؤولين من متابعة العاملين، وحتى متابعة المؤشرات الحيوية أثناء العمل، لتحقيق اقصى قدر من السلامة للعاملين.

وتوجد أيضاً مشروعات مماثلة لدى كل من «غوغل» و«سوني» و«مايكروسوفت»، وكل هذه المشروعات تستهدف أن تصبح السماعات الذكية أو أدوات السمع القابلة للارتداء، قادرة على تنفيذ وظائف متعددة، تراوح بين النقل والاتصالات والمراقبة الطبية، وتتبع حالة اللياقة البدنية، وتصبح كذلك مظهراً من مظاهر الحوسبة الوجودة، أي الحوسبة التي تعمل في كل وقت ومكان بكل أداة.

تويتر