أصبحت وسيلة أساسية للوصول إلى الإنترنت والفيديو والألعاب وتطبيقات متنوعة

توقعات مستقبل الهواتف الذكية تُركز على وظائفها أكثر من تصميمها

صورة

شهدت الهواتف المحمولة، خلال العقدين الماضيين، تغييرات جذرية عدة في التصميم والوظائف، وانتقلت من الطرازات الأولى كبيرة الحجم، إلى أخرى تستلهم شكل صدفة المحار ويُمكن فتحها، وصولاً إلى تصميمها الحالي الذي يحظى بقبول واسع في الأسواق، ويدعم الشكل المستطيل المصقول والعصري المصنوع من الزجاج والبلاستيك والمعدن.

وبالمثل تطورت ميزاتها من إتاحة المكالمات الهاتفية والرسائل النصية، إلى تباهي المصنعين والمستخدمين بالكاميرات المتقدمة ومُشغلات الموسيقى، إلى أن صارت الهواتف الذكية، حسب ما يرى مُحللون، وسيلةً أساسيةً للوصول إلى الإنترنت والفيديو والألعاب وتطبيقات متنوعة.

ومع ذلك، يبدو أن تطور الهواتف الذكية قد توقف إلى حد كبير، فتُوفر معظم الطرازات الجديدة المزايا نفسها مع إضافة تحسينات تدريجية على الذاكرة والأداء وجودة الشاشة.

وبدلاً من التصميمات المبتكرة، أصبحت الكلفة عامل المفاضلة الأساسي بين الأنواع، وهو ما يتحكم فيه على نحو متزايد الشركات المنتجة في آسيا بتخفيضها للأسعار.

ويرى المحلل في شركة «سي سي إس إنسايت» للأبحاث، بن وود، أنه حينما عرض الرئيس التنفيذي الراحل لشركة «أبل»، ستيف جوبز، هاتف «آي فون» للمرة الأولى، وضع التصميم السائد للهواتف المحمولة على غرار ثبات التصميم الخارجي لكل من السيارة والتلفزيون، وتغيرهما قليلاً خلال العقد الماضي.

وتبع ذلك تطوير مفاهيم متنوعة للتصميمات ومواد التصنيع كالترويج للأجهزة الشفافة، أو القابلة للثني، وأخرى تدعم الشاشات البلاستيكية أو المصنوعة من الياقوت أو «السافير». ومثلاً، يعتقد وود أن التصوير ثلاثي الأبعاد سيُصبح ضمن المزايا واسعة الانتشار.

لكن العديد من المراقبين ينظرون إلى هذه التحولات كمشهد جانبي بغرض التسويق، في حين ينصب التركيز على ما ستقوم به الهواتف الذكية وليس ما يبدو عليه شكلها، ما يعني أن الاختلاف حول المظهر الأمثل للهاتف قد يتراجع كثيراً لصالح زيادة اهتمام المنتجين بالفوائد التي تُوفرها الهواتف وإمكانات الاتصال بها وتفاعلها مع الأجهزة الأخرى في المنازل والسيارات، مع احتمال ألا يكتفي المستخدم باقتناء جهاز ذكي واحد، كما ورد ضمن تقرير لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية.

ويعتقد الرئيس التنفيذي لشركة «تليفونيكا» في المملكة المتحدة، رونان دون، استمرار تفاوت تفضيلات الأشخاص بشأن مسألة الحجم المناسب للهاتف، لكنها لن تقود الابتكار. وتوقع أن تصبح الهواتف مجرد جزء من مجموعة أوسع من الأجهزة، التي من المرجح أن يحتاجها الناس في المستقبل.

ويرى دون أن الأجهزة سترتبط معاً، بحيث تُتيح للمستخدم التحول بسلاسة بين مختلف الشاشات، لاستخدام الأنسب منها لتطبيق معين في وقت بعينه، وتوقع وجود «شبكة من الأجهزة المستخدمة، بمقدورها التنقل بسهولة بين سلسلة من الشاشات المُتصلة التي نمتلكها، للوصول إلى سلسلة مترابطة من التجارب المهيئة للجهاز الأنسب في لحظةٍ محددة».

ولن تقتصر هذه الأجهزة على الهواتف والحواسيب، بل يُمكن أن تتصل بالمنازل لتُصبح الهواتف الذكية أدوات للتحكم عن بعد أو «ريموت كنترول» لفتح الأبواب المزودة بمستشعرات حيوية أو لتشغيل التدفئة. كما قد تعمل كشاشة ثانية تسمح بمُشاهدة زاوية ثانية من مباراة لكرة القدم تُعرض على التلفزيون.

وفي السيارات الذكية، قد تُؤدي الهواتف الذكية مهمة مركز الترفيه ونظام الملاحة بوصلها بلوحة العدادات، وربما تُستخدم كحافظة للأموال لإتمام عمليات الدفع والشراء داخل المتاجر، وهو ما يظهر حالياً عبر العديد من تطبيقات دفع الأموال.

ويدعم جيمس بارفورد، من شركة «أندرز أناليسز» للأبحاث، رؤية للهواتف الذكية تجعلها أقرب إلى أدوات المساعدة الشخصية المعتمدة على الأوامر الصوتية، على غرار ما تُوفره «أبل» في نظام «سيري»، و«مايكروسوفت» في نظام «كورتانا»، لكن مع تحسن قدراتها على توقع احتياجات المستخدمين، كأن تقترح ارتداء المستخدم سترة بسبب برودة الطقس، أو التحذير من الازدحام المروري.

ويتفق مدير الأبحاث في شركة «آي دي سي» لأبحاث السوق، فرانسيسكو جيرونيمو، على أن الثورة الأكبر خلال السنوات العشر المُقبلة «ستكون في الطريقة التي نتفاعل بها مع الهاتف، أو لنكون أكثر دقة في طريقة تفاعل الهاتف معنا».

ويتوقع جيرونيمو تزويد الهواتف بأدوات استشعار «ذكية» تستوعب محيط المستخدمين وتفضيلاتهم الشخصية، إضافة إلى أجهزة يمكنها جمع البيانات معاً، لمساعدة المستخدمين على إدارة حياتهم.

وقال جيرونيمو إن «شاشات مرنة ومزيداً من أدوات الاستشعار، والواقع المُعزز، سمها ما شئت، سيكون لها هدف واحد، وهو المساهمة في أن يصبح هاتفك هو مساعدك»، معتبراً أن مزودي أنظمة التشغيل هم من سيقودون التطورات المُقبلة، بدلاً من مصنعي الأجهزة. وفي الواقع، قد تدفع الاستخدامات المتنوعة للهواتف والحواسيب اللوحية والساعات، وغيرها من الأجهزة القابلة للارتداء، إلى تنحية التساؤل حول تصميم الهواتف جانباً، ومن ثم ينتقل النقاش إلى ما إذا كانت ستُصبح أنحف، أو أخف وزناً، أو تُصنع من البلاستيك أم من المعدن، وتدعم التصوير ثلاثي الأبعاد أم الواقع المُعزز إلى مرتبة أدنى، وبالمثل لا يلعب الدور الأكبر في الاختيار.

ولا يعني ذلك توقف التصميمات المبتكرة، فسيُواصل، دون شك، أبرز المصنعين تقديم تصميمات جديدة، سعياً للتميز عن منافسيهم، لكن سيتحول التركيز الأساسي إلى ما يظهر على الشاشة وليس ما يحيط بها.

تويتر