تصرّف بذكاء كي لا تصبح ضحية على الإنترنت

لا يمرّ أسبوع دون انتشار خبر جديد عن هجوم إلكتروني يكشف معلومات حسّاسة أو يلحق الضرر بإحدى الشركات، وهذا يمثل مصدر قلقٍ كبير بالنسبة للمواطن العادي، فالكثير من المستخدمين يدركون جيداً حجم المخاطر على الإنترنت، لكنهم لا يعرفون سبيل التصدي بفعالية لهذه التهديدات، ويمكن لهذا أن يقود إلى إحدى استجابتين كلاهما خطأ، فكبار السنّ، على سبيل المثال، قد يختارون الإحجام والابتعاد عن استخدام الإنترنت، ما يفوت عليهم عالماً من الفرص والتجارب. أمّا بالنسبة لمستخدمي الإنترنت العاديين، فقد تكون استجابتهم من قبيل «دس الرأس في الرمال»، وتجاهل المخاطر، معتمدين على مجرّد الأمل في عدم تعرضهم لهجمات، إضافةً إلى تركيب أحد برامج مكافحة الفيروسات من إنتاج شركة معروفة وتحديثه باستمرار.

المعلومات الشخصية، أو المعلومات التي تتيح تحديد الهوية (PII) وفق المصطلح التقني، يمكن أن تكون منجم ذهب للمجرمين الباحثين عن انتحال الهوية، لذلك فمن الأهمية بمكان حماية مثل تلك المعلومات.

أصبح الاصطياد الآن من أكثر أنواع الهجمات الإلكترونية شيوعاً، وفيه يتظاهر مجرمٌ بأنّه يمثل جهة حقيقية معروفة، مثل بنك أو شركات المرافق والخدمات، لخداع الزبائن ودفعهم للإفصاح عن كلمات السر الخاصة بهم، بل الاحتيال عليهم مباشرة بطلب دفع أموالٍ للجهة الوهمية.

لقد أضحى شراء السلع والخدمات عبر الإنترنت نشاطاً يومياً للكثير من الناس، وكثيراً ما نقدّم معلومات بطاقة الائتمان وغيرها من المعلومات الشخصية لإتمام المعاملات. ومن أبسط الطرق لضمان إرسال المعلومات الشخصية w بأمان للجهة المقصودة فقط دون غيرها، هو الانتباه لوجود الأحرف «https:/‏‏‏/‏‏‏» في شريط العنوان في بداية عنوان الصفحة، فهذا يعني أنّ الموقع مشفّر، وأن احتمال التلصص على معلوماتك من قبل المجرمين ضعيف نسبياً.

إن أيّ شخص يعيش في مدينة كبيرة يرى قائمة طويلة من الشبكات اللاسلكية التي تظهر عندما يريد الاتصال بالإنترنت، وكذلك فإن أيّ مجرم يمكنه رؤية معلومات الشبكة اللاسلكية الخاصة بك أيضاً، لذا تتوجب حماية كلّ من الشبكة والأجهزة اللاسلكية بكلمة مرور قوية تتضمن مزيجاً من الأرقام المختلفة والأحرف الصغيرة والكبيرة والرموز، دون أيّ علاقة واضحة بالمعلومات الشخصية مثل الاسم أو تاريخ الميلاد.أما خارج المنزل، فتذكّر أن استخدام بيانات الهاتف الذكي (عبر شبكة الجوال) أكثر أماناً من الاتصال بشبكات واي فاي العامة، سواء كانت مفتوحة أم محمية بكلمة سر. إلى جانب ذلك، في كثير من الأحيان، يجهّز القراصنة شبكات واي فاي وهمية بأسماء مشابهة للشبكات المعروفة، على أمل الإيقاع بالمستخدمين الغافلين، وتشجيعهم على الاتصال بالإنترنت عبرها. وفي حال اتصال المستخدم بالشبكة الوهمية، يستطيع القراصنة الوصول إلى جميع البيانات التي تمر عبر تلك الشبكة، إذا كانت بياناته غير مشفّرة.

حتى لو كانت شبكة واي فاي (أو نقطة الوصول) شرعية تماماً، فإنّ تشفير واي فاي ينتهي عند نقطة الوصول، ولا يوفر الحماية لما وراءها.

ومن النصائح المفيدة أيضاً، خصوصاً أثناء السفر عبر المطارات أو إلى بلد أجنبي، استخدام خادم وكيل (بروكسي) أو شبكة افتراضية خاصة VPN، إذا كانت مسموحة وفق القوانين السارية في البلد الذي تنوي استخدامها فيه.

ولا يقتصر الأمن الرقمي على الأجهزة الإلكترونية المنزلية، فنحن اليوم نتصل بالإنترنت من هواتفنا الذكية أكثر مما نفعل من حواسيبنا المكتبية التي قد تنقرض في وقت قريب. ومن النصائح المفيدة استخدام تطبيقات مكافحة الفيروسات حتى على الأجهزة المحمولة والهواتف الذكية. كما أنّ تطبيقات التراسل المشفّرة مثل Whats App وWickr وThreema وiMessage وSignal وغيرها، إذا كانت مسموحةً وفق القانون، توفّر وسيلة ممتازة لحفظ أمن الرسائل النصية والمحادثات.

لاتزال الإنترنت اليوم أشبه بالغابة بالمقارنة مع العالم الحقيقي الذي يخضع بصورةٍ أفضل للرقابة والقوانين، وربما يكون من المستحيل تجنب جميع المخاطر، لكن ذلك ليس مبرراً للتراخي أو الإهمال الذي قد يجعل منك الضحية التالية. ويمكن لمعظم المستخدمين حماية أنفسهم إلى درجة معقولة باتباع النصائح المذكورة آنفاً، وبالتالي عدم الوقوع فريسةً لمجرمي الإنترنت.

* نائب الرئيس الأول لشؤون التكنولوجيا والبحوث في «دارك ماتر»

تويتر