عداء الإخوة والتحالف مع إيران ليسا في مصلحتها

جنرال أميركي: على قطر أن تختــار بين محاربة الإرهاب ورعايته وتمـويله

صورة

خلال فترة طويلة، حاولت قطر الإفلات من المحاسبة عبر نصب رايتها في معسكرين مختلفين. والآن، يجب على الدوحة أن تختار بين هذين المعسكرين. في المعسكر الأول توجد دول بقيادة الولايات المتحدة، تعارض التطرف والإرهاب الذي ينتج عنه. ومنذ الـ11 من سبتمبر، دعمت قطر بسخاء هذا الجهد، حيث خصصت أكثر من مليار دولار لبناء مرفقين عسكريين أميركيين مهمين، هما قاعدة العديد الجوية، ومقر قيادة القيادة المركزية، غير البعيد عن الدوحة، كما أنها تنفق المليارات على المعدات العسكرية الأميركية، مع طلبيات من دول أخرى، وتبذل على ذلك أموالاً طائلة.

- في منطقة الشرق الأوسط، حيث تسود الاختلافات الداخلية بشكل تقليدي، تحول شركاء الدوحة السابقون إلى خصوم علناً، مطالبين إياها بوقف دعم الإرهاب، واللعب بعيداً عن إيران.

- يجب البدء في مفاوضات سرية مع دول مجلس التعاون الخليجي التي قد تحل محل قطر كمضيف لوجودنا العسكري الحيوي في المنطقة.

وفي الوقت ذاته، تدعم قطر المتطرفين في العالم الإسلامي، الذين تعهدوا بشن حرب ضد «الكفار» تدوم 100 عام. وطوال سنوات، غضت الولايات المتحدة وغيرها الطرف عن الغالبية العظمى من مليارات الدولارات المرسلة من القطريين الأثرياء - في ظل دعم حكومتهم - لدعم حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في غزة، وجماعة الإخوان المسلمين في مصر، والمتمردين المسلحين في سورية. ويجد القادة المعروفون والممولون للإرهاب ملاذاً آمناً على الأراضي القطرية، التي تستضيف أيضاً إحدى أكثر وسائل الإعلام تطرفاً في العالم العربي.

هذا الطرح غير المقبول يزيد من عزلة قطر بشكل متزايد، فالعديد من دول الشرق الأوسط، التي تعترف بإخفاقاتها السابقة في التصدي للتطرف، باتت تقطع التمويل المالي عن الجماعات المتطرفة، وتدير المدارس الدينية والمساجد بشكل أفضل، وهؤلاء يدركون أن النجاح في هذه المساعي لا يترك المجال للمراوغين.

انسياق نحو إيران

ومع ذلك، فإن قطر ترفض بشدة الانضمام إلى هذا النضال، وبدلاً من ذلك، تنساق تدريجياً إلى أكبر مصدر للإرهاب في العالم، وهو إيران، وقد أثار ذلك غضب القوى الإقليمية، مثل مصر وأعضاء مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك السعودية والإمارات والبحرين. وفي منطقة تسود فيها هذه الاختلافات الداخلية بشكل تقليدي، تحول شركاء الدوحة السابقون إلى خصوم علناً، مطالبين إياها بوقف دعم الإرهاب، واللعب بعيداً عن إيران.

هذه الأزمة تجعل الولايات المتحدة في معضلة حقيقية، في وقت تظل فيه المرافق في قطر مهمة جداً في العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة (قاعدة العديد)، ومع ذلك، فإن رعاية قطر للإرهاب - فضلاً عن النزاعات التي تخلقها مع شركائنا الآخرين - تقوض المهمة الرئيسة التي يدعمها وجودنا في هذه القاعدة.

سعى الوزيران (وزير الدفاع الأميركي جيمس) ماتيس و(وزير الخارجية الأميركي ريكس) تيلرسون إلى التخفيف من حدة الأزمة، من خلال التأكيد على فوائد العلاقات بين الولايات المتحدة وقطر، ومن المؤكد أن هزيمة تنظيم «داعش»، واحتواء إيران، تسهلهما زخات القوة القادمة من مدارج العديد. إن الأزمات المتزايدة في المحيط الهادي مع كوريا الشمالية، وربما الصين، تجعلنا لا نبدد تركيزنا، ولا نستنزف مواردنا في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، تسود التوجيهات الرئاسية بشكل واضح في هذه المسألة، فقد قال الرئيس دونالد ترامب، الشهر الماضي «للأسف، كانت قطر، من الناحية التاريخية، ممولة للإرهاب على مستوى عال جداً، وعلينا أن نوقف تمويل الإرهاب». ومن خلال هذا التصريح، أعرب في الواقع عن موقفنا الذي يجب أن نتخذه طوال الوقت، إذ لا يمكننا أن ندافع عن سياسة تدمير تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، وفي الوقت نفسه نجد مصالحنا مع دولة تدعم بشكل غير متجانس كلا التنظيمين.

التحلي بالمرونة

كيف يجب أن تتعامل الولايات المتحدة مع هذه الأزمة؟ أولاً، يجب أن نتحلى بالمرونة بشأن «كيف» يجب أن تتوقف قطر عن دعم الإرهاب، ولكن نكون حازمين إزاء الجهات المعنية.

ثانياً، يجب علينا أن نتأكد من أن المملكة العربية السعودية ومصر تدركان أننا نؤيدهما في هذا النزاع. إن أمن الشرق الأوسط يعتمد بشكل حيوي على قوة علاقاتنا مع هاتين القوتين الإقليميتين.

ثالثاً، يجب أن نضع إيران على علم، بشكل استباقي، بأن مشاركتها في المفاوضات العربية بشكل لافت، أمر غير مقبول على الإطلاق. وكما يتضح بشكل مؤلم في جميع أنحاء المنطقة، فإن الصراعات تزداد سوءاً، وتصبح أكثر صعوبة عندما تكون طهران طرفاً فيها.

رابعاً، يجب أن نبدأ مفاوضات سرية مع دول مجلس التعاون الخليجي، التي قد تحل محل قطر كمضيف لوجودنا العسكري الحيوي في المنطقة.

خامساً، وأخيراً، يجب أن نوضح أننا سنعيد تقييم المبيعات العسكرية الأميركية المستمرة إلى قطر، إذا تركت مجلس التعاون الخليجي في نهاية المطاف.

يتعين على قطر أيضاً اتخاذ قرار حاسم. أعرف بعض القادة العسكريين في هذا البلد، إنهم رجال لديهم الحكمة والقدرة، وكثير منهم مدربون في أفضل المدارس العسكرية البريطانية والأميركية، وهم يدركون قيمة الشروط المطلوبة التي تحدد تحقيق أهداف القائد، في التخطيط الاستراتيجي.

ويتعين على هؤلاء وقادتهم المدنيين أن يقرروا ما يشكل نهاية مقبولة لمأزقهم الحالي. هل يريدون حقاً أن يكونوا على خلاف مع إخوتهم التقليديين، ويشكلوا تحالفاً شريراً مع إيران؟ ما الذي يمكن أن يكون من المزايا الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية لاستمرار الارتباط مع خصم تاريخي، كان دائماً دولة مارقة تسعى للهيمنة الإقليمية وزعزعة الاستقرار؟

الاعتزاز الوطني سيؤثر في عملية صنع القرار في الدوحة. وبناءً على ذلك، فإن استئناف الدبلوماسية الهادئة من قبل جميع الأطراف من شأنه أن يقنع ويجذب على أفضل وجه الدوحة لتختار أحد المعسكرين، وهذا مهم جداً، ليس فقط بالنسبة لقطر، بل للحرب العالمية ضد الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة.

جيمس كونواي جنرال متقاعد في البحرية الأميركية برتبة 4 نجوم. شارك مرتين في مهام قتالية بالعراق، وكان قائداً للفيلق الـ34 من 2006 إلى 2010.

تويتر