أسسه الخديوي إسماعيل.. وأقام فيه «لورانس العرب»...ورسخ فيه عادل إمام جماهيريته

حملة شعبية ضد هدم فندق «جراند كونتيننتال» بمصر

صورة

تتصاعد في مصر حملة شعبية ضد هدم فندق «جراند كونتيننتال» التاريخي الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1891، وطالب معارضون للهدم بتدخل وزارة الآثار واعتباره «أثراً»، بعد أن مرّ عليه أكثر من 125 عاماً، ودعا ناشطون وأساتذة تاريخ ومثقفون لتدخل إداري لوقف الهدم، مشددين على أنه سجل في عام 2009 بوصفه من «المباني المميزة معمارياً» لكن لجنة علمية شكلت عام 2008 قالت إن «المبنى غير قابل للترميم»، كما أن ترخيص هدم كلي صدر في فبراير 2016 بحق المبنى، فيما يقول الجهاز القومي للتنسيق الحضاري إن الهدم سيتم مع «الإبقاء على الواجهة، وهدم بقية الأجزاء».

يعود تاريخ بناء «جراند كونيننتنال»، المقام على مساحة 11 ألف متر، الى عام 1891 حيث استغرق بناؤه 9 سنوات، وافتتح في ديسمبر 1899، وكان يطلق عليه اسم «الكونتيننتال الملكي»، ويقع الفندق على ناصية ميدان الأوبرا، في تقاطع شارع عدلي مع الجمهورية، وكان يضم كازينو كبيراً يطل على الأزبكية ارتاده سياح أجانب ومصريون مشهورون، وعملت به لفترة الفنانة بديعه مصابني.

وقال المؤرخ المصري المعروف، العميد السابق لآداب حلوان وعضو الجمعية التاريخية، د.عاصم دسوقي، لـ«الإمارات اليوم» «إن هناك أهمية خاصة لفندق جراند كونتيننتال تتعدى استضافته شخصيات تاريخية عالمية، وهو ارتباطه بحدث جوهري حول وجه مصر الحديث هو ثورة 1919، فقد أقام بالفندق قادة الثورة، ومن بينهم سعد زغلول ومصطفى النحاس، هذا علاوة على أن الفندق شهد إعلان إلغاء الحماية البريطانية».

ونوه دسوقي إلى «ضرورة تدخل وزارة الآثار لأنها تمتلك صلاحيات ذلك، بينما لا تملك الجمعية التاريخية، أو أي هيئة مثقفين أكثر من سلطة معنوية، لا تزيد فعاليتها على الشجب والإدانة وإصدار البيانات».

وتقول موسوعة «مدينة القاهرة في ألف عام» لمؤلفها الدكتور عبدالرحمن زكي «إن تأسيس الفندق تم على يد رجل يوغسلافي، وكان من رواد بهوه الزعيم سعد زغلول، وأحمد زيور باشا، رئيس الوزراء في عشرينات القرن الماضي، وشهدت إحدى قاعات المبنى قيام الملك فؤاد بإعلان الملكية واستقلال مصر عن إنجلترا في مارس 1922، وقبل ذلك كان مقراً لإقامة الضابط الانجليزي توماس إدوارد لورانس، الشهير بـ«لورانس العرب»، عندما وصل مصر للمرة الأولى في ديسمبر 1914، وشهد أحد أجنحته وفاة اللورد كارنارفون عام 1923، وهو ممول أبحاث هاورد كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ آمون، وطاله حريق القاهرة عام 1952 وأعيد بناؤه سنة 1953، وافتتحه عضو مجلس قيادة الثورة وقتئذ صلاح سالم.

وقالت الباحثة في التراث المصري صاحبة مدونة «البصارة»، سالي سليمان، إن «اهتمام الخديوي إسماعيل بمنطقة الأزبكية، التي يطل عليها الفندق، حدث لارتباطها بتأسيس حي الإسماعيلية (ميدان التحرير حالياً) فتم ردم بركة الأزبكية 1864 التي كانت تشغل مساحة 60 فداناً، وفي سنة 1869 تم تخطيط الميدان ووضع تمثال لإبراهيم باشا، كما بنيت الأوبرا الخديوية في العام نفسه.

وفي سنة 1891 تم بناء فندق كونتيننتال جراند هوتيل، على أطلال فندق نيو أوتيل.

وقال عمال وحلوانية التقتهم «الإمارات اليوم» في ممر الكونتيننتال، إن معارض الحلويات في الممر شهدت زيارات مشاهير عديدين أبرزهم الفنان عادل إمام، الذي حضر بعد عرض مسرحية «مدرسة المشاغبين» في التلفزيون مباشرة، ليرى تأثيرها في شعبيته، فأغلق الممر لساعات، وتبين بنفسه القفزة الجبارة التي حدثت لاحقاً لتاريخه الفني.

من جهته، عارض وزير الآثار السابق، د.زاهي حواس، قرار هدم الفندق، وقال «إنه يرفض هدم الفندق لأنه جزء من قلب القاهرة القديم، ولابد من الحفاظ عليه».

وأضاف حواس، خلال مداخلة هاتفية في برنامج «انفراد» على قناة «العاصمة»، مع الإعلامي، سعيد حساسين، أن الأماكن التاريخية دائماً ما تكون متناسقة، موضحاً أن هدم تلك الفنادق وبناء برج يسبب تلوثاً بصرياً كبيراً.

على الصعيد ذاته، أطلق معارضون لهدم الفندق حملة ضد محافظة القاهرة بعد إصدار ترخيص هدم «جراند كونتيننتال»، وأطلق مدونون هاشتاغ «لا_لهدم_جراند_كونتيننتال»، طالبوا فيه الحكومة بالتراجع عن فكرة الهدم والعمل على تطويره.

على الطرف المقابل، قال المهندس والخبير المعماري محمد يونس لـ«الإمارات اليوم» «إننا لكي نتكلم بشكل موضوعي، يجب أن نعترف بالضربة القاصمة التي تلقاها المبنى في زلزال عام 1992 الشهير، الذي بلغت قوته 6.5 درجات حسب مقياس ريختر، وأثر في 9000 مبنى منها 350 مبنى دمرت بالكامل، وأثر في 212 أثراً تاريخياً في القاهرة وحدها من أصل 560 أثراً، وقد انهارت بعدها مساحات في الطابقين الثاني والثالث للكونتيننتال، وسحبت بعدها رخصة الفندق، وتم في عام 2008 تشكيل لجنة علمية لتقييم وضع المبنى، انتهت إلى أن ترميم المبنى لن يكون ممكناً، مع الوضع في الاعتبار أن القرار الأخير ينص على هدم المبنى مع إعادة بنائه والحفاظ على نمطه المعماري الحالي وواجهته، ما يعني أن القول إن القرار هو هدم المبنى مجافٍ للحقيقة لأن ما سيتم هو تطوير».

وتابع «إن معارضي الهدم محقون من زاوية مشاعرهم الوطنية المخلصة، لكن معارضتهم عاطفية ولا توجد إمكانية لبقاء المبنى على حاله».

من جهته، قال رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، محمد أبوسعدة، في تصريح إعلامي نشره في صفحته على «فيس بوك»، إن «ممثلي الجهاز اجتمعوا مرات مع محافظة القاهرة ليخرج القرار بهدم أجزاء من المبنى تشكل في حد ذاتها خطورة داهمة تجب إزالتها، مع إبقاء الواجهة المطلة على شارع عدلي للحفاظ على الشخصية المعمارية لمصر الخديوية».

تويتر