يحاكي طريقة تعرف الخفافيش إلى الأماكن أثناء الطيران

«ساوند لوك».. نظام لتحديد المواقع داخل المباني

صورة

أحدث نظام تحديد المواقع العالمي «جي بي إس» تغييرات عميقة في أسلوب تفاعل البشر مع الأماكن المحيطة، وفتح الباب لعددٍ كبيرٍ من التطبيقات النافعة، إلا أن النظام المعتمد على الأقمار الاصطناعية يظل غير ذي فائدة تقريباً داخل الأماكن المغلقة مثل البنايات.

ودفع ذلك بعدد من المهندسين والباحثين إلى محاولة التوصل إلى طرق بديلة بسيطة وغير باهظة الكلفة لتحديد المواقع داخل الأماكن المغلقة، وتضمنت المحاولات استخدام إشارات الاتصال اللاسلكي بالإنترنت «واي فاي»، إلا أنه يعيبها توفيرها قدراً محدوداً من الدقة، نظراً إلى تفاوت قوة الإشارة بدرجةٍ كبيرة داخل المبنى، ما يُصعب من إمكانية اعتبارها قياسات قاطعة وقابلة للتكرار.

ويواصل الباحثون مساعيهم في اختبار أساليب مبتكرة لنظام تحديد المواقع داخل الأماكن المغلقة، ومن ذلك محاولة لفريق من الباحثين في جامعة كاليفورنيا في «بيركلي» بالولايات المتحدة، وتعتمد على آلية بسيطة ورخيصة يُمكنها التعرف إلى الغرف المختلفة، استناداً على مجموعة صغيرة من البيانات تُجمع مُسبقاً.

ويُعتبر النظام الجديد في جوهره شكلاً من أشكال التعرف إلى الأماكن عبر الصدى، أو استشعار الأماكن عبر صدى الصوت، في استلهام من الخفافيش التي تسترشد في حركتها بإصدار موجات صوتية بترددات عالية جداً لا يمكن للبشر سماعها، ثم ترصد صداها، ما يتيح لها الطيران في الظلام، وتفادي العوائق المحيطة بها أثناء الطيران، وتحديد أماكن فرائسها بدقة، كما تتميز الدلافين بآلية مشابهة لاستشعار الصوت خلال السباحة.

وبالمثل، تعتمد فكرة الباحثين على إصدار صوت ثم الاستماع إلى رجعه، ورصد ما طرأ عليه من تشوهات، وتُبين هذه التشوهات شكل وحجم الغرفة، ونوع المواد المستخدمة في الجدران والأرضيات، إضافة إلى قطع الأثاث والأشخاص الذين قد يوجدون داخلها.

لكن تطبيق فكرة مثل هذه، يتطلب وجود جهاز خاص للقياس مثل مُكبر للصوت مُؤهل لقياس مجال الصوت بدقة، كما يعيبه احتمال تسبب الضوضاء غير المرغوبة في تشوش النتيجة.

وسعياً من باحثي جامعة كاليفورنيا لتفادي هذه العيوب، طوروا طريقة لمعالجة الإشارات تتجاهل الضوضاء، ما أتاح لهم جمع بيانات بواسطة مُكبر الصوت، والسماعات المُدمجة في كمبيوتر محمول.

وأطلق الباحثون على النظام اسم «ساوند لوك» SoundLoc، واختبروا عمله في 10 غرف مختلفة في حرم جامعة «كاليفورنيا – بيركلي»، وأثناء الاختبار أصدر الكمبيوتر المحمول مجموعة مميزة من الموجات الصوتية ثم رصد صداها، وجمع فريق البحث 50 عينة من كل موقع تضمنت ضوضاء في خلفية الصدى مثل خطوات الأقدام، وحديث لأشخاص، وأصوات أجهزة التهوية والتدفئة، ومن ثم عالجوا البيانات للتوصل إلى بصمة الصدى المميزة لكل غرفة.

وبحسب دراسة الباحثين، التي جاءت بعنوان «ساوند لوك: طريقة سمعية لتحديد المواضع داخل الأماكن المغلقة دون بنية تحتية»، حقق نظام «ساوند لوك» نتائج لافتة للنظر، بنجاحه في تحديد غرف فردية بنسبة دقة بلغت 97.8%، ما يفتح ذلك المجال للعديد من التطبيقات المهمة.

ويُعنى الباحثون على وجه الخصوص باستخدام هذا الأسلوب في تقليل استهلاك الطاقة الكهربائية داخل المباني، إذ تُعتبر المباني التجارية والسكنية مسؤولة عن 40% من استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة، وبالتالي فإن بقاء المباني خالية يعني إهداراً كبيراً في الطاقة.

وتكمن المشكلة بالطبع في تحديد التوقيت الذي لا يُستخدم فيه أحد المباني أو بعض غرفه، بحيث تُطفأ الإضاءة وأجهزة التدفئة ونحو ذلك تلقائياً. ولا يصعب تصور فائدة «ساوند لوك» إذا ما أمكن استخدام توقيع الصوت الخاص بكل غرفة لتحديد وجود أشخاص بها أم لا، على الرغم من أن فريق البحث لم يختبر هذا الجانب حتى الآن.

تويتر