أماكن نائية ومجهولة في القارة حققت شهرة عالمية بفضل الإعلام الاجتماعي

التكنولوجيا تُعيد تعريف العالم بالسياحة في إفريقيا

صورة

تمتلك قارة إفريقيا من الإمكانات الطبيعية والتاريخية ما يُناسب أذواقاً مختلفة؛ من طبيعة جميلة وحيوانات برية، إلى شواطئ بكر ومدن متعددة الثقافات، وبالتالي لا عجب أن يزورها سنوياً ما يزيد على 40 مليون شخص، وفقاً لإحصاءات البنك الدولي.

وتشهد أعداد السياح إلى إفريقيا نمواً متسارعاً، إذ تُقدر مجموعة «إيرو مونيتور» للأبحاث أن يصل دخل السياحة في إفريقيا، خلال عام 2014، إلى 54 مليون دولار (نحو 198 مليون درهم)، مقارنةً مع 42 مليار دولار (نحو 154 مليون درهم) عام 2011. وتلعب تكنولوجيا الإنترنت والأجهزة المحمولة دوراً متزايد الأهمية في جهود إفريقيا، لتدعيم مكانتها السياحية، وتغيير الأفكار الشائعة عنها.

ويبدأ دور التكنولوجيا بتغيير سبل التسويق للوجهات السياحية، إذ يعتقد الرئيس التنفيذي لهيئة السياحة في مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا، إنفر دوميني، أن التكنولوجيا والابتكار أثّرا في مجال السياحة، ربما بما يفوق تأثيرهما في أي مجال آخر.

وبدأت الهيئة تفكر في استخدام التكنولوجيا للوصول إلى الزوار المحتملين، وأولئك الذين يترددون على المدينة بانتظام قبل بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2010، التي أقيمت في جنوب إفريقيا.

وقال دوميني «لا تتوافر لدينا الميزانيات المتاحة نفسها لدى المدن الكبرى، كما لا يصب سعر الصرف في مصلحتنا، لكننا لاحظنا اتجاهاً مهماً في التحول إلى الجانب الرقمي، وتقبلنا ذلك».

ومن بين محاولات الاستفادة من التكنولوجيا في ترويج وتحسين تجربة السياح في كيب تاون: حافلات «ثاندو» المكشوفة، التي يعني اسمها «الحب» في لغة الـ«خوسا» المحلية. وتُوفر الحافلات خدمة الاتصال اللاسلكي بالإنترنت (واي فاي) مجاناً، وشاشات «إل سي دي»، وإمكانية حجز الرحلات أثناء التنقل.

وإضافة إلى دور التكنولوجيا في الدعاية للوجهات السياحية في إفريقيا، يرى البعض أنه يمكن استثمارها في مساعدة السياح على استكشاف وفهم الأماكن التي يزورونها، والوصول إلى مصادر معلومات متنوعة بفضل هواتفهم الذكية والأدلة السياحية المبتكرة.

بدورها، فكرت شركة «فويس ماب» الناشئة في جنوب إفريقيا، في إضفاء لمسة محلية على جولات السير على الأقدام، باستغلال انتشار الهواتف الذكية، وتقنية تحديد المواقع الجغرافية. وتتيح الشركة تعليقات مختلفة ترافق جولات السير، وتسمح للناس بأن يقدموا تعليقاتهم الخاصة المرتبطة بنظام تحديد المواقع «جي بي إس»، ما يعني عدداً كبيراً ومتنوعاً من الأدلة السياحية، ليتسنى للزوار الاختيار من بينها.

وترجع الفكرة إلى مؤسس الشركة، إيان مانلي، الذي سافر لأماكن مختلفة من العالم قبل أن يعود إلى جنوب إفريقيا، وبعد عمله في إعداد تعليقات للجولات بالحافلات المكشوفة والرحلات البحرية، لاحظ عدم تغطيتها للتاريخ الثري لتلك الأماكن.

وقال مانلي «حينما كنا نقوم بالتعليقات في رحلات الحافلة المكشوفة في كيب تاون، وجدنا أن فكرة الصوت الواحد لم تنجح على الإطلاق؛ لأن لدى كيب تاون العديد من التجمعات المختلفة، كما أن تاريخ المدينة هو أمر محل نزاع، وهو ما ينطبق على المدن الأخرى».

ويمكن لأي شخص زيارة موقع «فويس ماب» على الإنترنت، وتسجيل تعليقات لترافق جولات السير، كما تتيح الشركة تطبيقاً لهواتف «آي فون»، وتعمل على إطلاق نسخة تلائم نظام «أندرويد» قريباً. ويمكن لأصحاب التسجيلات الاختيار بين توفيرها مجاناً أو مقابل أجر، وبعد تلقي المال عبر «آبل» أو «باي بال»، تتقاسم «فويس ماب» مبلغ الاشتراك مع صاحب التعليق.

ويعتقد «مانلي» أن التكنولوجيا مؤهلة على نحوٍ فريد لتغيير الطريقة التي ينظر بها الناس إلى إفريقيا ويسافرون خلالها. وقال: «أعتقد أن هناك الكثير من الصور النمطية في ما يتعلق بما يعنيه السفر إلى إفريقيا، وعدم تقدير الناس للفروق الدقيقة».

وأضاف أن لكل بلد ومكان هويته المختلفة تماماً، ومن الواضح أن التكنولوجيا توفر للناس طريقة لتوصيل تلك الهويات المختلفة، كما تسمح للآخرين بإدراك تلك الفروق الدقيقة.

ويمكن اعتبار الأماكن النائية أحد أهم الأمثلة على الاستفادة من التكنولوجيا، فبسببها، ومع عمل الشركات الناشئة، وصلت إلى جمهور عالمي مغامر، تشجع على تجاوز تجارب السياحة التقليدية في إفريقيا. وتحاول شركة «إي توريزم فورنتيرز» في كينيا تطوير السياحة على الإنترنت في الأسواق الناشئة.

وأشار المدير الإداري لشركة «إي توريزم فورنتيرز»، دانيان كوك، إلى نمو استخدام التكنولوجيا في مجال السياحة في وقتٍ تتأخر فيه إفريقيا عن هذا الركب.

وبدأ كوك في تنظيم حلقات دراسية تدريبية حول تحسين فاعلية الشركات على الإنترنت، والضغط على الحكومة لتحسين الاتصال بالإنترنت، وحلول التجارة الإلكترونية، لافتاً إلى الدور بالغ الأهمية للإعلام الاجتماعي، فحالياً يحصل الناس من خلاله على المعلومات بدلاً من المصادر الرسمية، كما يستخدم السياح هواتفهم الذكية والاتصال المجاني بالإنترنت باستمرار، لنشر تجاربهم. ويعني ذلك دوراً في الدعاية المبتكرة وغير المكلفة لوجهات جديدة وغير معروفة.

وضرب كوك مثالاً بالشهرة التي نجح في تحقيقها نُزُل «راس مبسي»، على ساحل تنزانيا من خلال الإعلام الاجتماعي، ويعتمد على حساب مبتكر ونشط في موقع التدوين المصغر «تويتر»، حظي بتقديمه في عدد من المجلات العالمية المتخصصة في السفر ونمط الحياة.

ولا تنفي إمكانات التكنولوجيا التحديات التي تواجه قطاع السياحة في إفريقيا، وفي مقدمتها عقبات استخدام التكنولوجيا في السياحة مثل سرعات الإنترنت المحدودة، والتكاليف الكبيرة نسبياً، ونقص المهارات. ويُحذر فريق «إي توريزم فورنتيرز» من أن تقديم التكنولوجيا على التجربة السياحية سينتهي إلى تقديم عروض تفتقد الإلهام.

وأشار كوك إلى تحديات أخرى منها إجابة توقعات السوق، لاسيما ما يتعلق بالإعلام الاجتماعي، والمحتوى المحلي، وتطبيقات المحمول، لكن هذه الصعوبات وغيرها لا تحول دون ازدهار السياحة في إفريقيا، بدعم من الاقتصادات النامية والعالم المتصل رقمياً.

تويتر