المرصد

بين حرية الصحافة واستقلالية القضاء

كثيراً ما تطالعنا الصحف ووسائل الإعلام بالشد والجذب والاحتكاك بين الصحافة ووسائل الإعلام والسلطات الأخرى في البلاد، وهو أمر طبيعي يعكس حرية الصحافة وحرية التعبير، وهذا ما حدث في بريطانيا قبل فترة وجيزة بين الجهاز القضائي والصحف البريطانية، عندما هاجمت الصحافة ثلاثة قضاة في المحكمة العليا أقروا بأن الجهة الوحيدة لتفعيل المادة 50 لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي هو البرلمان. وعلى غير العادة استقطب هذا الجدل وزراء ومسؤولين كباراً وزعماء بل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي نفسها.

ودافعت ماي عن حرية الصحافة وتعاطيها لما حدث خلال حديث لها على متن رحلة الى دلهي لعقد لقاء ثنائي مع الزعماء الهنود، حيث قالت إنها تعتقد أن المحكمة العليا لها كل الحق في اصدار حكمها لكنها أكدت في الوقت ذاته أن الصحافيين أحرار بالمثل لتناول هذا الموضوع بالنقد المناسب.

وتضيف: «أنا أؤمن وأقدر قيمة استقلال قضائنا، لكنني في الوقت ذاته أقدر وأثمن حرية صحافتنا، وأعتقد أن كلا هذين العنصرين هما الركيزة التي تستقر عليها ديمقراطيتنا، وهما عنصران مهمان». وكانت صحيفة «ديلي ميل» وصفت القضاة بأنهم «أعداء الشعب». ونشرت صحيفة «ديلي تلغراف» صوراً للقضاة على صفحتها الأولى تحت عنوان: «القضاة ضد الشعب». وعلقت بأن حكمهم الصادر يوم الخميس الماضي يعكس أن البرلمان هو السلطة القانونية الوحيدة التي تستطيع تفعيل المادة 50.

وكتب وزير الدولة للشؤون الدستورية بين 2003 و2007، اللورد فالكونر في صحيفة «غارديان»: «لايزال الرأي العام البريطاني لديه الثقة باستقلال ونوعية القضاة، بيد أن وسائل الاعلام في تعاطيها بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أثرت بشكل كبير في هذا الاستقلال وهذه النوعية».

ويمضي قائلاً: «ينبغي أن يتم التعامل في الخلاف مع القضاة بالطلب المهذب وليس بسوء المعاملة»، وينتقد وزيرة العدل ليز تروس على صمتها «الذي يغذي الشعور بأن الحكومة هي إما يائسة أو تسعى لتجنب الشجار أو لا تكترث للدستور».

النائب العمالي رتشارد بيرغون، حث وزيرة العدل على الحفاظ على استقلالية القضاء في البلاد ضد ما أطلق عليه «العناوين الهستيرية»، ومضى قائلاً: «الصحافيون هم أيضاً مواطنون، ونعتقد أن عليهم استخدام حرية التعبير بشكل أفضل، تقديراً لقيمة هذه الحرية، على ألا يتم استغلال هذه الحرية للتدخل في الأحكام القانونية، وتنص قوانينا السارية على التدخل إذا لزم الأمر، لكننا لا نفكر في فرض أي قيود جديدة على أي وسيلة إعلامية، لكن الحكومة تتوقع من جميع أصحاب المصلحة التحلي بالمسؤولية في حالة استخدامهم منصات مختلفة».

وحث عدد من السياسيين رئيسة الوزراء على أن تتحرى «الوضوح» وتقر بأن استقلال القضاء هو أمر أساسي للديمقراطية، واصفين سلوك وسائل الإعلام ضد قرار المحكمة بأنه «أمر تقشعر له الأبدان»، «وفعل فاحش»، و«تحريض على الكراهية».

 

تويتر