حوادث سطو متواصلة على آثار إسلامية بمصر منذ الثورة

سرقة مشكاوات الملك فؤاد تفتح ملف «لصوص المساجد»

صورة

فجّر حادث سرقة ست مشكاوات من أصل 15 بحجرة الملك الراحل فؤاد الأول بمسجد رفاعة بالقاهرة، نقاشاً حكومياً وبرلمانياً واعلامياً واسعاً حول ضرورة فتح ملف سرقة الآثار الإسلامية، خصوصاً من المساجد، الذي تصاعد بشكل غير مسبوق منذ ثورة 25 يناير وحتى اليوم. وتبادلت الجهات المسؤولة الاتهامات مكررة السيناريو ذاته الذي حدث عقب عشرات الحوادث السابقة، وزار وزير الآثار، خالد العناني، المسجد الاثري، وأجرت وزارته جرداً على كل قطع الآثار الاسلامية الموجودة، فيما أعلنت وزارة الداخلية الاستنفار في المطارات لغلق الباب الأهم في الإفلات بالسرقة، المتمثل في تهريبها إلى خارج البلاد.

يعود تاريخ المشكاوات المسروقة الى عام 1911، وهي مشكاوات مدلاة من السقف في حجرة دفن الملك فؤاد والأميرة فريال أحفاد الأسرة العلوية، ومصنوعة من الزجاج المموّه، وعليها ختم الخديوي عباس حلمي الثاني، ومحفورة عليها آية من سورة النور تقول «اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ».

• 40 سنتيمتراً ارتفاع المشكاة الواحدة، وقطرها يصل إلى 17 سنتيمتراً.

• سرقات المساجد الأثرية.. سلسلة لا تنتهي.

ويصل ارتفاع الواحدة منها إلى 40 سنتيمتراً وقطرها إلى 17 سنتيمتراً. وألمحت جهات أمنية الى وقوع الحادث بمعاونة عامل في المسجد الأثري، وأرجعت ذلك الى أن السطو يحتاج الى وقت مطوّل لتفكيك المشكاوات، لكن وزارة الأوقاف، رغم إحالة جميع العاملين في المسجد الى التحقيق، قالت على لسان رئيس القطاع الديني، الدكتور جابر طايع: «ليس للوزارة أي صلة بالحادث، مهمتنا هي الصلاة وإقامة الشعائر من العصر إلى العشاء، وهذا عمل الإمام، أما العمال فدورهم فتح المسجد والأذان فقط، أما خلاف ذلك داخل المسجد فمهامه منوطة إلى وزارة الآثار»، وإن كان نائب وزير الأوقاف السابق، محمد عبداللطيف، قد حمّل «الأوقاف» المسؤولية.

وقال في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) معلقاً: «إنها حالياً في عهدتنا، إذا كانت الدولة تريد أن تكون وزارة الآثار هي المسؤولة عن المساجد الأثرية، فيجب حصر جميع المقتنيات الأثرية، وتسجيل كل قطعة بشكل دقيق، وتصويرها فوتوغرافيا بجميع أبعادها، ثم تنقل إلى مخازن وزارة الآثار، التي ستتمكن حينئذ من إعداد نشرة بأوصافها وإرسالها إلى الشرطة الدولية (الإنتربول)، لتسهيل عملية استردادها حال سرقتها وتهريبها إلى الخارج».

من جانبه، صرّح رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية في وزارة الآثار، سعيد حلمي، بأن «القاعة الملكية المجاورة للمقبرة، التي اختفت منها المشكاوات كان يتم فيها تصوير مشاهد فيلم سينمائي هو (الكنز) من صباح يوم الخميس إلى فجر يوم الجمعة الماضيين، بطولة الفنان محمد رمضان، وأنه لا يجوز أن نلقي أي اتهام على أحد، حيث إن الحادث بأكمله يخضع للتحقيق».

وقال الباحث الأثري جمال أمين لـ«الإمارات اليوم» إن موضوع سرقات المساجد يحتاج الى وقفة نوعية، بعد أن أصبح وضع مصر شبيهاً بسورية والعراق، وربما أصعب من بعد 25 يناير، حيث شهدنا عشرات حوادث السطو بلا مبالغة، وبقدر ما تتعرض البلاد لواقع نهب أثري شبه يومي، تتعرض المساجد لهذه الحوادث بشكل مكثف، ربما استغلالاً لحالة الاحساس بالأمان الموجودة حولها، كونها دور عبادة.

واقترح أمين تشكيل هيئة متابعة مكونة من كل من وزارات الآثار والأوقاف والداخلية، اضافة الى الحكم المحلي لمعرفته بطابع كل حي، وأجهزة أمنية أخرى، على أن تعمل بخطة خارج الصندوق، مثل تعيين اشخاص بلباس مدني كحرس سري، يتم نشرهم داخل وحول دور العبادة.

وقال الباحث في «علم المصريات»، بسام الشماع، في تصريح إعلامي، إن اللص في هذه الأحوال يكون على دراية كاملة بما يفعل، خصوصاً أن السرقات تعكس نمطاً منظماً، من أغرب تلك السرقات ما حدث عام 2008، بسرقة منبر «مسجد قايتباي الرماح».

ووصف أمين عام اتحاد الأثريين العرب، محمد الكحلاوي، ما يحدث بـ«الطامة الكبرى»، وقال: «كيف يمكن للمرء أن يتخيل سرقة منبر بطول سبعة أمتار من مسجد قايتباي الرماح (يقع أمام مسجد الرفاعي)، الذي يعد واحداً من أجمل المنابر في تاريخ العالم الإسلامي. ثم أخيراً تسرق مشكاوات نادرة في المنطقة نفسها، دون أن تتحرك السلطات لحماية ما تبقى من آثار!».

• تتعرض المساجد المصرية منذ 25 يناير 2011 لحوادث سرقة متواصلة لمقتنيات مساجدها الأثرية، وتالياً قائمة لبعض هذه الحوادث:

-- تمت سرقة أجزاء من التفاصيل النحاسية لمسجد السلطان الغوري، وانتزاع حشوات خشبية من المنبر فى يونيو 2011.

-- تمت سرقة مفصلات نحاسية أصلية عليها كتابة من منبر جامع أحمد بن طولون في يونيو 2014. كما أن جامع أحمد بن طولون هو المسجد الوحيد في مصر الذي لم تتغير معالمه.

-- تعرض مسجدا الرفاعي والسلطان حسن للسرقة، ولم يكتشف أمرها إلا بعد ظهور القطع المسروقة في المزادات العالمية، حيث ظهرت ثلاث مشكاوات في مزاد صالة «كريستي» بلندن، هذا بخلاف سرقة الحليات النحاسية من قبر الملك فاروق والعائلة العلوية، الملحق بالمسجد نفسه. واختفى في مارس 2014، من المسجد ذاته عدد آخر من المشكاوات، لم يتم التوصل إلى أية معلومات بشأن سرقتها حتى اللحظة.

في عام 2014 اقتحم لصوص جامع المؤيد شيخ، بالقاهرة القديمة، وتمت سرقة حشوات الكتابة الموجودة بالباب.

في شهر مارس 2014 تكررت تلك الظاهرة باكتشاف سرقة مسجد تغري بردى، حيث أزيلت أبواب المنبر الخشبية المزخرفة، ولم يعرف أحد مكانها حتى الآن.

امتدت السرقات إلى الجامع الأزرق في شارع باب الوزير بمنطقة الدرب الأحمر، الذي سرقت منه لوحة رخامية بجانب محراب المسجد، مكتوب عليها بماء الذهب مشهد الرؤية، الذي يصف ظهور محمد «عليه الصلاة والسلام» داخل محراب المسجد وحول رأسه هالة من النور، ويسمى المسجد جامع النور بسبب هذا المشهد، وأسسه الأمير «آق سنقر الناصري» أحد أمراء دولة المماليك البحرية.

تعرضت مجموعة مسجد السلطان برقوق (في قلب شارع المعز الذي يعج بالحركة 24 ساعة) للسطو، وتمت سرقة مجموعة من الحشوات الأثرية موجودة أعلى باب مسجد السلطان برقوق.

تعرض مسجد قايتباي الذي يقع في مقبرة المماليك بشرق القاهرة، للسرقة ثلاث مرات، كان آخرها في فبراير 2013، حيث تمت سرقة الحشوات الأثرية المصنوعة من العاج والأبنوس من منبر مسجد قايتباي الأثري، وتفريغ المنبر تماماً من هذه الحشوات، كما سرق من قبل حشو كرسي المصحف، وكذلك سرقة الصرة النحاسية للمسجد.

تعرض مسجد الصالح طلائع بن رزيك المبني عام 555هـ،، وهو ثالث مسجد معلق في العالم للسطو، وتمت سرقة حشوات باب الروضة من منبر مسجد أزبك اليوسفي، كما سرق النص التجديدي به في شهر يونيو 2014، حيث كان نص كتابته: «جُدد هذا المنبر المبارك في عصر خديو مصر عباس حلمي الثاني بمباركة لجنة الآثار العربية سنة عشرة وثلاثمائة وألف هجرياً».

-- تمت سرقة منبر مسجد قاني باي الرماح الأثري (بكامله) الذي يقع ضمن مجموعة مسجد السلطان حسن الشهير بوسط القاهرة، هذا المنبر المسروق يتكون من مجموعة من الحشوات الخشبية المجمعة على شكل أطباق نجمية، والتي تم تطعيمها بسن الفيل والمصنعة من نوع خاص من الخشب.

-- تعرض الباب الرئيس لجامع المؤيد شيخ، لسرقة مجموعة من الحشوات النحاسية، والباب نفسه يعود تاريخ صنعه إلى القرن الـ14 الميلادي.

تويتر