شركات تعتزم توفير ضمانات أمنية في منتجاتها.. وأخرى تُشدّد على «التشفير القوي» لمواجهة محاولات سرقة البيانات

مخاوف من القرصنة وراء تباطؤ إقبال المستهلكين على تقنيّات المنازل الذكية

«سبورت دوت كوم»: المستهلكون سيقبلون على شراء تقنيات المنازل الذكية حين تتم معالجة المسائل المُتعلقة بالأمن والسلامة. غيتي

أتاحت التكنولوجيا الحالية إضافة الرقائق الإلكترونية، وإمكانات الاتصالات اللاسلكية، إلى الكثير من الأجهزة والأغراض المستخدمة في الحياة اليومية من الملابس إلى الأبواب والستائر. ويشهد الأسبوع الجاري تقديم موجة جديدة من أجهزة يُروّج لها كمُكونات للمنازل الذكية مع انعقاد معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في مدينة لاس فيغاس الأميركية.

لكن يبدو أن منتجات المنازل الذكية ودعاياتها سبقت توقعات المستهلكين وغاياتهم، وربما يكون منتجوها أسرفوا في التفاؤل بشأن مستقبلها، وهو ما يظهر في نتائج استطلاعات للرأي ودراسات تُشير إلى تخوفات المستهلكين، لاسيما حيال احتمالات الاختراق وتهديد الخصوصية.

وكما هو المعتاد مع التقنيات الأخرى سارعت في البداية فئة من محبي التكنولوجيا إلى شراء الأجهزة المنزلية المتصلة بالإنترنت، مثل «تروموستات» أو مُنظم درجات الحرارة وأجهزة الكشف عن الدخان. لكن يرى بعض الباحثين أن المستهلكين العاديين لم يجدوا بعد أسباباً كافية تدفعهم للشراء.

وربما يتضح ذلك في تجربة شركة «بي إي كيو» PEQ الناشئة المتخصصة في منتجات المنزل الذكي، إذ حولت الشركة استراتيجيتها أخيراً، بعدما لمست طلباً مُنخفضاً على منتجاتها في متاجر التجزئة.

وقال الرئيس التنفيذي للعمليات في الشركة، ديف بتومز، إن العام الماضي شهد الكثير من التفاؤل والتوقعات بالنجاح الباهر لمنتجات المنازل الذكية الآلية، لكن تبين لاحقاً أن الأمر أكثر صعوبةً وتعقيداً بما يفوق التصورات السابقة.

وفي الواقع فإن إحدى الميزات الرئيسة في تقنيات إنترنت الأشياء عموماً هي إتاحة التحكم في المنتجات عن بعد بواسطة الهواتف الذكية أو الحواسيب الشخصية، لكن هذه الميزة تُثني بعض المستهلكين عن الشراء.

ويتخوف البعض من تعرض الأجهزة للاختراق والقرصنة، وكذلك من احتمالات استخدام الشركات الأجهزة في جمع البيانات حول سلوكياتهم.

وأخيراً نشرت شركة «أكسنتشر» للاستشارات نتائج استقصاء شارك فيه 28 ألف مستهلك ينتمون إلى 28 بلداً. وتضمنت النتائج إشارة 47% من المشاركين إلى الأمن والخصوصية ضمن العقبات المُحتملة التي تحول دون اعتمادهم هذه التقنيات.

ومن بين الأشخاص الذين يُخططون لاقتناء أجهزة المنزل الذكي، خلال الأشهر الـ12 المُقبلة، اختار الكثير منهم الحذر بشأن استخدامها أو تأجيل قرار الشراء.

وتوقف 18% منهم عن استعمالها أو أوقفوا الخدمات ذات الصلة بسبب نقص ضمانات الأمان. وقال 9% من المشاركين إنهم يُخططون لشراء منتجات المنزل الذكي خلال العام الجاري، وهي نسبة تساوي تقريباً ما توصل إليه استقصاء عام 2014.

ويُضاف إلى مؤشرات تراجع اهتمام المستهلكين بتقنيات المنازل الذكية، ما ذكرته شركة «أرجوس إنسايتس» للأبحاث، وتتابع الشركة مقاييس منها معدل الزيادة السنوية في مراجعات المنتجات على الإنترنت، وقالت إنها تراجعت إلى نسبة 18% في سبتمبر مُقارنةً مع نسبة 80% في يناير الماضي.

وتتوقع جمعية الإلكترونيات الاستهلاكية، التي تُنظم معرض الإلكترونيات الاستهلاكية، نمو مبيعات أجهزة المنازل الذكية في الولايات المتحدة بنسبة 21%، لتصل إلى 8.9 ملايين وحدة خلال العام الجاري، وبعائدات تبلغ 1.2 مليار دولار.

وتتفاوت المنتجات في ما بينها من ناحية الانتشار والرواج، وأظهرت بيانات «أكسنتشر» أن 10% من المشاركين يمتلكون كاميرات أمنية متصلة بالإنترنت، واستخدم 9% منهم أجهزة «ترموستات»، واستعمل نسبة 5% من المشاركين مقابس ذكية تُتيح للأجهزة المنزلية الاتصال لاسلكياً.

لكن هذه الرياح المُعاكسة لم تمنع الشركات من التخطيط للكشف عن الكثير من منتجات المنزل الذكي خلال معرض الإلكترونيات الذي انطلق الثلاثاء الماضي، ويستمر حتى غد السبت. ومن بين أكثر المنتجات رواجاً مرشات المياه المتصلة بالإنترنت، وأدوات مُراقبة حمامات السباحة، وأقفال الأبواب، والكاميرات الأمنية، والمراوح، والغسالات، والستائر، والأفران، وأجهزة لفتح أبواب المرائب.

وتُقدم كلٌ من شركتي «أبل» و«ألفابت» من خلال وحدة «نست» تقنيات متنافسة لتنسيق التفاعلات بين الأجهزة التي تعود إلى منتجين مختلفين، ما يعفي المستهلكين من الحاجة إلى شراء أجهزة مركزية منفصلة للتحكم. وعلى سبيل المثال تقول «نست» إن بإمكان جهازها للكشف عن غاز أول أكسيد الكربون أن يتواصل مع جهاز لها لتنظيم درجات الحرارة، ويطلب إغلاق نظام التدفئة وهو أحد أكثر مصادر الغاز شيوعاً.

كما باتت شركة «سامسونغ إلكترونيكس» أحد المُنافسين الرئيسين في المجال، بعدما استحوذت على شركة «سمارت ثينجز» في عام 2014. وكانت الشركة الناشئة طورت مراكز وخدمات خاصة لإدارة المنازل الذكية.

وتُقدم بعض الشركات رؤى غير تقليدية وربما مثيرة للاهتمام، ومنها شركة «كليفر بِت» CleverPet التي تعرض ما تسميه جهاز ألعاب للكلاب. كما تعرض «ستيم سي سي» Steam CC جهازاً يحمل اسم «ريبل ميكر» Ripple Maker ينسخ صوراً من الهاتف الذكي إلى رغوة الحليب التي تعلو بعض أنواع القهوة والمشروبات.

ونشرت شركة «كولدويل بانكر» العقارية نتائج دراسة حول المنازل الذكية، وأشارت فيها إلى طلب المستهلكين على منتجات المنزل الذكي، واعتقاد بعضهم أن توفيرهم هذه التكنولوجيا سيُساعدهم في بيع منازلهم على نحوٍ أسرع.

ومع ذلك، أقر الرئيس التنفيذي للتسويق في الشركة، شون بلانكنشيب، بمخاوف المستهلكين حيال احتمال تعرض هذه الأجهزة للاختراق.

وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة «سبورت دوت كوم» Support.com للدعم الفني للمنتجات، إليزابيث تشولاسكي، إن المستهلكين سيُقبلون على شراء هذه المنتجات حين يتم علاج المسائل المُتعلقة بالأمن والسلامة.

وبالنسبة لمنتجي أجهزة المنزل الذكي فيُؤكدون عزمهم توفير الكثير من الضمانات الأمنية في منتجاتهم. واشترطت شركة «أبل» كجزء من مبادرتها «هوم كيت» استخدام الأجهزة المتوافقة معها دوائر إلكترونية أمنية ضمن الرقائق الإلكترونية. وتُشدد شركات أخرى على استخدام تقنيات قوية للتشفير لمواجهة محاولات سرقة البيانات.

لكن تتعارض بعض المقاربات الأمنية معاً، الأمر الذي يدفع المستهلكين في كثيرٍ من الأحيان إلى استخدام تطبيقات متنوعة للتحكم في المنتجات المختلفة. وخلص استطلاع جديد أجرته شركة «إنتل» إلى رغبة 82% من المشاركين بالتحكم في أجهزة المنزل الذكي من خلال حزمة أمنية موحدة.

ويرى المحلل في شركة «فورستر» للأبحاث، فرانك جيليت، أن تحقق رؤية المنازل الذكية مُتعددة الوظائف التي تتمتع بمختلف الميزات العصرية والمتقدمة تقنياً ربما تمضي على نحوٍ بطيء حتى تُحرز الشركات مزيداً من التقدم في تنظيم مثل هذه القضايا.

تويتر