الموقع يستخدم المعايير المجتمعية وآلية «الخطاب المضاد» بديلاً عن المراقبة

«سي نت»: سياسات النشر لدى «فـــيس بوك» يكتنفها الغموض

إدارة «فيس بوك» أفادت بأنها لا تسمح بالخطاب الإرهابي ولا العنف. أ.ب

ارتفعت في الآونة الأخيرة الأنشطة الخطرة والضارة وغير المقبولة عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، من حض على العنف ونشر لخطاب الكراهية والإرهاب، والتجاوزات الأخلاقية، والممارسات السلطوية خارج القانون.

في المقابل، ارتفعت معدلات القرارات الصادرة عن إدارة «فيس بوك» حيال هذه القضايا، ومحصلة ذلك كانت موجة قلق من أن تكون سياسات النشر على «فيس بوك» قد تجاوزت ما هو مطلوب لمواجهة الأنشطة الخطرة والضارة، إلى فرض مراقبة على ما ينشره المستخدمون عموماً.

وقد انعكست موجة القلق نفسها في أسئلة عدة منها: هل أصبح «فيس بوك» يراقب ما ينشره المستخدمون فعلاً؟ وإذا كان هذا صحيحاً، فعلى أي أساس يتم؟ ومتى تبدأ المراقبة ومتى تنتهي؟ وماذا يفعل «فيس بوك» بنتيجة المراقبة؟ هل كان موقف «فيس بوك» من هذه الأمور واضحاً أم غامضاً؟

في محاولة للوصول إلى إجابة عن هذه الاسئلة، أجرت شبكة «سي نت» cnet.com المتخصصة في أخبار وقضايا التقنية، تحليلاً لمضمون سياسات النشر والحذف المعلنة من قبل «فيس بوك»، وحاولت تقديم إجابات من واقع مضمون هذه السياسات، وتوصل التحليل إلى نتيجة مفادها أن سياسات النشر لدى «فيس بوك» يكتنفها الغموض وعدم الوضوح، ويتعين على إدارة الموقع توضيحها للمستخدمين.

حدود المعقول

فيديو دون رقابة

يسمح موقع «فيس بوك» بتحميل مقاطع الفيديو، سواء على خدمة الفيديو الرئيسة في «فيس بوك»، أو على خدمة مشاركة الصور على «إنستغرام»، كما يسمح بالبث المباشر للفيديو من خلال خدمة البث الحي، وهي خدمة جرى تضمينها في تطبيقات «فيس بوك» لـ«آي أو إس» و«أندرويد» معاً، وسهلة الاستخدام جداً، ولا يراقب «فيس بوك» مقاطع الفيديو الحية، ولكن يعتمد على التنبيهات التي تصله من المجتمع حول ما إذا كان هناك من انتهك المعايير المجتمعية.

كشف التحليل أن الفكرة الأساسية التي بنيت عليها سياسات النشر في «فيس بوك»، هي أن الموقع يسعى إلى أن يكون مكاناً يشعر فيه الناس بالحرية في التعبير عن أنفسهم في حدود المعقول، فخطاب الكراهية والإرهاب ممنوع، كما هي الحال أيضاً مع معظم حالات العري والإباحية.

وتنفيذاً لهذه الفكرة، يستخدم «فيس بوك» آلية «الخطاب المضاد» بديلاً عن المراقبة، ومعنى هذه الآلية أنه حينما يصادف المستخدم منشوراً ضاراً، ويقول عنه إنه خطأ ويبلغ بذلك، فإن هذا يحقق تأثيراً أكبر من مجرد إزالة هذا المنشور.

لتوضيح ذلك، يشير «فيس بوك» إلى أن فريق مراجعة المحتوى الذي يتعامل مع البلاغات الواردة عن المنشورات المختلفة، سيسمح مثلاً بنشر صورة لمشهد عنف مع تعليق أن هذا خطأ، لكن الصورة نفسها لن تنشر، وستتم إزالتها إذا كانت مصحوبة بكلمات تحتفي بالعنف، وترحب به أو تشجع الآخرين عليه.

تعاون مع جهات إنفاذ القانون يقرّ «فيس بوك» بأنه يتعاون مع جهات إنفاذ القانون، لكن التحليل الذي تم لسياسات النشر لم يتوصل إلى أي مدى يصل هذا التعاون، وما هي حدوده والقواعد الحاكمة له؟

فـ«فيس بوك» يذكر فقط أنه يبلغ جهات إنفاذ القانون تلقائياً حول الأنشطة المشبوهة للقاصرين، مثل الاستغلال الجنسي للأطفال، وفي الحالات التي يعتقد فيها أن هناك خطراً وشيكاً أو تهديداً حقيقياً بالعنف. وتقول إدارة «فيس بوك» إنها سلمت على الأقل، بعض البيانات، في أكثر من 81% من 19 ألفاً و235 طلباً ورد اليها من جهات إنفاذ القانون في الفترة بين يوليو وديسمبر 2015.

حرية التعبير

ليس لدى موقع «فيس بوك» سياسة معلنة للحد من حرية التعبير، لكن لديه ما يسمى بالمعايير المجتمعية التي تتضمن قواعد عدة، مثل القواعد المضادة للعري، والجنس، والإرهاب، وخطاب الكراهية والعنف، لكن هذه المعايير لا تحدد بوضوح متى تعتبر إدارة «فيس بوك» أن المنشور ضار أو غير ضار.

وتشير نتائج التحليل إلى أن الإجابة لا تكون واضحة في آلاف من الحالات، فكثير من المنظمات الإرهابية والمتطرفة تنشر على «فيس بوك»، وفي المقابل، فإن بعض المنشورات الأخرى التي لا تحمل الخطر نفسه جرى حذفها وإغلاق صفحات أصحابها.

وقالت إدارة «فيس بوك» بأنها لا تسمح بالخطاب الإرهابي ولا العنف، وأي شخص يستخدم الموقع يمكنه الإبلاغ عن مثل ذلك إذ ما وجده، مؤكدة أن «فيس بوك» يزن أو يقدر القيمة المتحققة من وراء إزالة أي محتوى على قاعدة كل حالة على حدة، ففي بعض الأحيان، يعتمد الأمر على الخطاب المضاد للقيام بهذه المهمة، وعلى البلاغات الواردة من المستخدمين، آخذاً في الحسبان «الجدارة الفنية والتعليقات وعوامل أخرى».

سياسات غير واضحة

وانتهى التحليل إلى أن سياسات النشر لدى «فيس بوك» لا تقدم إجابات كافية واضحة على العديد من هذه الاسئلة، وتترك مساحات واسعة يكتنفها الغموض وعدم الوضوح، ويتعين على إدارة «فيس بوك» إيضاحها للمستخدمين.

وأشار التقرير إلى العديد من النقاط في هذا السياق، منها أن لدى «فيس بوك» نوع ما من الرقابة الروتينية غير الواضحة على المستخدمين، تقوم بها فرق من الموظفين في مكاتب تابعة للشركة، منها مكتب مدينة أوستن في تكساس، ودبلن في إيرلندا، وحيدر آباد في الهند، إضافة إلى «مينلو بارك» في مقر الشركة الرئيس بكاليفورنيا، وهؤلاء يعالجون ملايين التقارير حول ما ينشره المستخدمون كل أسبوع.

20 ألف طلب

من ناحية أخرى، لا يعلن «فيس بوك» عن عدد الذين يقومون بالنشر، ولا عدد ملفات الفيديو الحية التي تم بثها، ولا عدد المنشورات التي تم حذفها، إذ يعلن فقط عن عدد المرات التي استجابت فيها لطلبات الجهات القائمة على إنفاذ القانون للتعامل مع منشورات ومحتوى بعينه على الشبكة، وفي هذا السياق قال الموقع إنه «استجاب إلى 20 ألف طلب من قبل الجهات القائمة على إنفاذ القانون، خلال الأشهر الخمسة الماضية».

فى هذا السياق، نوّه التحليل إلى ما قاله المدير التنفيذي لمنظمة التغير اللوني، التي تعمل على الإنترنت وتركز على قضايا العنصرية، رشاد روبنسون، الذي أكد أن نقص الشفافية يعدّ مشكلة لدى «فيس بوك»، فيما أشار آخرون إلى أن الأخبار لا تتم مشاركتها ونشرها على «فيس بوك» فقط، بل يجري كسرها أيضاً. وإذا كان «فيس بوك» يتخذ قرارات حول الكيفية التي تصل بها الأخبار إلى الجمهور، فعليه أن يكون شفافاً حول الكيفية التي تتخذ بها هذه القرارات.

تويتر