تسعى من خلاله لارتياد المريخ

«الغارديان» : الإمارات تدخل عصر الفضاء عبر «مسبار الأمل»

صورة

يتوقع أن يمخر «مسبار الأمل» عباب الفضاء ليصل إلى المريخ عام 2020، كجزء من مشروع إماراتي طموح يهدف إلى ارتياد هذا المجال، ويلهم جيلاً جديداً في المنطقة.

و«الأمل» هو عبارة عن مسبار فضائي صممته وبنته الإمارات، وإذا سارت الأمور بشكل جيد، وكما هو مخطط له، فسيدور المسبار حول المريخ بحلول عام 2021، ويعد إنجازاً عربياً بامتياز للمرة الأولى في إقليم يغوص في بحر من الصراع المزمن.

• يتمثل الهدف من بعثة المريخ في فهم تطور الكوكب الأحمر منذ أن كان يعج بالمياه وصالحاً للسكن في النظام الشمسي.


• بلوغ المريخ وسيلة لهدف أوسع، يتمثل في زيادة عدد العلماء في الإمارات، وتطوير قطاع الفضاء، والمساهمة في المعرفة الإنسانية.

وأعلن المشروع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في يوليو 2014، ومن المتوقع أن تنطلق مهمة استكشاف المريخ في يوليو 2020، في رحلة تقطع 60 مليون كم للوصول إلى الكوكب الأحمر، ومن المتوقع أن تصل إلى هناك بعد سبعة أشهر، حيث يصادف هذا التاريخ العيد الخمسين لتأسيس دولة الإمارات على شاطئ الخليج العربي.

ويقود المهمة شباب إماراتي على رأسهم، عمران شرف، البالغ من العمر 32 عاماً، وبعد دراسة الجدوى، التي بدأت في أواخر عام 2013، كان على الفريق أن يتوصل إلى خطة للمهمة بعد 90 يوماً من الإعلان عنها، وتم بناء المسبار من الألمنيوم، وهو مزود بجهاز رصد للنجوم، فضلاً عن مجموعة من الألواح الشمسية والدفاعات، وسيكون المسبار في حجم سيارة صغيرة، ومجهز بمعدات تصوير تعمل بالأشعة فوق البنفسجية، وأجهزة طيف تحت الحمراء، ومن شأن المهمة أن تساعد العلماء على فهم ديناميكيات ومناخات الطبقات المختلفة من الغلاف الجوي لكوكب المريخ، ونسب العناصر والمركبات المختلفة في الغلاف الجوي، والآلية التي يتسرب بها الهيدروجين والأكسجين من الأرض إلى الفضاء. ومن المقرر أن تستغرق المهمة عامين على الأقل، ويأمل الفريق أن يساعد جمع البيانات على مدار الساعة على توفير صورة مفصلة بشأن تطور الكوكب.

وتقول رئيسة الفريق العلمي، سارة أميري، البالغة من العمر 29 عاماً، إن الهدف من بعثة المريخ هو فهم تطور الكوكب منذ أن كان يعج بالمياه وصالحاً للسكن في النظام الشمسي، أو عندما كان «منطقة معتدلة» إلى أن أصبح قاحلاً كما هو عليه الحال اليوم. وتمضي قائلة إن «من المهم جداً أن نفهم تطور وكيفية فقدان المياه، التي نجمت عن زوال الغلاف الجوي لكوكب المريخ، وديناميكيات وتغير المناخ التي حدثت وتحدث على سطح هذا الكوكب، وهذا يساعد الإنسانية على فهم تطور الأرض نفسها».

«الإمارات للفضاء» تهدف إلى تعزيز مكانة الدولة فضائياً

تعتبر وكالة الإمارات للفضاء مؤسسة حكومية تم إطلاقها عام 2014.

ويقول المدير العام للوكالة، الدكتور محمد الأحبابي، إن الوكالة تطمح إلى وضع اسم الإمارات كدولة إقليمية رائدة في مجال الفضاء، ويأمل أن تكون لاعباً كبيراً في هذا المجال في المستقبل. ومنذ تأسيسها في يوليو العام الماضي، استطاعت الوكالة أن تشكل فريقاً تمكن من استنباط أفكار أصيلة. ويتضمن قطاع الفضاء الإماراتي استثمار أكثر من 20 مليار درهم مع ثلاثة لاعبين فضائيين كبار في العالم يوفرون الخدمات الفضائية للإمارات.

وتتضمن استراتيجية الوكالة لعامي 2015-2016 إصدار سياسة وطنية بشأن الفضاء، وتدريب المواطنين في قطاع الفضاء، وتأسيس مركز بقيمة 100 مليون درهم لأبحاث الفضاء في العين العام المقبل، وسيعمل المركز كحاضنة للأبحاث الفضائية، والتطوير والابتكارات على المستوى الاتحادي.

ولن تقتصر برامج استكشاف الفضاء الإماراتية على كوكب المريخ وحده، حيث تجري عمليات تطوير برامج مماثلة أخرى، وتنظر إليها الوكالة باعتبارها خطوة مهمة نحو الأمام لتطوير الامارت وشعبها.

وتهدف الوكالة للارتقاء بمكانة الإمارات بين الدول الرائدة في مجال الفضاء والاستكشافات الفضائية بحلول عام 2021.

شرف وأميري مهندسان في برنامج البلاد الفضائي الوليد، ويعدان من قدامى المحاربين في هذا المجال، بعد أن شاركا في عمليات إطلاق «دبي سات 1» و«2»، الذين تم تطويرهما وإطلاقهما بالتعاون مع كوريا الجنوبية. وكان أول قمر اصطناعي هو خلاصة جهد كوري عمل فيه مهندسون وعلماء إماراتيون، لكي يتعلموا من نظرائهم الكوريين، أما القمر الاصطناعي الثاني فهو في الجانب الأكبر منه جهد تعاوني، إذ كان فريق دولة الإمارات مسؤولاً وحده عن نصف المشروع تقريباً.

أما «خليفة سات»، القمر الاصطناعي الإماراتي الثالث، الذي من المقرر إطلاقه في أوائل عام 2018، فيتم بناؤه بالكامل داخلياً في مركز محمد بن راشد للفضاء، من قبل مهندسين إماراتيين، ويجري اختباره قبل بدء انطلاق المسبار الفضائي إلى المريخ.

وأصبح اسم دبي مرادفاً للمشروعات الكبرى التي تختطف عناوين الصحف، إذ يرتسم الآن في أفق الإمارة أطول مبنى في العالم، هو برج خليفة، ويشاهد الركاب القادمين إلى مطار دبي قبل هبوطهم، الجزر الاصطناعية المصممة على شكل أشجار نخيل؛ كما افتتحت المدينة قطار المترو في عام 2009.

وتقول الأميري إن جميع هذه المشروعات تعبر عن طموح البلاد، «نريد أن نتطور كدولة ناشئة لنلحق بركب العالم في غضون 50 عاماً، ولهذا نحن بحاجة للعمل لتحقيق تلك الأهداف الطموحة الكبيرة».

وفي حين أن تجميع المسبار واختباره سيتمان في المرافق الفضائية في دبي، تعمل الفرق مع علماء وأكاديميين من جامعة كولورادو، وبولدر، وجامعة كاليفورنيا، وجامعة بيركلي وأريزونا بالولايات المتحدة، لتصميم متطلبات المركبة الفضائية وتطوير المعدات والبرمجيات.

وتتمثل الفكرة في أن يتعلم الفريق الإماراتي من شركائه الأكاديميين، عبر تقديم المعرفة لدولة الإمارات في ما يتعلق بتجميع المركبات الفضائية.

ويقول شرف «إننا في نهاية الأمر لم نعمل على إعادة اختراع العجلة، وإنما سنبني نظامنا ومهمتنا حول ما تم إنجازه من قبل في هذا المجال، وعندما ننتهي من مهمتنا فإن الناس ستبني أيضاً على ما حققناه».

ويعتقد شرف أن بلوغ المريخ يظل وسيلة لهدف أوسع، يتمثل في زيادة عدد العلماء في الإمارات، وتطوير قطاع الفضاء، والمساهمة في المعرفة الإنسانية، وهذا هو السبب في حرص الدولة على إشراك الأكاديميين المواطنين. ويضيف: «هذه المهمة لا تهدف فقط للوصول إلى المريخ، بل إلهام جيل جديد كلياً، وتحويل الطريقة التي يفكر بها الشباب في المنطقة»، وتابع: «الهدف هنا هو الأمل من أجل الإنسانية، ومن أجل المنطقة، ومن أجل الشباب في بلدان تعج بالكثير من الصراع».

وتضم بعثة الإمارات للمريخ حتى الوقت الحالي 75 شخصاً، إلا أن الهدف هو زيادتها لتصل إلى 150 شخصاً جميعهم إماراتيون، نصفهم من النساء، ويبلغ متوسط أعمارهم 27 عاماً، ويتم تقسيم أفراد البعثة إلى فرق مسؤولة عن العلم، وتصميم المسبار، وتشغيل المركبة الفضائية بعد إطلاقها، والفريق الإعلامي والتوعية التثقيفية، والخدمات اللوجستية، ومعايير المعدات، وفريق المحطة الأرضية.

ويأمل القائمون على المشروع أيضاً في ضخ الحيوية في المجتمع العلمي المحلي، والسماح لهم بحرية الوصول إلى البيانات من المسبار، وتقديم المشورة للهيئة التدريسية والطلاب في ست جامعات محلية بشأن تصميم المهمة.

وحالياً، لا يوجد في الإمارات علماء أو باحثون يهتمون بشكل خاص بالمريخ، لذلك يحاول برنامج الفضاء تشجيع الجامعات المحلية والمجتمعات العلمية على الاهتمام بالمريخ وعلم الكواكب على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، من أجل الدفع للأمام بالأبحاث التي يمكن أن تستخدم البيانات الناتجة عن المهمة.

ولدى الفريق أيضاً هدف أكثر طموحاً، يرتبط بتاريخ الشرق الأوسط الذي كان في يوم من الأيام «بيت الحكمة» والعصر الذهبي للاستكشاف العلمي، عندما كانت المنطقة مركزاً للتعلم، وقدم إسهامات قيمة في الطب والرياضيات وعلم الفلك.

وتقول الأميري إن الإمارات وافقت على السماح لما يصل الى 200 مؤسسة بالوصول المباشر إلى البيانات المهمة.

ويأمل القائمون على برنامج الفضاء الإماراتي أن تساعد أول بعثة عربية إلى المريخ على تحفيز البحث العلمي، وأن تضفي قدراً من الإلهام لملايين الشباب العربي، بالطريقة نفسها التي استطاع بها الأميركيون تطوير أنفسهم في عهد برنامج أبولو، الذي افتتح عصر استكشاف الفضاء.

وفي نهاية الأمر رددت الأميري وزميلها شرف تلك المقولة الشهيرة التي صاغها العالم الأميركي الشهير، كارل ساغان، عندما وصف الأرض بأنها «نقطة زرقاء باهتة معلقة في شعاع الشمس»، عند مشاهدتها من بعيد في النظام الشمسي، حيث تختفي حدود الطبقة والدين والعرق. ويختتم شرف بقوله «هذا يجعلك تفكر أكثر في ترك خلافاتك جانباً، ومعاملة بعضنا بعضاً كبشر من جنس واحد».


«محمد بن راشد للفضاء».. خطوة نحو الأعلى

أنشأت حكومة دبي «مركز محمد بن راشد للفضاء» عام 2015، ليشكل جزءاً رئيساً من المبادرة الاستراتيجية الهادفة إلى دعم الابتكارات العلمية، والتقدم التقني في المجتمع المحلي، ولدفع عجلة التنمية المستدامة في دبي، والإمارات قدماً.

• يركز مركز محمد بن راشد للفضاء على تعزيز القدرة على تسجيل ونقل المعرفة، ورفد الأجيال العلمية والعلوم المتقدمة والاكتشافات العلمية، وتعزيز مرافق البحث والتطوير.

وأصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في الـ11 من الشهر الجاري، قانون إنشاء المركز، إذ سيدعم هذا الكيان توجهات الدولة في قطاع الفضاء والإشراف على تصميم وتصنيع وإطلاق مسبار «الأمل» لكوكب المريخ، إضافة لتأسيس بنية تحتية متكاملة لتصنيع الأقمار الاصطناعية داخل الدولة والاستفادة من تطبيقاتها في كل المجالات التنموية.

ولتحقيق أهدافه التي أنشئ من أجلها يمكن للمركز تأسيس الشركات التقنية، والاستثمار في مشروعات الأقمار الاصطناعية، وإطلاق المشروعات التخصصية، وتمويل البحوث والدراسات في قطاع الفضاء، والتنسيق مع الجهات الحكومية والإقليمية والعالمية، وعقد المؤتمرات التخصصية، وتطوير شبكة إقليمية وعالمية في مجال تقنيات وعلوم الفضاء وتطبيقاتها. ويضم المركز كوادر إماراتية عالية الكفاءة ذات مستوى علمي رفيع، ويتشكل فريق العمل من المهندسين، والفنيين، والخبراء، والإداريين الاحترافيين، الذين يعملون معاً من أجل انضمام الإمارات لركب الدول المتنافسة في الاكتشافات العلمية والعلوم المتقدمة.

ويركز مركز محمد بن راشد للفضاء على تعزيز القدرة على تسجيل ونقل المعرفة، ويقوم برفد الأجيال العلمية والعلوم المتقدمة والاكتشافات العلمية من خلال المركز، وتعزيز مرافق البحث والتطوير الموجودة في مقر المركز بدبي، وتعزيز قدرة الفريق على العمل من أجل تحقيق هدف المؤسسة في بناء اقتصاد معرفي مستدام، الأمر الذي سيدفع بمكانة الإمارات إلى الأمام أكثر فأكثر.

وتمكن مركز محمد بن راشد للفضاء من تحقيق الكثير من الإنجازات، أهمها إطلاق القمرين الاصطناعيين «دبي سات 1» و«2»، الذين يدوران حالياً حول الأرض ويلتقطان صوراً طبقاً للتعليمات الموجهة من المحطة الأرضية الواقعة في مقر المؤسسة.

ويجري العمل حالياً على تصميم وبناء القمر الاصطناعي «خليفة سات»، الذي سيتم إطلاقه إلى الفضاء ليبدأ مباشرة مهامه في عام 2017.

تويتر