نمو مبيعات الهواتف وتطوّر كاميراتها يدعمان مبيعات مستشعرات التصوير

صُنّاع الكاميرات يسعون للتكيّف مع تصاعد الإقبال على الهواتف الذكية

صورة

تشهد الشركات المُصنعة للكاميرات في اليابان أوقاتاً عصيبة، فبعد أن تراجعت قبل سنوات مبيعات «الكاميرات العاكسة أحادية العدسة» التي تستخدم الأفلام التقليدية، ويُشيد بها المصورون المحترفون، تواجه بديلتها «الرقمية» المعروفة باسم «الكاميرات الرقمية ذات العدسة الأحادية العاكسة» مصيراً مماثلاً.

ووفقاً لبيانات «اتحاد الكاميرات ومنتجات التصوير» في اليابان، المعروف اختصاراً باسم «سيبا» (CIPA)، تُواصل مبيعات الكاميرات الرقمية ذات العدسة الأحادية العاكسة أو «دي إس إل آر» ومعها الكاميرات عديمة المرايا، تراجعها عاماً بعد آخر.

 

حركة الإقبال

ومنذ عام 2006، توقفت مبيعات الكاميرات المعتمدة على الأفلام، وسبق ذلك، منذ أول أعوام القرن الـ21، تصاعد الإقبال على الكاميرات الرقمية ذات العدسة الأحادية العاكسة، حتى بلغ ذروته في عام 2008، وبدأ التراجع في العام التالي بتأثير الأزمة المالية العالمية.

وعادت شحنات الكاميرات إلى التعافي مُجدداً في عام 2010، وبلغت 120 مليون وحدة سنوياً، لتعود إلى الانحسار مرة أخرى، لدرجة أن توقعات مبيعات العام الجاري تصل إلى 30 مليون وحدة فقط.

وعلى الرغم مما تشهده مبيعات «الكاميرات عديمة المرايا» من بعض الانتعاش، فإن ذلك لا يُعوض غياب المبالاة الذي تُلاقيه بقية منتجات «اتحاد الكاميرات ومنتجات التصوير»، الذي وإن كان لا يضم جميع المصنعين، إلا أنه يشمل أغلبية مُنتجي الطرز الراقية من الكاميرات، ويستحوذ على النصيب الأكبر من أموال هذه الصناعة.

وبطبيعة الحال، لا يُرضي هذا الواقع غير السار مُحبي الكاميرات الرقمية، وهو ما يتجلى بسهولة عند تصفح المواقع المتخصصة في الكاميرات، وقراءة عدد غير قليل من التعليقات الغاضبة من ضعف جودة الصور التي تلتقطها كاميرات الهواتف الذكية، ويظهر أيضاً في المقالات التي تُقارن مستوى تصوير الأنواع المختلفة من الهواتف الذكية، كما تناول تشارلز آرثر في مقال نشرته صحيفة «غارديان» البريطانية.

 

عيوب تقنية

ولا يُمكن إنكار إمكانية جمع «الكاميرات الرقمية ذات العدسة الأحادية العاكسة» لقدرٍ أكبر من الضوء، بسبب تمتعها بمُستشعر أكبر، إضافة إلى ما تُتيحه من «إعدادات» مُتنوعة لالتقاط الصور. لكن في المُقابل، لا يُمكنها عموماً الاتصال بالإنترنت بشكل مستقل، وتفتقر إلى اتصالات «الجيل الثالث» أو الاتصال اللاسلكي بالإنترنت «واي فاي»، ولا تتوافر عليها عشرات التطبيقات المُخصصة لمُشاركة الصور.

وسبق أن طرحت شركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية، في عام 2013، «كاميرا عديمة المرايا» تستخدم نظام تشغيل «أندرويد»، باسم «غالاكسي إن إكس»، وتضمنت ميزة اتصالات الجيل الرابع، بسعر بلغ نحو 1033 دولاراً (3794 درهماً). وعلى الرغم من إمكانية الاتصال اللاسلكي بالإنترنت والتطبيقات، فإن «سامسونغ» لم تُقدم لها طرازاً تالياً، ما قد يُفسره البعض بأن مبيعاتها لم ترقَ إلى المستوى المنشود.

ولا يُقلل تراجع مبيعات الكاميرات الرقمية من قدرتها على التقاط صور أفضل، لاسيما مع المصورين المحترفين. لكن الواقع أن أغلب المستخدمين ليسوا من المتخصصين، ويرغبون فقط في التقاط صور لحياتهم اليومية وأنفسهم وأصدقائهم، من دون الاضطرار إلى حمل جهاز مُستقل أينما ذهبوا.

هواتف ذكية

وفي الوقت الذي يُواجه مُصنعو الكاميرات الرقمية صعوبات في بيع منتجاتهم، يبذل صُناع الطرز فائقة الجودة من الهواتف الذكية جهوداً مُضاعفة لتحسين الكاميرات المدمجة في هواتفهم، ليس فقط لتبلغ مستوى الكاميرات المستقلة، وإنما أيضاً في ما يبدو محاولة لنيل مكانتها، والاستحواذ على سوقها.

فبينما وفرت شركة «أبل» الأميركية في الطراز الأول من هاتفها «آي فون» عام 2007 كاميرا بدقة 2 ميغا بيكسل، فقد خصصت الكثير من الموارد والاهتمام لبرمجية الكاميرا وآليات معالجة الصور على مدار السنوات التالية، ووصلت في نهاية عام 2014 بهاتفيها الجديدين «آي فون 6» و«آي فون 6 بلس» إلى قمة ترتيب موقع «دي إكس أو مارك» DXOMark المتخصص في الكاميرات، في اختبار أجراه في أكتوبر 2014، مُتقدمَيْن على هاتف «غالاكسي إس 5» من شركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية المنافسة.

 

مقاطع الفيديو

ولا تقتصر مُنافسة الهواتف الذكية للكاميرات على التقاط الصور الثابتة، بل تأتي مقاطع الفيديو باعتبارها المجال التالي الطبيعي.

وفي ديسمبر من العام الماضي، استخدم مُراسل «بي بي سي»، إد كامبل، هاتفه «آي فون» لتصوير جانب من الفوضى التي وقعت في صالة المغادرة في مطار هيثرو في العاصمة البريطانية لندن.

والتقط كامبل مقطعاً بكاميرا هاتف «آي فون» المُزود بتطبيق جمع الأخبار الخاص بهيئة «بي بي سي»، ويحمل اسم «بي إن جي» PNG، ومن ثم أرسله إلى الهيئة من خلال شبكة «واي فاي»، وظهرت اللقطات بالفعل في نشرة أخبار العاشرة مساءً. واعتقد كامبل حينها أنها لم تختلف كثيراً عن اللقطات التي صُورت بكاميرا متخصصة محمولة على الكتف.

ويقود ذلك كله إلى التساؤل، وربما القلق، حول مُستقبل أعضاء «اتحاد الكاميرات ومنتجات التصوير» في اليابان، ومُنتجي الكاميرات عموماً، لكن يبدو أن البعض منهم يُحاول التكيف مع الوضع، والاستفادة من تصاعد مبيعات الطرز الراقية من الهواتف الذكية التي تحتاج إلى مُستشعرات فائقة الجودة.

وأعلنت شركة «سوني»، أخيراً، عن عزمها رفع إنتاجها من مستشعرات التصوير بنسبة 45% على مدار الأشهر الـ18 المُقبلة؛ لتلبية تنامي الطلب عليها.

ويُعد قسم التصوير في «سوني» من أكثر أقسام الشركة اليابانية تحقيقاً للأرباح، وتضم قائمة المتعاملين معه «أبل»، و«شياومي» الصينية التي تُحقق نمواً متسارعاً، ما قد يعني أن نمو مبيعات الهواتف الذكية وتطور كاميراتها قد يحمل بعض الخير لمُصنعي الكاميرات.

تويتر