المرصد

الإعلام العربي بين سندان التبعية ومطرقة الشبكات الاجتماعية

يقول فقهاء الإعلام إن الإعلام العربي ما هو إلا وسيط تمر عبره أفكار ينتجها العالم الغربي من دون تغيير أو حتى تعريب لتلك الأفكار، فهو يروج في هذه الحالة لقيم وأيديولوجيات ليس لها علاقة ولا صلة بالشارع العربي، أو قضاياه الراهنة والمصيرية. ونعيش الآن في زمن أصبح فيه الأمن الإعلامي عنصراً مهماً مثله مثل الأمن الغذائي، والاقتصادي، والعسكري. ويعني الأمن الإعلامي أن تكون هناك استراتيجية إعلامية ترتكز على رؤية نابعة عن عمق الثقافة وأصالة القيم، مع الابتعاد عن الاستنساخ أو التقليد، فالإعلام الأمني يعني أن تدرك وسائل الإعلام خطورة الدور الذي تلعبه، والذي يطلق عليه الأكاديميون نظرية «الرصاصة»، لأن الكلمة إذا خرجت لا تعود، ويتعاظم تأثيرها بمرور الوقت.

وفي الوقت الراهن لم تعد وسائل الإعلام التقليدية تحتكر نشر الخبر، وإنما أصبح المجتمع يشاركها في هذا المجال عبر وسائل الإعلام الاجتماعية بالكلمة والصورة والفيديو، يعني صوتاً وصورة، وظهر إلى الوجود ما يعرف بـ«المواطن الصحافي»، الذي يستطيع أن يوصل ما يريد إيصاله لملايين البشر، من دون أن تكون هناك جهة رقابية تؤكد صدقية ما ينشره من عدمه، وهنا يكمن الخطر، فهذا النوع من الإعلام له تأثير سياسي واجتماعي واقتصادي كبير، وربما تطور الأمر ليصبح هذا النوع من الإعلام بديلاً عن الصحافة التقليدية. وبالنسبة للتأثير السياسي، فشبكات التواصل الاجتماعي اليوم تصنع رأياً استباقياً في جميع القضايا، وقد تقود هذه الآراء إلى ردة فعل استباقية أيضاً، مثلما ساعدت هذه الشبكات إلى حد كبير في إسقاط أنظمة كانت مستقرة لأكثر من 20 عاماً.

ويكمن التهديد الأساسي في أنه من الصعب السيطرة على هذا النوع من الإعلام، أو على ما ينشر فيه، مهما كانت الأسباب أو الوسائل المستخدمة، وكذلك في تكوين الرأي العام في شبكات التواصل الاجتماعي. ويعتقد بعض الإعلاميين أن الحكومات ستصبح مستقبلاً من دون صحافة إن هي اعتمدت على وسائل الإعلام التقليدية.

لا يكمن الحل في وضع قوانين وتشريعات جديدة تقيد هذا الاتجاه الجديد، إنما ينبغي أن تواكب الحكومات هذا النوع من الإعلام، والجدير بالذكر أن دول الخليج نجحت في خلق توازن بين مستخدمي هذه الشبكات والمؤسسات الرسمية لتأمين المزالق التي تسببها شبكات التواصل الاجتماعي، ونأمل أن تحذو بقية الدول العربية حذوها.

تويتر