حقائق عن طفولة وشباب رئيس الولايات المتحدة

ترامب مشاغب.. شرس.. يحب الـفوز في المسابقات الرياضية ولا يعتـرف بخطئه

صورة

رسم أحد الكتاب صورة ساخرة وصادقة أيضاً عن طفولة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، واصفاً إياه بأنه كان «فتوة» متوسط الحجم، درج على سحب الفتيات من شعورهن، وانهال بالحجارة ذات مرة على طفل صغير تجاسر ودخل مكان ألعابه. وكان طالباً ثرثاراً، يدعي معرفته بكل شيء، ولا يعترف أبداً بخطئه، ويفتخر بأنه ضرب معلم الموسيقى على عينه. ويصفه أقرانه بأنه رياضي استعراضي، يرغب في سماع المديح من المشاهدين، لكنه أيضاً شخص أحمق، يكسر مضرب البيسبول من الغضب، إذا فاز عليه أحد في الملعب. ليس هذا فحسب، بل اتصف في شبابه بالغطرسة، لا يحب أن ينتقده أحد، شديد المراس، ولا يتعامل بكياسة مع السيدات.

سويديون وليسوا ألماناً

في كتابه «فن الصفقة»، أشار دونالد ترامب إلى أن أسرته سويدية، وليست ألمانية، وهذا الادعاء الباطل جاء بسبب المشاعر القوية ضد ألمانيا في الولايات المتحدة في ذلك الوقت. وتمسكت العائلة فترة طويلة بهذا السرد حتى عام 1990، لأن ترامب الأب كان لديه عدد لا يحصى من المستأجرين اليهود في نيويورك، ولم يكن يريد أن يخاطر بأعماله خلال الحرب العالمية الثانية. وفي الواقع، عاشت جدة ترامب الألمانية بعيداً عن العائلة، وتعود جذور العائلة إلى كالستادت، وهي بلدة صغيرة في جنوب غرب ألمانيا.

عائلة تفخر بإنجازاتها

جاء دونالد من عائلة ناجحة، حيث تعمل شقيقته، القاضية ماريان ترامب باري، في محكمة الاستئناف الأميركية للدائرة الثالثة، ووالده مطور عقاري ناجح، وهو الفريد ترامب، الذي بنى أكثر من 27 ألف شقة في نيويورك على مدى حياته المهنية، وقدم الطعام للجنود العائدين من الحرب.

وكما يقول المثل «التفاحة لا تقع بعيداً عن الشجرة»، فإن الفريد ترامب شغوف باستعراض نجاحه للعالم ليراه. وكان الجميع يعرفون المكان الذي تعيش فيه عائلة ترامب في كوينز، حيث يوجد قصرهم المنيف، وسيارتاهم الكاديلاك.


- على الرغم من أن ترامب تفوق اجتماعياً وأكاديمياً، إلا أنه لم يقم علاقات دائمة مع أصدقاء مقربين. ووفقاً لبعض المراجع فإن رغبته في النجاح طغت على حاجته للصداقة.

- تدرج ترامب باطراد ليرتقي سلم الرتب العسكرية ليصل إلى رتبة نقيب، وكان يحب أن يفرض سلطته.

يقول الفيلسوف اليوناني، أرسطو «أعطني طفلاً وانتظر حتى يبلغ السابعة وسأخبرك عن مستقبله»، ويبدو أن هذه الحكمة تنطبق على دونالد، حيث يصر الآن، وبعد أن وصل إلى 70 عاماً، وأصبح الرئيس الأميركي الـ45، على أنه تلك الشخصية نفسها التي كانت في المدرسة الإعدادية.

ميلاده

ولد في يونيو 1946، وكان الرابع من بين خمسة أطفال للمطور العقاري، الفريد ترامب. والدته ماري، أسكتلندية، هاجرت فراراً من الفقر في جزيرة لويس. التقت بالفريد في أحد المراقص في نيويورك. كان ترامب الأب رجلاً سلطوياً، يرتدي سترة وربطة عنق حتى داخل منزله. وكان مفعماً بالحيوية، غنياً جداً، في الوقت الذي ظهر فيه دونالد على مسرح الحياة. عاشوا في قصر فخم في حي كوينز، وكانوا موضع حسد من جيرانهم، إذ كانوا يوظفون سائقاً وطباخاً، ويملكون تلفزيوناً ملوناً، ونظام اتصال داخلي، واثنتين من سيارات الكاديلاك الفارهة، تحمل لوحاتها أرقاماً متتالية. وكان لدونالد دراجة سباق نارية إيطالية بـ10 سرعات، ومجموعة من القاطرات النموذجية الضخمة، ما جعل صدور أطفال الجيران تغلي حسداً.

فتوة الأسرة

ترك دونالد بوضوح انطباعاً لا ينسى على جيرانه وزملاء الدراسة والمعلمين، حيث يتذكر جميعهم على الأقل موقفاً واحداً غير سار معه قبل 60 عاماً. فكان عندما تطير الكرة لتستقر داخل حديقة منزلهم، يهدد أقرانه بأنه سيخبر والده والشرطة عن الأشخاص المسؤولين عن ذلك.

كان دينيس بورنهام طفلاً صغيراً، يعيش أهله بجوار آل ترامب، وضعته والدته ذات يوم فترة وجيزة في حديقتهم، وعادت بعد بضع دقائق لتجد رئيس الولايات المتحدة الحالي، الذي كان في الخامسة أو السادسة من عمره، واقفاً على السياج، وينهال بالحجارة على الولد الصغير. وتلقى دينيس تحذيراً من والدته بأن يبتعد عن آل ترامب، كيلا يتعرض للأذى من قبل «فتوة الأسرة». طفل آخر، وهو ستيفن ناكتيغال، يعمل الآن طبيباً، ويبلغ من العمر 66 عاماً، يقول إنه لم ينس قط ترامب «الفتوة»، الذي قفز من دراجته ليضرب صبياً آخر. ويقول إن هذه الصورة المقلقة ظلت في ذهنه حتى اليوم، لأنها كانت غير عادية، ومرعبة في ذلك الوقت.

كان الشاب دونالد، الذي لقب في المدرسة بـ«دوني»، ينتقد بلا رحمة شقيقه الصغير، روبرت، وهو طفل هادئ وحساس. وتبجح قطب العقارات المستقبلي بتفاخر، كيف أنه سرق طوب البناء الذي كان يلعب به روبرت، وأنه لصق القطع مع بعضها بعضاً، حتى لا يستطيع روبرت استخدامها مرة أخرى.

عادة ما يكون «الفتوات» جبناء، لكن كان دونالد يتميز بشراسة مميزة. فرانك بيغز، جليس الأطفال السابق لدونالد، يتذكر أنه أخذ الطفل البالغ من العمر خمسة أعوام ليتفحص أنبوب مجارٍ في الجوار، ولدهشته كان الطفل يتبعه في الظلام، ولم يخف كعادة الأطفال في سنه.

طالب مشاكس

ذهب دونالد مع أشقائه إلى مدرسة ابتدائية خاصة، تسمى كيو فوريس، وسرعان ما اكتسب سمعة سيئة، لكونه طفلاً مشاكساً، يتجول مع عصابة من الأولاد الذين درجوا على شد شعر الفتيات والتحدث خلال الدرس. وتعود المعلمة السابقة، آن تريز، بذاكرتها إلى الوراء، قائلة «كان عنيداً جداً، وقوي الشكيمة»، وتمضي قائلة «يظل يجلس عاقداً ذراعيه أسفل صدره، وعلى وجهه نظرة قميئة، منتظراً أن يتجرأ شخص ما ليقول له عبارات لا تعجبه». وهي الصورة نفسها التي ارتسمت على وجهه خلال حلقات الجدال للحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية عام 2016.

أحد زملاء الدراسة، واسمه ديتو، يتذكر أن ترامب كان صبياً لا يعترف أبداً بخطئه، بغض النظر عن مدى تفاهة الموضوع. ويضيف «كان معروفاً عنه بأنه يقول أي شيء يدور في ذهنه». وقضى ترامب وقتاً طويلاً في السجن، والسبب في ذلك أنه عندما كان في السابعة من عمره، جذب بشدة شعر زميلته شارون مازاريلا، وطاردته في الطابق السفلي، وضربته بشدة على رأسه، مستخدمة صندوق طعامها المعدني.

إثارة القلاقل

ويعترف ترامب بأنه كان مثيراً للقلاقل في المدرسة الابتدائية. ويقول عن نفسه بعد سنوات عدة من ذلك «أحب إثارة الأشياء واختبار الناس»، ويضيف «لم يكن ذلك نابعاً عن خبث، بل عن طبيعة هجومية». وتفاخر ترامب، فترة طويلة، بأنه في سن الثامنة كاد أن يتعرض للفصل من المدرسة، بسبب ضربه معلم الموسيقى على عينه، وبرر ذلك بقوله «لأنني كنت أعتقد بأنه لا يعرف شيئاً عن الموسيقى». لكن ثبت في ما بعد أن ترامب بالغ في اعتقاده، حيث يتذكر معلم الموسيقى، تشارلز ووكر، أن ترامب شخصية تبحث عن الاهتمام. وعندما أخبروه، وهو على فراش الموت، بأن ترامب ينوي خوض معركة الرئاسة، رد على ذلك قائلاً إن «دوني كان حتى سن العاشرة ولداً لا يُرجى منه».

كان ترامب مبرزاً في الألعاب الرياضية أكثر مما كان عليه حاله في الدراسة. كان يعشق البيسبول، وغني عن القول إنه مارس هذه اللعبة بقوة وقسوة. وكان يحب إرسال الكرات بقوة مباشرة نحو اللاعبين بدلاً عن إرسالها إلى هدفها.

أحد زملائه في الفريق يتذكر أنه أعار ذات مرة مضربه لدونالد، لكنه اندهش عندما رآه يحطم المضرب بقوة وشراسة على قارعة الطريق، دون أن يكلف نفسه عناء الاعتذار. الحياة المنزلية التي عاشها ترامب قد تجيب عن بعض الأسئلة المتعلقة بمهاراته التنافسية الشرسة، وعلاقاته الاجتماعية المحدودة في المدرسة. ويعتبر ترامب الأب رجلاً سلطوياً، شديد المراس، يرغب في أن يصبح أبناؤه أقوياء وقساة، يحذون حذوه في حياته كرجل أعمال لا يرحم، ويختصرون التكاليف مثله تماماً.

وعلى هذا الأساس منع أبناءه من اقتناء حيوانات أليفة في المنزل، أو مناداة بعضهم بعضاً بكنياتهم في المنزل، وعلمهم كيف يكسبون مصروف جيبهم من خلال جمع القوارير الفارغة وبيعها، ويعتقد أن دونالد وإخوته ينبغي أن يكونوا «قتلة» في كل ما يفعلونه.

بالبيتر برانت، زميل دونالد في الدراسة، الذي أصبح قطب صناعة النشر، كان يجد بعض الحرية ليتسلل معه إلى مانهاتن، صباح أيام السبت، ويتجولان حول المدينة الكبيرة. وتدور حولهما قصص كثيرة في هذا الجانب الغربي، مثل ارتيادهما صالات الموسيقي، واختلاطهما بالعصابات المتحاربة، حيث كان الفتيان يتحديان العصابات، ويشتريان السكاكين من متجر يبيع القنابل والقيء الوهمي. لم يكن ترامب رجل عصابات حقيقياً، إلا أن والده عندما اكتشف مجموعته من السكاكين ورحلاته السرية أيام السبت، قرر أن يتخذ ضده إجراءات صارمة.

مدرسة صارمة

في عام 1959، عندما بلغ دونالد 13 عاماً، انضم إلى أكاديمية نيويورك العسكرية، وهي مدرسة صارمة، تتشدد في ممارساتها العسكرية، تقع على بعد 70 ميلاً خارج المدينة. وقد تكهن البعض بأن السبب وراء إرسال ترامب إلى هذه المؤسسة من قبل الأب هو عقابه على تصرفاته تلك. واختفت تلك التسريحة المميزة، وحل محلها رأس حليق، وخضع دونالد لنظام قاسٍ، يشرف عليه رقيب من الجيش، يصفع وجه كل من يعصي أوامره، ويعاقبهم بأن يأمرهم بلكم بعضهم بعضاً.

وتشمل العقوبات مسح الأحذية وصقلها، ويبدو أن ذلك كان مناسباً لدونالد المتكبر والمتجبر، الذي يريد أن يفوز في كل شيء، فقد كان يفوز بالميداليات لأفضل سرير مرتب ترتيباً جيداً، أو الحذاء الأكثر لمعاناً، واكتسب سمعة طيبة كونه ولداً صبوراً، تماماً مثل والدته الأسكتلندية. ويفخر بصوت عالٍ بكل نجاح جديد يحققه والده، الذي توقع له أن يكون مشهوراً يوماً من الأيام.

وتدرج ترامب باطراد ليرتقي سلم الرتب العسكرية، ليصل إلى رتبة نقيب، وكان يحب أن يفرض سلطته.

وأمر ذات مرة أحد الطلاب بأن يزحف بظهره ممسكاً بمكنسة، لأنه لم يؤد التمرين بشكل جيد، وخلال جولاته التفتيشية وجد سريراً لم يتم ترتيبه جيداً فانتزع الملاءة، وقذف بها على الأرض. ويتذكر صاحب السرير، وهو تيد ليفين، أنه ضرب ترامب بمكنسة، بينما حاول دونالد إلقاءه من نافذة في الطابق الثاني، قبل أن يفصل بينهما طلاب آخرون. ويتذكر ليفين أن ترامب كان يهدد بكسر عظام أي شخص يتحداه.

وكان، على الرغم من ذلك، يتمتع بجانب لطيف، فقد كان يحب الاستماع إلى المغنين الشهيرين في ذلك العهد، الفيس بريسلي، وجوني ماتيس، على جهاز تسجيله. هذا الرجل الذي يشتهر الآن بلونه «المسمر» قليلاً، كان في بعض الأحيان يعلق مصباح أشعة فوق البنفسجية على مقبس علوي، ويقول لزميله في الغرفة إن الوقت قد حان للحصول على جلد أسمر، ويمزح قائلاً نحن ذاهبون إلى الشاطئ.

التحرش بالنساء

فاجأ ترامب الملايين، خلال حملة الانتخابات الرئاسية العام الماضي، عندما تبجح بمعاكسته وتحرشه بالنساء. ويكفي أن نقول إنها ليست المرة الأولى التي يسيء فيها إليهن. ففي عامه الأخير في المدرسة الداخلية، اشتهر بأنه يدعو الفتيات الجميلات داخل الحرم الجامعي، ويسير بهن عبر المجموعات الطلابية، وكان الطلاب ممنوعين من مغادرة داخليات المدرسة. ويتذكر زميله السابق، جورج وايت «كن فتيات جميلات جداً، يرتدين أجمل الثياب». ولم يكن ترامب فتى سخياً بالمقابل، فقد أخبر وايت ذات مرة أن إحدى صديقاته تشبه «الكلب»، على الرغم من أن ترامب تم وصفه بـ«صديق السيدات» في الكتاب السنوي للمدرسة، حيث تجمعه صورة مع امرأة شابة قيل إنها سكرتيرة المدرسة. حتى في أواخر سن المراهقة، كان ترامب معززاً بالثقة، وينظر إلى المدرسة على أنها عبارة عن خطوة نحو أشياء أكبر، إذ إن مستقبله كان مرسوماً منذ البداية كمطور عقارات مثل والده.

في اليوم الأخير من تخرجه في الأكاديمية، عهد لترامب بقيادة فريق المتخرجين، وكان يرتدي زياً عسكرياً مكتملاً وقفازات بيضاء، وسار بفريقه على طول طريق فيفث افينيو حتى كاتدرائية القديس باتريك، حيث صافح الكاردينالات الكاثوليك بالمدينة، وكان باله معلقاً بأشياء أكبر، عندما همس في أذن أحد زملائه «أريد أن أقول لك شيئاً»، ومشيراً بأصبعه إلى المباني العالية واصل حديثه «أود حقاً أن أمتلك بعضاً من هذه العقارات في يوم من الأيام».

ونعلم بطبيعة الحال أنه نجح في ذلك، فقد ترك المدرسة، وتجنب الذهاب إلى حرب فيتنام، ليس مرة واحدة فقط، وإنما خمس مرات، ليحذو حذو والده في الأعمال التجارية. وأخبر ترامب أحد كتبة السيرة قائلاً «عندما أنظر إلى نفسي في الصف الأول (سن السادسة) وأنظر إلى نفسي الآن، أجد أنني لم أتغير أبداً»، ومن بين معظم البالغين الآخرين، فإن مثل هذه الملاحظة تبدو جديرة بالاهتمام الآن، حيث إنه بوصفه رئيساً للولايات المتحدة، وهو الشخص الذي يعرف كلمة السر للحقيبة النووية، فإن الأمر يبدو أكثر من مرعب حقاً.

على الرغم من أن ترامب تفوق اجتماعياً وأكاديمياً، إلا أنه لم يقم علاقات دائمة مع أصدقاء مقربين. ووفقاً لبعض المراجع، فإن رغبته في النجاح طغت على حاجته للصداقة. ونقل عنه البعض قوله: «اعلم أنك إذا سمحت للناس بمعاملتك حسب رغبتهم، فإنهم سيصنعون منك شخصاً أحمق، ولهذا أدركت أنني ينبغي ألا أكون آلة في يد شخص آخر».

لم يكن دونالد فقط رياضياً موهوباً، فقد كانت لديه أيضاً علاقة بالفنون الجميلة، وأكثر من ذلك، كشفت صحيفة واشنطن بوست عن قصيدة منثورة، كتبها في سن الـ12، ونشرت في الكتاب السنوي للمدرسة. ويقول في قصيدته

«أحب أن أسمع الهتافات، بصوت عال جداً وصاخب، وعندما تكون النتيجة 5-5، أشعر أنني على وشك البكاء. وعندما يكون هناك شوط آخر، أشعر وكأنني على وشك الموت، ثم تنتهي اللعبة، ونقول غداً هو يوم آخر». وعلى الرغم من أن نثره لا يرقى إلى مصاف جائزة بوليتزر، لكنها لفتة لا بأس بها من طفل في ذلك العمر.

تويتر