سيؤدي إلى تجنب التعرض لانقطاع محتمل من أحد الموردين القائمين

تنوع موردي الغاز المسال في الشرق الأوسط يُنهي الاحتكار ويقلل الأسعار

صورة

ينمو الطلب الإقليمي على الغاز المسال في منطقة الشرق الأوسط بمعدلات كبيرة، مدفوعاً بعوامل دولية وإقليمية عدة، منها رغبة الحكومات في تنويع مصادر الطاقة التي تعتمد عليها في الاستخدامات التجارية والصناعية المختلفة. ويأتي ذلك بالتزامن مع تراجع الأسعار العالمية للغاز المسال، التي انخفضت إلى أكثر من نصف قيمتها منذ عام 2014، مع التراجع الكبير في أسعار النفط، وظهور منتجين واعدين مثل أستراليا والولايات المتحدة الأميركية في سوق الغاز المسال العالمي.

وفي هذا السياق،من المتوقع أن تصبح منطقة الشرق الأوسط وجهة رئيسة لاستهلاك واستيراد الغاز الطبيعي المسال على الصعيد العالمي. وبحسب شواهد عدة، فقد أصبحت المنطقة تمثل حصة كبيرة من سوق إمدادات الغاز الطبيعي المسال. وفي ظل إمكانية حصول المنطقة على إمدادات الغاز من موردين مختلفين، فقد يضمن لها ذلك العديد من المزايا، منها مرونة التسعير، إلى جانب تأمين إمدادات الغاز بعيداً عن المخاوف من انقطاع الضخ من دول مجاورة.

عوامل متشابكة

- يمثل الحصول على إمدادات الغاز المسال من موردين جدد، التغير الأهم الذي ستشهده سوق الغاز المسال في منطقة الشرق الأوسط في السنوات المقبلة.

- الإمدادات من الدول الإفريقية للمنطقة زادت من 0.7 مليار متر مكعب (0.5 مليون طن متري) في عام 2014 إلى ما يزيد على 6.4 مليارات متر مكعب (4.7 ملايين طن متري) في عام 2016.

- تأمين إمدادات الغاز المسال من موردين مختلفين سيفرض العديد من التداعيات الإيجابية.

شجعت العديد من العوامل الدولية والإقليمية على نمو واردات منطقة الشرق الأوسط من الغاز المسال، ويتمثل أبرزها في:

تراجع الأسعار

تحوّل اهتمام حكومات الشرق الأوسط نحو الاعتماد على واردات الغاز الطبيعي المسال على مدى السنوات الثلاث الماضية، مدفوعاً في الأساس بالتراجع الملحوظ في أسعار توريد الغاز الطبيعي المسال، بالتزامن مع تراجع أسعار النفط العالمية في الفترة الماضية.

ومنذ عام 2014 انخفض متوسط أسعار الغاز الطبيعي المسال إلى أكثر من 50%، من 13.878 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية إلى 5.719 دولارات للمليون وحدة حرارية. وبالطبع، فإن الانخفاض الكبير في أسعار الغاز المسال جعل منه خياراً لدى كثير من حكومات المنطقة في توليد الكهرباء والاستخدام الصناعي، بدلاً من مصادر الطاقة الأخرى الأكثر كلفة وتلويثاً للبيئة أيضاً.

2- تنويع مصادر الطاقة

يأتي الطلب المتزايد على استيراد الغاز الطبيعي المسال في المنطقة مدفوعاً برغبة الحكومات في تنويع مصادر الطاقة التي تعتمد عليها في الاستخدامات التجارية والصناعية المختلفة، فقد اتجهت الحكومة المغربية، على سبيل المثال، منذ عام 2015، نحو تنويع إمدادات الطاقة للحد من الاعتماد على واردات النفط والفحم، فضلاً عن وضع خطة لتوليد 4 جيجاوات من الطاقة المتجددة.

ومن المنتظر أيضاً أن تبدأ بحلول عام 2018 في استيراد الغاز الطبيعي المسال، ومن المتوقع أن تصل كميات واردتها إلى مليوني طن متري في البداية، ثم من المخطط أن تزيد إلى خمسة ملايين طن متري بحلول عام 2025. وكجزء من هذه الخطة، سيتم بناء ميناء الجرف الأصفر، الذي يقع جنوب مدينة الجديدة على ساحل المحيط الأطلنطي.

دعم البنية التحتية

على مدار السنوات الماضية، سعت حكومات منطقة الشرق الأوسط إلى دعم البنى التحتية والمرافق الخاصة باستقبال واردات الغاز الطبيعي المسال، لكي تتمكن من الوصول إلى السوق العالمية للغاز المسال بسهولة. وفي الفترة الماضية، ضاعفت تلك الحكومات من قدرات وحدات التخزين العائمة للغاز المسال ليبلغ مجموع الطاقة الاستيعابية لهذه الوحدات ما يقدر بنحو 50 مليار متر مكعب، أي ما يعادل 36.5 مليون طن متري سنوياً.

ظهور منتجين جدد

في الوقت نفسه، بدأت خريطة إنتاج الغاز المسال العالمي تتغير بدرجة كبيرة، فقد أصبح هناك عدد أكبر من المنتجين الواعدين على الصعيد العالمي، من أبرزهم الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا، والذين من المرجح أن يكون لهم تأثير كبير على ديناميات تجارة الغاز الطبيعي المسال في المستقبل. وحالياً تُعد أستراليا ثاني أكبر مورد عالمي للغاز الطبيعي المسال بصادرات بلغت 44.3 مليون طن يومياً في عام 2015. وفي السنوات الخمس الماضية، استثمرت أستراليا أكثر من 200 مليار دولار في مشاريع تسييل الغاز الطبيعي المسال، التي من المحتمل أن تسمح بتجاوز حجم إمدادات الغاز الطبيعي المسال من المنتجين التقليديين للغاز حالياً.

كما من المتوقع أن تسهم طفرة إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة الأميركية في مضاعفة القدرة التصديرية للغاز الطبيعي المسال الأميركي إلى نحو 70 مليون طن بحلول عام 2020.

طلب متزايد

يتبين من العوامل السابقة أن منطقة الشرق الأوسط باتت، على نحو متزايد، وجهة رئيسة لاستهلاك واستيراد الغاز الطبيعي المسال على الصعيد العالمي، وذلك في الوقت الذي لم يتمكن فيه إنتاج الغاز في كثير من دول المنطقة من مواكبة النمو الكبير في الاستهلاك المحلي.

ووفقاً للمعطيات السابقة، تشير وكالة «ستاندرد آند بورز جلوبال بلاتس» إلى أنه من المتوقع أن يرتفع الطلب على الغاز الطبيعي المسال في المنطقة على مدى العامين المقبلين، ليبلغ 40 مليار متر مكعب (29.2 مليون طن متري) سنوياً. وكنسبة من إجمالي إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية، فقد بلغت واردات الغاز الطبيعي المسال نحو 28.6 مليار متر مكعب (20.9 مليون طن متري) وبما يعادل 7.9% من المجموع العالمي، في حين أنها في عام 2014 كانت أقل بقليل من 2% من الإمدادات العالمية بقيمة 5.9 مليارات متر مكعب (4.3 ملايين طن متري).

اتجاه جديد

يمثل الحصول على إمدادات الغاز المسال من موردين جدد، على ما يبدو، التغير الأهم الذي ستشهده سوق الغاز المسال في منطقة الشرق الأوسط في السنوات المقبلة. وهناك شواهد تدعم هذا الاتجاه، فعلى سبيل المثال، أبرمت شركة «روسنفت» الروسية اتفاقاً لتوريد 10 شحنات من الغاز الطبيعي المسال للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» في مارس 2017. وفي المجمل، وبحسب وكالة «بلاتس»، فإن عدد الدول التي أمدت المنطقة بالغاز المسال زاد من نحو تسع دول عام 2014 إلى 19 دولة في عام 2016. واللافت للانتباه أن الإمدادات من الدول الإفريقية للمنطقة زادت خلال الفترة نفسها من 0.7 مليار متر مكعب فقط (0.5 مليون طن متري) في عام 2014 إلى ما يزيد على 6.4 مليارات متر مكعب (4.7 ملايين طن متري) في عام 2016.

تنوع الموردين في تأمين إمدادات الغاز المسال

تأمين إمدادات الغاز المسال من موردين مختلفين سيفرض العديد من التداعيات الإيجابية؛ إذ إنه سيسهم في الحصول على خصومات سعرية محتملة، لاسيما مع التخمة المحتملة في سوق الغاز الطبيعي المسال مستقبلاً، إضافة إلى زيادة مرونة التسعير، حيث بإمكان دول المنطقة التفاوض على الأسعار آنياً مع تبني نموذج عقود التوريد الفورية، بخلاف اتفاقيات توريد الغاز الطبيعي المسال التقليدية، التي قد تتجاوز مدتها التعاقدية أكثر من 10 أعوام، كما أنه سيؤدي إلى تجنب التعرض لانقطاع محتمل من أحد الموردين القائمين، وهي المخاوف التي أثيرت في المنطقة في السنوات الماضية بسبب الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسة.

ويمكن القول إن سوق الغاز المسال تمر بالعديد من التغيرات العالمية والإقليمية، التي يمكن أن توفر عدداً من المزايا الإيجابية لقطاع الطاقة بالمنطقة خلال الفترة المقبلة.

تويتر