تربط المستهلكين بالمختصين مقابل حصولها على حصة من كل معاملة تجري عبرها

شركات التكنولوجيا الأميركية تتنافس على تقديم الخدمات المنزلية

المنافسة تجلّت مع إطلاق «أمازون» قسم «أمازون هوم سيرفيسز» الذي يُوفر قائمة بالعمال الموثوقين لتنفيذ العديد من المهام. أرشيفية

على الرغم من الطابع اليدوي والمُؤقت للكثير من الأعمال المرتبطة بالمنزل، كالسباكة وإصلاح الكهرباء وتركيب الأجهزة، أو ما يُطلق عليه عموماً الخدمات المنزلية، إلا أن عدداً من أكبر شركات التكنولوجيا، فضلاً عن مشروعات ناشئة في الولايات المتحدة الأميركية، تتنافس لنقل بعض من ميزات «الويب»، كالكفاءة والشفافية، إلى المجال، من خلال ربط المستهلكين بمزودي الخدمات المعتمدين عبر أسواق على الإنترنت، نظير حصولها على حصة من كل معاملة تجري من خلالها.

وتُقدر «أنجيز ليست» Angie’s List، وهي خدمة نشأت قبل 20 عاماً وتُتيح لأصحاب الاشتراكات المدفوعة فيها الحصول على مراجعات لمقدمي الخدمات، سوق الخدمات المنزلية بمبلغ 400 مليار دولار، بينما يعتقد آخرون أن قيمتها تصل إلى 800 مليار دولار.

وتجلت المنافسة أكثر الشهر الماضي مع إطلاق شركة «أمازون» قسم «أمازون هوم سيرفيسز» Amazon Home Services، الذي يُوفر للمستهلكين قائمة بالعمال المحترفين الموثوقين لتنفيذ العديد من المهام مثل تركيب تلفزيون جديد، ويعرض كلٌ منهم السعر المطلوب، الأمر الذي يُتيح للمستهلكين مجالاً للاختيار.

وسبق أن استثمر المُؤسس والرئيس التنفيذي لـ«أمازون»، جيف بيزوس، في شركة «برو.كوم» Pro.com الناشئة العاملة في المجال ذاته، كما تتعاون «أمازون» حالياً مع «تاسك رابيت» TaskRabbit المتخصصة في سوق الخدمات المنزلية.

وقال نائب رئيس سوق «أمازون»، بيتر فاريسي، إن الشركة تُوفر فعلياً 2.4 مليون عرض للخدمات، تغطي أكثر من 700 نوع مختلف.

وأضاف: «أستطيع أن أقول إنه بوجود 85 مليون مستهلك يشترون منتجات من (أمازون) يحتاجون إلى تركيبها أو تجميعها، وقد أخبرنا المستهلكون أن (أمازون هوم سيرفيسز) تُلبي حاجةً مهمة».

وتحصل «أمازون» على حصة 20% من كل معاملة تجري من خلالها. وقال فاريسي إن «أمازون» تُركز دائماً على توفير الخيارات الأوسع على الأرض، وهو ما تنوي فعله مع الخدمات.

وبالنسبة لشركة «أمازون»، يُعد القسم الجديد خطوة ضمن مسار طويل، ليس لتصبح فقط ساحةً لشراء البضائع عبر الإنترنت، وإنما أيضاً لتكون سبيلاً لشراء الخدمات ومنتجات الترفيه. وقالت المُحللة في مؤسسة «فورستر» للأبحاث، سوتشريتا مولبورو: «أعتقد أنها بالتأكيد خطوة ذكية للغاية منهم».

وإلى جانب «أمازون»، تُعد «غوغل» إحدى الشركات الكبيرة التي تخوض مجال الخدمات المنزلية. وذكر متحدث باسم الشركة أن جهودها في هذا الصدد لاتزال في مراحلها المُبكرة. ويُمكن تفسير اتجاه «غوغل» كمحاولة منها لتجاوز اعتماد الجانب الأكبر من إيراداتها على الإعلانات، والتحول لتصير جزءاً من المعاملات الجارية بين المستهلكين ومُقدمي الخدمات، فضلاً عن مساعدتها في تحدي «أمازون» بشكل مباشر، كما تحاول بالفعل مع خدمات التسوق والتوصيل مثل «غوغل إكسبريس».

وقال الأستاذ في «كلية شتيرن لإدارة الأعمال» في جامعة نيويورك، أرون سوندورغان: «يبدأ الكثير من التجارة مع (غوغل)، وهكذا كانت طيلة العقد الماضي، وقد حولوا ذلك إلى عملٍ إعلاني مُربح على نحوٍ مُذهل، لكني أرى اتخاذهم خطوات للاقتراب أكثر من عملية التجزئة الفعلية».

وفي الصيف الماضي، قدم صندوق «غوغل كابيتال» للتمويل دفعة بقيمة 100 مليون دولار إلى شركة «ثمبتاك» Thumbtack الناشئة التي تربط بين المستهلكين والمتخصصين في الخدمات المنزلية الذين يتقدمون بعطاءاتهم للفوز بتنفيذ الأعمال.

ومع دخول «غوغل» المجال ذاته، قال الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك في «ثمبتاك»، ماركو زابكوستا، إنه لم يتضح بعد كيفية إسهام شركته في هذه الخطط.

ومن بين الشركات الناشئة الأخرى التي تُوفر أسواقاً على الإنترنت لأداء الخدمات المنزلية «ريدبيكون» Redbeacon و«بورش» Porch.

كما تحاول أسماء أقدم مثل «أنجيز ليست» تطوير عملها، وطرحت في العام الماضي تطبيقاً للأجهزة المحمولة باسم «سناب فيكس» يسمح لأصحاب المنازل بالتقاط صورة لما يرغبون في إصلاحه، كباب مكسور مثلاً، ثم يتلقون عطاءات من مُقدمي الخدمات. لكن الإقبال على دخول قطاع الخدمات المنزلية لا يُقلل من حجم التحديات القائمة. وأشارت مولبورو إلى صعوبة تحقيق الشركات الناشئة للنجاح.

وفي مثال على عمل مثل هذه الخدمات، استعانت أخيرا سيدة تُدعى ديبورا ديفيد، بقسم «أمازون هوم سيرفيسز» لتركيب صنبور جديد في مطبخها.

ويرى محللون أن هذه المرحلة من شأنها أن تُمثل فرصة «غوغل» للمشاركة وتيسير الأمور.

وتوصلت ديفيد إلى توصيات في موقع «يلب» ومجلة «نيويورك»، وأجرت اتصالات هاتفية وأرسلت بريداً صوتياً، وانتظرت لتتحدث في نهاية المطاف إلى أحد السباكين الذي قدم لها تقديراً مُعقداً للسعر.

وعند هذه المرحلة، قررت ديفيد تجاهل فكرة إصلاح الصنبور، والاتجاه إلى شراء آخر جديد، ونظراً إلى تمتعها بعضوية «أمازون برايم»، اختارت المنتج عبر موقع التجارة الإلكترونية، ولاحظت حينها أيقونة صغيرة تعرض خدمة التركيب، ومن خلالها ظهرت قائمة بالشركات المشاركة وأسعارها، واختارت ديفيد إحداها بسبب سعرها المنخفض مع تحديد الوقت، وبالفعل حضر المختص إلى منزلها، وأنجز العمل المطلوب ببراعة ومن دون مشكلات كما قالت.

وأضافت ديفيد أن «جميع هذه المواقع الآن تفيد بأنها ترغب في إسعادك، ودائماً ما أعتقد أن ذلك سخيف، حسناً، هذه هي المرة الأولى التي يُمكنني القول إني سعيدة، كانت فقط تجربة ممتعة كلياً».

ولفتت إلى شرائها مختلف أنواع البضائع من خلال «أمازون» مرتين أسبوعياً، وبالتالي فلا يُعد شراؤها الخدمات من الشركة نفسها أمراً غريباً. لكن «أمازون» لم تتولَّ تركيب الصنبور الجديد في منزل ديفيد، وإنما أنجزت ذلك شركة صغيرة تأسست قبل عام باسم «هوملوكس» Homlux وتُتيح مجموعة متنوعة من الخدمات المنزلية للمقيمين في خمس بلديات ضمن نيويورك.

وقال رئيسها، مات فيلدمان، إنه تلقى قبل أشهر اتصالاً هاتفياً مُفاجئاً من «أمازون» يخبره بأن مراجعات المتعاملين لخدماته تُؤهله للانضمام إلى القسم الجديد المخصص للخدمات المنزلية.

وتم ذلك بالفعل بعد دفعه التأمين وتقديم الوثائق المطلوبة وإتاحة التحقق من خلفيات موظفيه، لكن عمل «هوملوكس» مع «أمازون» تضمن تغييرات لازمة، منها اضطرارها إلى تخفيض أسعار بعض خدماتها مثل تركيب أجهزة التلفزيون إلى النصف للمنافسة مع مقدمي الخدمات الآخرين، وصعوبة تكيف الشركة الناشئة مع الأسعار الجديدة، غير أنه جلب في الوقت نفسه فرصاً كبيرة للعمل.

 

تويتر