تتمتع بخصائص تجعل منها أقل المواد سماكة وأشدها قوة

الـ «غرافين».. مادة تَعِد بثورة في عالم التقنية

صورة

تقديراً لجهودهما ونجاحهما في إجراء تجارب علمية متنوعة على مادة الـ«غرافين»، حاز العالمان «أندريه جيم» Andre Geim و«كونستنتين نوفوسيلوف» Konstantin Novoselov من جامعة «مانشستر» جائزة «نوبل» في الفيزياء عام 2010.

خواص مدهشة

وتُعتبر الـ«غرافين» مادة ثنائية الأبعاد مكونة من ذرات الكربون، وتتميز بخواص مدهشة تجعل منها أقل المواد سماكة وأشدها قوة، وغير ذلك من المواصفات المُتنوعة التي تعد بتطبيقات لا تعد ولا تحصى.

ومُنذُ اكتشاف خواص الـ«غرافين» وقدراتها الفائقة في مجال الناقلية الكهربائية، تجرى محاولات متنوعة لتطوير شرائح معتمدة عليها، لتكون بديلاً للشرائح السيليكونية السائدة في مجال صناعة اللوحات الخاصة بأجهزة الكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية، إلا أن ذلك لم يتحقق حتى عام 2014، عندما أعلن باحثو شركة «آي بي إم» الأميركية عن تصميم وبناء دارة مُتكاملة مُصنعة من الـ«غرافين» قادرة على توفير أداء مُعادل لما توفره دارات «السيليكون»، لتعلن الشركة بعد فترة قصيرة عن نيتها إنفاق ثلاثة مليارات دولار (نحو 11 مليار درهم) لمتابعة الأبحاث بهدف التوصل إلى شرائح كمبيوتر مُصنعة من الـ«غرافين»، تتفوق من حيث الأداء وانخفاض كلفتها على نظيرتها السيليكونية، ما قد يؤدي في حال نجاحه إلى ثورة في مجال صناعة الدارات المُتكاملة.

ابتكارات مذهلة

وفي مارس من العام الجاري، تمكن علماء من جامعة «مانشستر» بالتعاون مع شركة «غرافين لايتينغ» Graphene Lighting من تصميم مصابيح من الـ«غرافين»، تم تصنيعها عبر إضافة طبقة من الـ«غرافين» فوق مصابيح «أل إي دي» LED التقليدية.

وبفضل ناقليته الكهربائية الممتازة، يؤكد العلماء أن مصابيح الـ«غرافين» قد تكون أكثر فعالية وأطول عمراً بمقدار 10% من مصابيح «أل إي دي»، ومن المُتوقع أن تتوافر هذه المصابيح في الأسواق خلال الشهور القليلة المقبلة.

وتَعِد مادة الـ«غرافين» بابتكاراتٍ مذهلة في مجال «المكثفات الخارقة»، وهي بطاريات قادرة على تخزين كميات أكبر من الطاقة وقابلة لإعادة الشحن بشكل أسرع من نظيرتها التقليدية، وهو أمر قد يؤدي إلى تطوير بطاريات للهواتف الذكية يُمكن شحنها خلال بضع ثوانٍ.

كما وردت العام الماضي تقارير عن قيام شركة «تسلا موتورز» لصناعة السيارات الكهربائية بالعمل على تطوير بطاريات قادرة على تشغيل السيارة لـ500 ميل دفعة واحدة قبل أن تستلزم إعادة شحنها.

الأطراف الصناعية

ومن المُنتظر أن تلعب مادة الـ«غرافين» دوراً حيوياً في مجال صناعة الأطراف الصناعية الإلكترونية، فنظرياً، يُمكن للأطباء استخدام الـ«غرافين» لنقل الكهرباء بين الخلايا البشرية والطرف الصناعي، ما يسمح للإنسان بالتحكم بذراعه الصناعي بواسطة أفكاره، وذلك بفضل ناقلية الـ«غرافين» الممتازة للكهرباء، وأمان عملية دمجه داخل جسم الإنسان كما أكدت بعض الأبحاث.

خلايا الوقود

وتتميز مادة الـ«غرافين» بصفاتٍ متنوعة تجعل منها خياراً يُمكن الاستفادة منه في بناء شاشات هواتف ذكية غير قابلة للكسر، إذ تتميز طبقة الـ«غرافين» بأنها شفافة وخفيفة الوزن وناقلة للكهرباء، وقوية ومرنة.

وفي مجال صناعة السيارات، اكتشف علماء من جامعة «مانشستر» العام الماضي قدرة الـ«غرافين» على تمرير البروتونات من خلاله، وهو أمرٌ من شأنه تحقيق ثورة في صناعة خلايا الوقود، إذ تعمل العديد من الشركات على غرار «هيونداي» الكورية الجنوبية، و«هوندا» و«تويوتا» اليابانيتين على تطوير سيارات بمحركات تعمل بواسطة غاز الهيدروجين الصديق للبيئة.

وبتطوير خلايا وقود مزودة بأغشية ناقلة للبروتونات، فإن ذلك سيوفر حلاً فعالاً للوصول إلى محركات تعمل بواسطة الهيدروجين بشكل أكثر فعالية من ذي قبل.

ولا تقتصر فوائد الـ«غرافين» على عالم التقنية، فمن الممكن استغلال هذه المادة في معظم الأشياء المحيطة بالإنسان، إذ بينت اختبارات، إمكانية دمج هذه المادة في الثياب المضادة للرصاص، نظراً لقوتها الكبيرة، كما بينت تجارب إمكانية استخدام أغشية مُصنعة منها في مجالات تنقية المياه.

تويتر