سجّل مليار مشاهدة يومياً لمقاطع الفيديو منذ يونيو 2014

مقاطع الفيديو تضع «فيس بوك» في منافسة مع مواقع متخصصة

صورة

يشارك مستخدمو «فيس بوك»، البالغ عددهم 1.3 مليار مستخدم شهرياً، أنواعاً مختلفة من المحتوى المكتوب والمرئي. وفي الآونة الأخيرة تزايدت شعبية مقاطع الفيديو المنشورة على الموقع، لدرجة ربما تضع الشبكة الاجتماعية في منافسة مع مواقع مشاركة الفيديو المتخصصة مثل «يوتيوب».

ولا يقلل ذلك من مكانة «يوتيوب»، الذي يسيطر على سوق الفيديو على الإنترنت، خصوصاً باعتباره أرشيفاً منظماً، ومنصة تتيح لمنتجي الفيديو جني الأرباح بعرض الإعلانات قبل المحتوى الخاص بهم أو حوله، لكن يبقى لموقع «فيس بوك» ميزة الاستفادة من الروابط الاجتماعية التي تدفع المستخدمين للاهتمام بالمحتوى الذي يُعجب أصدقاءهم.

ويضاف إلى ذلك دور التغييرات التي أدخلها «فيس بوك» على قسم «خلاصات الأخبار» أو «نيوز فيد»، وأسهم ذلك كله في نمو مشاهدات الفيديو. ومنذ يونيو 2014 سجل «فيس بوك» متوسط مليار مشاهدة لمقاطع الفيديو يومياً، تم ثلثاها عبر الأجهزة المحمولة.

كما يضاف إلى الموقع نحو 100 مليون فيديو جديد كل شهر، وفي حين يُمثل هذا نسبة صغيرة من 100 ساعة من الفيديو تضاف إلى «يوتيوب» في كل دقيقة، إلا أنها تُعد زيادة كبيرة مقارنةً بالوضع قبل أشهر قليلة مضت، بحسب ما تناول تقرير نشرته صحيفة «ذا نيويورك تايمز» الأميركية.

وفي مثال يُبرز إمكانات «فيس بوك» في نشر الفيديو، نشرت صفحة المغنية الأميركية بيونسيه، في الخامس من سبتمبر الجاري، فيديو يعرض إعدادها لحفلها في «توزيع جوائز إم تي في للموسيقى» على كلٍ من «فيس بوك» و«يوتيوب». وخلال الساعات الأربع الأولى، شاهده مستخدمو «فيس بوك» 2.4 مليون مرة، بينما لم ينل في المدى نفسه سوى آلاف المشاهدات على «يوتيوب»، ويرجع ذلك أساساً إلى أن العديد من معجبي صفحة المغنية على «فيس بوك»، الذين يتجاوز عددهم 64 مليون شخص، شاهدوا الفيديو في «خلاصات الأخبار»، ثم شاركوه مع أصدقائهم، بينما لا تتوافر لديهم على «يوتيوب» هذه الطريقة السهلة لنشر ما يعجبهم.

وقالت المسؤولة عن الجانب الرقمي في شركة «باركوود إنترتينمنت» التي تدير حسابات بيونسيه، لورين ويرتزر سيوود، «بالنسبة لنا صار (فيس بوك) المنصة الرئيسة التي نستخدمها لتوصيل المحتوى إلى الجماهير».

 

التشغيل التلقائي

وفي ديسمبر 2013 أطلق «فيس بوك» خاصية التشغيل التلقائي لمقاطع الفيديو في «خلاصات الأخبار» مع إغلاق الصوت، لكن الخاصية التي يُمكن للمستخدمين إيقافها أحبطت العديدين، نظراً لاضطرارهم إلى دفع رسوم إضافية للبيانات على هواتفهم المحمولة.

ولذلك أدخل «فيس بوك» تغييرات على خاصية التشغيل التلقائي لتقليل استهلاك البيانات، وأضاف لمستخدمي المحمول خياراً يتيح لهم تشغيل الميزة فقط حال اتصالهم بالإنترنت لاسلكياً عبر «واي فاي».

وفي ما يتعلق بخطوة أخرى تسمح للمستخدمين بتضمين مقاطع الفيديو على «فيس بوك» في مواقع أخرى، على غرار ما يُوفره «يوتيوب» وغيره، قال كوكس: «لا ندعم التضمين حالياً، ينبغي علينا ذلك»، مشيراً إلى حاجتهم إلى ضمان توفير ضوابط جيدة للمستخدين، تسمح لهم بالتحكم في مقاطع الفيديو التي يُشاهدونها، وكيفية مشاهدتهم لها.

ومع حاجة خطوة كهذه إلى الوقت والإعداد، قدمت «فيس بوك» في الثامن من سبتمبر الجاري أدوات جديدة تهدف إلى مساعدة ناشري الفيديو على متابعة وتحسين أدائهم، يأتي في مقدمتها عداد عام يُظهر للمستخدمين عدد مرات مشاهدة الفيديو.

 

«بي بي سي نيوز»

ولايزال ناشرو الفيديو في «فيس بوك» يحاولون التوصل إلى المحتوى الذي يحقق أكبر قدر من الشعبية، إذ توصل موقع «بي بي سي نيوز» إلى ملاءمة الأخبار العاجلة لموقع التدوين المُصغر «تويتر» أكثر من غيره، نظراً لبحث مستخدميه المتواصل عن أحدث المعلومات.

وفي المقابل، وجد «بي بي سي نيوز» أن القصص الإخبارية التي لا ترتبط بوقت محدد تناسب موقع «فيس بوك»، كما تحقق مقاطع الفيديو التي لا تتعرض لكثير من التدخل والتعديل، مثل التي يلتقطها أفراد أو كاميرات عامة، نجاحاً ملحوظاً.

وقال محرر الإعلام الاجتماعي في «بي بي سي نيوز»، كريس هاملتون، إن «قلة جودة هذه المقاطع تضفي عليها طابع الأصالة والصدق».

ومن بين أكثر مقاطع الفيديو نجاحاً في «بي بي سي نيوز»، فيديو بطريقة «تايم لابس» أو «التصوير السريع»، يُظهر مجموعة مسافرين في مدينة بيرث الأسترالية يحاولون معاً دفع عربة قطار لإنقاذ رجل سقطت قدمه بين القطار والرصيف.

 

موقع «بزفيد»

وفي مثال آخر، يضع حالياً موقع الأخبار والترفيه «بزفيد» BuzzFeed، موقع «فيس بوك» في حسبانه عند إنتاج المحتوى، ويُصمم مقاطع فيديو تنجح في جذب المستخدمين في الثواني القليلة الأولى التي تعمل بشكل تلقائي.

وعلى الرغم من نشر «بزفيد» محتواه في العديد من المواقع، فإن «فيس بوك» يُعد من أسرعها نمواً. وبحسب فرانك، ارتفع عدد مرات مشاركة مقاطع الفيديو الخاصة بالموقع في «فيس بوك» بنسبة 160% بين يونيو ويوليو الماضيين، كما نمت بنسبة 200% من يوليو إلى أغسطس.

 

«دلو الثلج»

وربما يمكن لما عُرف باسم «تحدي دلو الثلج»، أكثر من أي شيء آخر، أن يُبين قوة إمكانات الفيديو في «فيس بوك»، إذ انتشرت الظاهرة بقوة خلال الصيف الحالي في مواقع الإعلام الاجتماعي، وشارك فيها الملايين من المشاهير إلى الأشخاص العاديين، إذ يسكب الشخص دلواً من الماء المُثلج على رأسه، ويدعو آخرين للقيام بالأمر نفسه لجمع الأموال لأبحاث مرض «التصلب الجانبي الضموري».

وفي الفترة الممتدة من مطلع يونيو إلى سبتمبر الجاري، أفاد «فيس بوك» بأنه جرت مشاركة أكثر من 17 مليون فيديو على صلة بالتحدي، كما شاهدها أكثر من 400 مليون شخص لأكثر من 10 مليارات مرة، ويرجع ذلك إلى سهولة مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة عبر خاصية «التشغيل التلقائي»، كما تسمح خاصية الإشارات Tag للمستخدمين بدعوة أصدقائهم للتحدي نفسه.

وفي السياق نفسه، أطلق تطبيق الصور «انستغرام»، الذي تمتلكه «فيس بوك»، خلال أغسطس الماضي تطبيق «هايبر لابس» Hyperlapse الذي يُتيح تصوير مقاطع فيديو بطريقة «تايم لابس» Time-Lapse، الأمر الذي سيُعزز من مشاركة الفيديو على «فيس بوك».

 

أرباح محتملة

وفي ما يتعلق بالأرباح المحتملة للموقع، فعلى العكس من «يوتيوب» الذي ينشر الإعلانات قبل عرض العديد من مقاطع الفيديو وحولها، لا يجني «فيس بوك» حتى الآن أي عائدات نظير عرض الفيديو، باستثناء بعض المقاطع الشبيهة بالإعلانات التلفزيوينة التي تندرج ضمن إعلانات الموقع.

لكن مدير المنتج في «فيس بوك» والمشرف على كلٍ من الفيديو وإعلانات الفيديو، فيدجي سيمو، أشار إلى تفاعل المستخدمين بمعدل أكبر مع الفيديو، مقارنة بالأنواع الأخرى من المحتوى، ومن ثم يُمكن للمستخدمين المهتمين بالمشاركة قضاء مزيد من الوقت في تصفح «خلاصات الأخبار»، ما يُعرضهم لقدرٍ أكبر من الإعلانات.

وتعتقد المحللة الرئيسة في شركة أبحاث «إي ماركتر»، ديبرا آهو وليامسون، بتوفير الفيديو فرصة هائلة للناشرين الرقميين، لافتة إلى أن على المستخدمين أن يتوقعوا رؤية المزيد منه.

وتوقعت وليامسون أنه مع تزايد انتشار مقاطع الفيديو على «فيس بوك»، سيتجه المستخدمون إلى تجاهلها.

 

تويتر