مدرسة و4 معلمين

أحياء سكنية بالعاصمة الأفغانية كابول.

لقرون عدة عاشت قبيلة كوشي البدوية حياة ترحال وهجرة في أفغانستان، ولكن ذلك أصبح متعذراً بالنسبة لها نتيجة الحروب والصراعات المتزايدة في الدولة. وانتقلت العائلات التي كانت تقطن في منطقة تدعى «خير خانا» إلى كابول، قادمة من منطقة لاغمان منذ نحو 15 عاماً. ونظراً إلى أنهم طردوا من تلك المنطقة بسبب القتال، فقد تعرضت مواشيهم للقتل أو السلب إما على أيدي قوات تابعة للحكومة أو من قبل «طالبان»، كما يقول زعيم القبيلة واسمه إمام.

• خلال العام المنصرم، تعرضت العاصمة لمزيد من الضغوط نتيجة الطرد القسري لنحو 600 ألف أفغاني من باكستان، إضافة إلى عدد كبير من الأفغان الذين نزحوا نتيجة الصراع المتأجج في أفغانستان.

وقبل بضع سنوات، طلبت الحكومة من عائلات كوشي في الأحياء التي يقيمون فيها في كابول، ومنها «خوشال خان»، و«بروان»، الانتقال نحو «خير خانا» لإفساح المجال لإقامة مساكن جديدة. وقال إمام: «وعدونا بتزويد الماء والكهرباء إلى منازلنا، لقد قدموا الحلوى للناس». ولكن الحكومة لم تحترم تعهداتها مطلقاً، إذ حاولت الشرطة قبل نحو عامين، إخلاء سكان قبيلة كوشي من «خير خانا»، وفرضت حصاراً على المنطقة لمدة 20 يوماً. ولكن رجال الكوشي المسلحين بالهراوات والحجارة، عمدوا إلى طرد الشرطة وفك الحصار. ومنذ تلك اللحظة قاموا ببناء منازلهم الخاصة، إضافة إلى حفر الآبار التي تزودهم بالمياه، لكنهم حتى الان لم يحصلوا على مساعدات الحكومة. وقال إمام: «نفضل العيش في الصحراء أفضل من هذا الوضع، لكننا لا نستطيع جمع المال هناك».

ويعيش في القرية ما يقرب من 12 ألف قروي على ارتفاع 4500 متر في التضاريس القاسية والمقفرة.

وخلافاً لمعظم بدو الكوشي المشتّتين في أفغانستان، لم تقصد هذه القبيلة جنوب البلاد هرباً من قسوة الشتاء، بل اختارت التجذر في قرية شراك الصغيرة في منطقة سينواري بإقليم باروان، في نهاية درب غير معبدة ممتدة على مسافة 80 كيلومتراً الى الشمال من كابول، حتى لتبدو كأنها لن تنتهي.

وقام هؤلاء البدو بتشييد مدرسة بدائية لاستقبال أطفال القبيلة، البالغ عددهم 148، على أمل ان يمد لهم التعليم جسراً يسمح لهم بالخروج من البؤس والفقر. ويقول زعيم القبيلة في شراك، ملاوي سيد أحمد (42 عاماً): «لا يريد أي منا العيش على هذا النحو، اننا نعيش كالدواب». ويروي أن القبيلة عانت من الجفاف الذي ضرب أفغانستان طوال السنوات الأربع الماضية. ويضيف: «أربعة أشخاص فقط من أصل أفراد القبيلة الـ400 يتقنون اليوم الكتابة والقراءة». وقال بقناعة راسخة: «إننا بحاجة الى فرصة لإيجاد عمل في المدينة، لذلك بنينا مدرستنا، ونحن بحاجة الى لوازم للأساتذة والتلاميذ».

نياز محمد، أحد المعلمين الأربعة، يتصارع مع الكتب المطبوعة بلغة الداري، في حين أن بدو الكوشي يتكلمون الباشتو، وهو يطمح الى ان يشارك تلاميذه في إعادة بناء أفغانستان.

تويتر