اتفاق «بوسطن» مع «أوبر» يتيح للمدينة تحديد أماكن مشروعات الطرق الجديدة والصيانة وتوفير خيارات أخرى للمواصلات

البيانات تساعد على فهم حياة المدن وتيسيرها

صورة

تبدو مدينة «بوسطن»، عاصمة ولاية «ماساتشوستس» الأميركية وأكبر مدنها، مقارنة مع كثير من مدن العالم القديم، وليدة، لكنها في الواقع واحدة من أقدم مدن الولايات المتحدة، ويرجع تاريخ تأسيسها إلى عام 1630، ولاتزال تحتفظ بشوارعها القديمة الملتوية، ومبانيها بالقرميد الأحمر، وقطارات الأنفاق القديمة.

لكن خلف هذا التاريخ، تتبع المدينة التي يسكنها نحو 645 ألف نسمة، منهجاً حديثاً في الإدارة يسعى لتيسير حياة السكان اعتماداً على البيانات وتحليلها. وفي وقت سابق من يناير الجاري، اتفقت شركة «أوبر تكنولوجيز» Uber، التي تمتلك تطبيقاً للهواتف الذكية يُتيح طلب سيارات الأجرة، مع المدينة، على مشاركة بيانات مُجهلة عن رحلات السيارات.

 

تجربة «بوسطن»

ومن المقرر أن يبدأ العمل بالاتفاق خلال أسبوعين، ثم تتلقى مدينة «بوسطن» تحديثاً للبيانات بشكل ربع سنوي. وتتضمن الأرقام البريدية للأماكن التي بدأت منها رحلات سيارات الأجرة ووجهاتها، وأوقات طلب السيارات، ومدة الرحلة والمسافة التي قطعتها، دون أن تشمل أسماء الأشخاص والأماكن المُحددة.

وبهذا الاتفاق، تُصبح «بوسطن» المدينة الأولى التي تتلقى بيانات عن الانتقالات من «أوبر»، وتُعد البيانات واحداً من أهم أصول الشركة التي لا تُوظف سائقين أو تمتلك سيارات أجرة خاصة بها، ما قد يساعد المدينة وغيرها على تحديد أفضل الأماكن لمشروعات الطرق الجديدة، وتوفير خيارات أخرى للمواصلات، وتحديد أولويات عمليات الصيانة.

وقال الرئيس التنفيذي للمعلومات في مدينة «بوسطن»، ياشا فرانكلين-هودج، إن بيانات «أوبر» ستُساعد فريقه على تقييم تأثير تطوير المدينة في تنقلات السكان، وقياس أوقات التنقل بين الأحياء المُختلفة، وستنضم إلى مجموعات متنوعة من البيانات تستعين بها المدينة.

وعلى غرار الكثير من مدن العالم، تجمع «بوسطن» بيانات حول نظم المواصلات العامة والهواتف المحمولة وسجلات سيارات الأجرة، وتستفيد منها في تحسين إدارتها. ومثلاً تدرس المدينة بالفعل بيانات تتعلق بوسائل المواصلات العامة لدراسة تأثير هدم جسر يقع جنوبي «بوسطن» في السكان المحليين.

وقال آلان ويج، من «جامعة تمبل» في مدينة فيلادلفيا الأميركية: «في الحقيقة دائماً ما استخدمت المدن البيانات»، معتبراً أن الاتفاق الأخير يُشير إلى مدى سرعة استخدام المدن للبيانات.

 

حركة المرور

وتُدرك الكثير من المدن الأخرى في مختلف أنحاء العالم فوائد تجميع البيانات وتحليلها في تسهيل حياة سكانها، بحسب ما قال جون بولاك من «جامعة إمبريال كوليدج» في العاصمة البريطانية، لندن.

وعلى سبيل المثال، ساعدت بيانات من نظم المواصلات في العاصمة البريطانية، على الاستعداد لتدفق عدد كبير من الزوار خلال «دورة الألعاب الأولمبية» التي نظمتها المدينة في صيف عام 2012.

ومن البيانات التي تستخدمها مدينة «بوسطن» بالفعل معلومات عن الاختناقات المرورية المُفاجئة التي قد تحدث بسبب توقف بعض الشاحنات بشكل خاطئ. ويُتابع «مركز إدارة المرور» في بوسطن التكدسات المرورية منذ بدايتها، ويتلقى المركز معلومات مُجهلة عن المواقع الجغرافية للهواتف المحمولة من خلال شركة «إنريكس» Inrix، وتنبيهات من تطبيق «ويز» Waze الذي يُوفر إرشادات للطرق الأقل ازدحاماً اعتماداً على المشاركة الجماعية من السائقين.

ولفت فرانكلين-هودج إلى استخدامهم الكاميرات لمحاولة فهم ما يحدث، وأحياناً ما يتمثل علاج المشكلة الناجمة عن توقف الشاحنات في صفوف متجاورة في إطالة مدة إشارة المرور الخضراء في مكان التكدس، الأمر الذي يسمح للسيارات بطيئة الحركة بالخروج من الازدحام.

 

مواقف وحاويات

ويُمكن للحلول التقنية أن تُسهِل بشكل كبير من حياة سكان المدن، كما أنها تُوفر الفرص للمسؤولين عن إدارة المدن لاستخلاص رؤى جديدة.

وفي مدينة «بوسطن» أيضاً، قال كريس أوسجوود، من مكتب عمدة بوسطن للميكانيكا العمرانية الجديدة، إن ربط 320 منطقة لإيقاف السيارات في وسط المدينة معاً من خلال مستشعرات تتابع إشغال كل منطقة عاد بأكثر من فائدة؛ فمن ناحية سمح للسائقين بالوصول إلى المناطق الخالية من خلال تطبيق «باركينغ» Parking، ومن ناحية أخرى، ساعد مسؤولي المدينة في التعرف الى الأماكن التي تحتاج إلى سياسات جديدة.

وحدد «أوسجوود» وفريقه عدداً من المساحات التي تحظى بإشغال دائم، وقللوا من المدة المسموح بها للحد الأقصى لإشغالها من أربع ساعات إلى ساعتين، وبالمثل رفعوا الحد الأقصى لشغل مساحات لا تُستخدم كثيراً.

وأشار فرانكلين-هودج إلى وجود حاويات للقمامة وإعادة التدوير مُجهزة بأدوات استشعار، ومن خلالها يُمكن لإدارة المدينة في الوقت الحقيقي متابعة مدى امتلاء الحاويات، كما يُتيح لها تحليل تلك البيانات على مدار الوقت توجيه الموارد اللازمة لجمع القمامة.

وتوقع فرانكلين-هودج أن تكون معلومات الانتقالات من «أوبر» بداية لحصول المدينة على مصادر متنوعة من البيانات تعود لشركات خاصة، مُشيراً إلى أنه لا يُمكن للمدينة الاقتصار على قواعد بياناتها، بعدما ثبت إنتاج الخدمات المُوجهة للمستهلكين لبيانات ثمينة للمدن. وقال: «الاتفاق مع (أوبر) هو أول الغيث فقط».

 

تويتر