تواجه تساؤلات حول قدرتها الاجتماعية في لعب دور نافع في مرافقة كبار السن والعناية بالأطفال

الـ «روبوتات» الشخصية.. وظائف محدودة وصحبة مُسلية

صورة

عند الحديث عن الـ«روبوتات»، فإن التفكير يتجه عادة إلى الـ«روبوتات» المُستخدمة في المصانع، أو إلى نماذج قدمتها روايات الخيال العلمي، منحتها شخصيات مُميزة، وتصوّرت مسارات مُختلفة لعلاقتها بالبشر تراوح بين الصداقة والعداء، إلا أن فئة أخرى من الـ«روبوتات» المنزلية تلقى حالياً اهتماماً مُتزايداً، نوعاً من الصحبة والمساعدة الشخصية.

 

جاذبية وذكاء

على الرغم من أن الـ«روبوتات» القادرة على التفاعل بطرقٍ بسيطة مع البشر ليست جديدة، فإن الشركات حالياً تُصمم «روبوتات» أكثر قدرة على الوجود في المنازل، وتهدف في المقام الأول للفوز بإعجاب المُستخدمين، من خلال الجمع بين الجاذبية والذكاء الاجتماعي، دون أن تُنجز الكثير من الوظائف الملموسة.

ويجري التسويق لهذه الـ«روبوتات» باعتبارها أدوات قادرة على إنجاز مهام متعددة، أهمها التذكير بالمواعيد، ومراقبة الأمن في المنزل، وقراءة الرسائل الهاتفية، والتقاط الصور، واقتراح وصفات طعام مُناسبة، وجميعها أمور يُسندها المستخدمون إلى أجهزة إلكترونية مُتعددة، ويُمكن تصور هذا النوع من الـ«روبوتات» الاجتماعية المنزلية، باعتبارها مزيجاً من الهاتف الذكي، وجهازاً مثل «نست» لتنظيم درجات الحرارة، وكاميرا «دروبكام» الأمنية تتصل بجهاز كمبيوتر لوحي يتعرف إلى الأصوات والوجوه.

ومن أمثلة هذا النوع من الـ«روبوتات»: «بيبر» Pepper الذي أنتج بالتعاون بين شركة «سوفت بانك» اليابانية، وشركة «ألدبران» Aldebaran الفرنسية. وفي يونيو 2015 باعت «سوفت بانك» 1000 «روبوت» من نوع «بيبر» خلال دقيقة واحدة فقط، ومن المُقرر أن تطرح قريباً 1000 «روبوت» آخر.

وظهر «بيبر» في متاجر رئيسة لشركة «سوفت بانك» في وسط العاصمة اليابانية طوكيو، وتولى الـ«روبوت» أبيض اللون والشبيه بمظهر البشر تحية الزوار، وإلقاء النكات، كما أدى حركات راقصة على أنغام موسيقية تصدر منه. وفي حال لمس «بيبر» يتفاعل المحيطون مع تصرفاته المرحة فيُشاركهم الضحك.

وأشار مدير التسويق العالمي في «ألدبران»، ماجيل كوبير، إلى وجود أشخاص مهتمين بتجربة الـ«روبوت» في شركاتهم للترحيب بالزوار وبعائلات وأشخاص مُسنين مهتمين بالعثور على صحبة. ويُباع «بيبر» بـ1595 دولاراً (5859 درهماً)، إضافة إلى اشتراك شهري يبلغ 120 دولاراً نظير الصيانة والتحديثات.

ويبدو «بيبر» صغيراً بالمقاييس البشرية، إذ يبلغ طوله 47 بوصة، أي ما يُعادل 119 سنتيمتراً تقريباً، ويتميز بعيون سوداء دائرية الشكل قليلاً، ويحمل شاشة على الصدر، ويتجوّل اعتماداً على قاعدة من ثلاث عجلات. كما يتوافر بكاميرا مُجسّمة يُمكنها تمييز الأشخاص وتعبيرات وجوههم من مسافة تصل إلى 10 أقدام.

 

حزمة تطوير

وأخيراً، أطلقت «ألدبران» حزمة أدوات لتطوير البرمجيات تُلائم «بيبر»، ما يُتيح للمطوّرين من خارج الشركة إضافة إمكانات جديدة للروبوت. وتشمل المجموعة الأولى من التطبيقات واحداً يسمح للروبوت بتشغيل ألغاز موسيقية، وآخر يُتيح له التقاط صور ذاتية مع الأشخاص أو «سِلفي»، إضافة إلى تطبيقات أخرى أكثر فائدة أحدها يُساعد المُصابين بالخرف على تذكر مواعيد الدواء. ولم تُحدد «ألدبران» بعد موعداً لطرح «بيبر» خارج اليابان.

ولا يعدّ «بيبر» المُنتج الوحيد من نوعه، إذ طوّرت شركة في مدينة «كامبريدج» في ولاية «ماساتشوستس» الأميركية روبوتاً بسيطاً باسم «جيبو» Jibo. وشارك في تأسيس الشركة، الأستاذة المُساعدة في مختبر «ميديا لاب» في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا»، سينثيا بريزيال.

وقالت بريزيال إن «توافر الإلكترونيات الرخيصة للمحمول، وتنامي تقبل المستهلكين للتقنيات المُبتكرة والواجهات جعل (روبوتات) مثل (جيبو) مُجديةً من الناحية التجارية».

ولايزال «جيبو» في مرحلة التطوير، ومن المُتوقع أن يُوفر خدمات شخصية مثل التذكير بالمواعيد المهمة، والتقاط الصور العائلية، وقراءة القصص للأطفال قبل النوم، مع تحريك الرأس بشكلٍ معبر، وعرض رسوم متحركة على شاشته أثناء ذلك، بحسب ما أظهر فيديو نُشر على موقع «إنديجوجو» للتمويل الجماعي، استهدفت جمع التمويل والاستثمارات اللازمة للإنتاج.

وتابعت بريزيال: «إنه تجربة مختلفة وأكثر شخصية، إذ يُمكنك تصور مجموعة كاملة من التطبيقات تتعلق بالأخبار والطقس، إضافة إلى المحتوى التعليمي، ومُدرب صحي للمساعدة في إدارة الوزن».

وإضافة إلى «جيبو»، تُطور شركة «بلو فروغ روبتكس» Bullfrog Robotics الفرنسية مُنتجاً مُشابهاً باسم «بدي»، ويتحرك الروبوت على عجلات وتحمل شاشته ابتسامة على طراز الرسوم الكارتونية. وتَعد صفحة «بدي» Buddy في منصة «إنديجوجو» للتمويل الجماعي، بتوفيره وظائف المساعد الشخصي، فضلاً عن الاتصال والأمن.

 

محاذير الـ«روبوتات»

ربما لا تُمثل «روبوتات» مثل «بدي» و«جيبو» مُنجزات كبيرة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أنها قد تُمهد الطريق لتقديم أدوات ذكية تُعد صوراً مجسمة وملموسة من المساعد الشخصي في الهواتف الذكية مثل «سيري». وبطبيعة الحال، لا يخلو استعمالها من محاذير مثل احتمال تعرضها للاختراق، واستغلال ما تحتفظ به من صور ومعلومات بما يضر بالمستخدمين.

ويُضاف إلى ذلك تساؤلات حول ما إذا كانت الـ«روبوتات» الاجتماعية أو الشخصية مجرد ألعاب ترفيهية، أو يُمكنها أن تُفيد فعلاً في أمور مثل مرافقة كبار السن، أو المساعدة في رعاية الأطفال؟ وفي حال حدث ذلك، فإنه يُمكن تصور إقبال عدد كبير من الأسر على امتلاك «روبوت» منزلي.

وفي الواقع يتطلب نجاح هذه الـ«روبوتات» إثباتها لمنافع حقيقية، فضلاً عن جاذبيتها. وحتى الآن تبعد الإمكانات التي تعد بها روبوتات مثل «جيبو» و«بدي» عما تصورته الأفلام السينائية الأميركية لدور الـ«روبوتات» في المنزل، وترى بريزيال في ذلك خطراً بتسببه في إحباط المستهلكين.

وقال الأستاذ المُتقاعد في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا»، رودني بروكس: «لن يُباع روبوت يُمكنه الغناء والرقص فقط بشكلٍ جيد». وشارك بروكس في تأسيس شركة «آي روبوت» iRobot التي تُنتج المكنسة الكهربائية «رومبا» Roomba.

ومع ذلك، أقرّ بروكس بأن العديد من الأشخاص ربما يسعدون بالعلاقات مع الـ«روبوتات» المنزلية، مشيراً إلى معاملة العديد من المستهلكين المكنسة الكهربائية «رومبا» كمرافقين على نحوٍ محدود جداً، وقال إن «ذلك ربما يُحقق النجاح لهذه الشركات».

 

تويتر