«المشروع» ينتهك حرمة أراضيهم.. ويقسم مجتمعهم شطرين

أبناء قبيلة «توهونو أودهام» مستعدون للقتال ضد جدار ترامـب

صورة

في زمن استفحلت فيه الانقسامات حول العالم، تحاول الشعوب الإبقاء على قنوات التواصل بينها. إلا أن السياسات الخاطئة لبعض الحكومات قد تؤدي إلى تغييرات كبيرة لم تكن متوقعة. ففي المنطقة الحدودية بين الولايات المتحدة والمكسيك، يخشى أبناء قبيلة «توهونو أودهام» أن يفرق «جدار ترامب»، الذي سيقام على طول الحدود لمنع تسلل المهاجرين غير الشرعيين، أهالي القبيلة ويقسم أراضيها إلى شطرين. وأعرب الأميركيون الأصليون، القاطنون على الحدود المكسيكية، عن تحفظهم ومخاوفهم من أن يتعرض مجتمعهم للتقسيم الجغرافي بشكل دائم، إذا أثمرت خطط الرئيس دونالد ترامب لإقامة جدار حدودي فعلي.

عبور غير مشروع وتهريب

عندما بدأت الحكومة الفيدرالية مكافحة الهجرة غير الشرعية، عبر معابر الدخول في الجنوب، تمت مواجهة جزء كبير من المشكلة على أرض «توهوني أودهام»، وقالت إدارة السلامة العامة في المحمية إن العبور غير المشروع والتهريب يستهلكان 60% من جهود شرطة المحمية، في ما يخص القضايا الحدودية. وقال ماكس تشافيز، البالغ من العمر 62 عاماً، وهو عضو في الإدارة المحلية، إن هناك حواجز سيارات بين الجانبين الأميركي والمكسيكي، تهدف إلى التصدي للتهريب غير الشرعي للمهاجرين وتهريب المخدرات.

وقال تشافيز إنه ليست لديه مشكلة مع الجدار، بسبب التأثيرات المباشرة للعبور غير الشرعي للحدود في المجتمع المحلي. وخلال الفترة الأخيرة، قال إنه رأى نحو 20 شخصاً يسافرون بسرية عبر أرض المحمية، يُعتقد أنهم من المهربين.

وقبل إقامة حواجز السيارات في 2007، لم تكن هناك حدود مرسومة على الإطلاق، ما ترك مساحة مفتوحة على نطاق واسع للسيارات للتنقل عبر الصحراء. وتلعب الحواجز دور الجدار، إذ ردعت النشاط غير القانوني عبر العبور بشكل كبير. ولسنوات، كانت الحكومة القبلية ضد أي حاجز مادي دائم يعوق أراضيهم. وفى الماضي، مرر مجلس «توهونو أودهام» التشريعي أكثر من 20 قراراً تعارض الجدار الحدودي.


4664

ميلاً مربعاً، هي مساحة المحمية، أي ما يعادل حجم ولاية كونيتيكت.

ويشعر أعضاء إدارة المحمية بالقلق، لأن جدار ترامب الحدودي سيقسم القبيلة بشكل رسمي إلى نصفين، مع وجود خط حدودي مادي يقسم المجتمع الواحد إلى نصفين. «إنهم على استعداد للقتال، في حالة حدوث ذلك»، يقول نائب رئيس «أمة توهونو»، فيرلون خوسيه: «إذا بنى أحدهم جداراً في وسط منزلي، فكيف تريدني أن أتصرف؟ سيكون ذلك على جثتي».

وقدمت القبيلة طلبات إلى السياسيين من أجل اتخاذ إجراءات. وأفادت تقارير صحافية بأن نحو 100 شخص احتجوا خارج مكتب السيناتور جون ماكين، في مدينة توكسون، أواخر مارس الماضي. في حين التقى أفراد من القبيلة مع موظفين في المكتب، إلا أنهم عادوا إلى ديارهم بوعود ضئيلة. وقال أحد أبناء «توهونو»، ويدعى أبريل إغناسيو: «تعبنا من معاملة الآخرين لنا بفوقية، ونحن متعبون من تجاهلنا»، مضيفاً «نحن ناخبون ودافعو ضرائب؛ لذا سنعتبر السيناتور ماكين مسؤولاً عما يحدث لنا، لأنه يمثل 33 ألف ناخب في المحمية».

في هذه الأثناء، قال أفراد القبيلة إنهم على استعداد للاستلهام من الاحتجاجات ضد استخراج الغاز الصخري، والقيام بتظاهرة ضخمة، لجعل أصواتهم مسموعة. وقال فرانسين خوسيه، ابن عم نائب رئيس «أمة توهونو»: «يمكن أن تتحول التظاهرة إلى احتجاج عارم، إذا رأينا الجرافات في المنطقة، ونحن لن نقف وحدنا».

والمحميات الأميركية التي تضم السكان الأصليين، هي كيانات ذات سيادة تحكم نفسها، وفقاً للأستاذ في جامعة أريزونا كارلوس فيليز، الذي أوضح أن بناء جدار حدودي عبر أراضي «توهونو أودهام»، سيشكل خرقاً للمعاهدة التي وقعت عليها الحكومة الأميركية. ويوضح الخبير القانوني «إن السكان الأصليين في أراضيهم لهم حقوق بموجب معاهدة، ويعاملون كدول، ويعترف بهم كبلدان». متابعاً «ترامب وشركاؤه سينتهكون حقوقاً، تضمنها المعاهدة للشعوب الأصلية».

الأكثر تضرراً

قال عضو مجلس الشيوخ الأميركي السابق، جيف فليك، إن أمن الحدود الأكثر فاعلية «قد يعنى وجود جدار في بعض الأماكن، أو سياج في مناطق أخرى، فضلاً عن الجمع الصحيح بين القوى العاملة والمراقبة»، متابعاً «يجب أن تكون مجتمعات أريزونا على طول الحدود جزءاً من النقاش والتخطيط، لأنها من الأكثر تضرراً». وتعمل الشرطة القبلية، التي تضم نحو 100 ضابط، مع الجمارك الأميركية ووحدات حماية الحدود، التي تضم أكثر من 1000 عامل في المحمية.

وقال فيرلون خوسيه إنه من غير الملائم أن تبقى قبائل «توهونو أودهام»، الذين اصطادوا، وجمعوا الطعام، وزرعوا المحاصيل منذ آلاف السنين في المنطقة، محاصرة في قضايا حماية الحدود، «إن الحماية جزء لا يتجزأ من ثقافتنا، ليس الامتلاك، بل الحماية وهذا هو ما نقوم به».

في جنوب صحراء ولاية أريزونا، تمتد المحمية على مساحة 4664 ميلاً مربعاً، لكن الأراضي القبلية - في حجم ولاية كونيتيكت - تمتد جنوباً إلى سونورا بالمكسيك. ولايزال بعض أفراد القبائل يقومون برحلة عبر الحدود مشياً، لممارسة أنماط الهجرة التقليدية، وزيارة أفراد العائلة والأماكن المقدسة في شمال المكسيك.

تقول دونا غارسيا (31 عاماً)، وهي أم تسكن «توهونو» منذ ولادتها، إن والدتها جانيت تقوم برحلة على الحدود مشياً على الأقدام. وجانيت ليست سوى واحدة من مجموعة كبيرة من أهالي المحمية، الذين يهاجرون أوائل أكتوبر للاحتفال بيوم العيد للقديس «فرنسيس الأسيسي»، شمال المكسيك.

واستخدم شعب «توهونو» معبر «سان ميغال» الحدودي كبوابة رئيسة للدخول إلى المكسيك، لكن السفر عبر الحدود من خلال هذه البوابة أصبح مستحيلاً الآن، بعد أن اشترت عائلة من مربي الماشية الأراضي المحيطة بها من الحكومة، وأغلقت المعبر في مارس الماضي.

ترك فجوة

رحلة إلى «سيلز»، عاصمة القبيلة الموجودة في الجانب الأميركي، لا تدخل فقط ضمن التقاليد، لكن أيضاً من أجل الرعاية الصحية بالمستشفى المحلي، والخدمات الإدارية الحكومية. وعندما وقع ترامب أمره التنفيذي، لإقامة جدار حدودى طوله 2000 ميل، أعرب زعماء قبيلة «توهونو أودهام» عن استيائهم من خطط الرئيس، وتعهدوا بترك فجوة طولها 75 ميلاً في الجدار، حيث تمتد أراضي المحمية على الحدود.

وفي الشهر الماضي، نظم أعضاء من القبيلة بشمال المكسيك حملة على «فيس بوك»، للقيام بمسيرة احتجاجية ضد الجدار الحدودي المقترح لترامب، بالقرب من بوابة «سان ميغال» المغلقة. وعند البوابة، قامت دورية الحدود بإيقاف الناشطين من مختلف أنحاء الولاية، واستشهد حراس الحدود بقانون القبيلة الذي وقع في التسعينات، والذي يمكن أن يستثني غير الأعضاء من العبور، من دون إذن من الحكومة القبلية.

وقالت دونا روز، وهي ناشطة أعادتها الشرطة المحلية وحراس الحدود، إنها مستاءة من تصرف السلطات، ولا تدري كيف تظهر دعمها للسكان المحليين، في وقت تعارض فيه الحكومة القبلية وجهات إنفاذ قانون الاحتجاج، بشكل واضح.

تويتر