أعضاء في الإدارة يتحركون من دون علم الرئيس

سياسة ترامب الخارجية غير منضبطة

نيكي هالي تظهر التزام الولايات المتحدة والحزب الجمهوري بالقيادة الأخلاقية للشرق الأوسط وشرق أوروبا. رويترز

خلال أول شهرين من عملها، أثبتت ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هالي قوتها وتفردها. وبخلاف توجهات رئيسها دونالد ترامب أعلنت أن العقوبات على روسيا لن تزول إلا بعد عودة شبه جزيرة القرم لأوكرانيا المستقلة. وعندما سئلت عما إذا كان ما تقوله ينسجم تماماً مع توجهات الرئيس ترامب قالت «انظروا إنه الرئيس ويستطيع قول ما يريد كلما أراد ذلك، ولكن التوجيهات التي لدينا بأن نقوم بعملنا، والتأكد من أن الولايات المتحدة قوية، وهذا ما نقوم به جميعاً. وأنا أتقيد بروح التوجيهات وليس بحرفيتها»، ولكن وزير الخارجية ريكس تيليرسون أبلغها أنه يتعين عليها الدفاع عن سياسة الرئيس ترامب ولا تبتدع سياسة خاصة بها.

وقبل 10 أيام، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن مستشار الأمن القومي الجنرال «اتش ار ماكماستر» تحرك من دون علم الرئيس ترامب ليبلغ حليفة واشنطن كوريا الجنوبية، أن الولايات المتحدة ستدفع ثمن نظام الدفاع الصاروخي الجديد الذي هدد ترامب سابقاً بإلغائه إذا لم تدفع ثمنه كوريا الجنوبية.

ويوم الإثنين الماضي، نقل أحد مراسلي صحيفة «ناشونال بوست» الكندية أن موظفي البيت الأبيض اتصلوا برئيس حكومة كندا، جاستن ترودو، وشجعوه على أن يقنع رئيسهم ترامب بعدم انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية «نافتا» ونسب هذه المناورة السيد جون كراني المراسل المالي لموقع «بريبارت» الإخباري للسيد جاريد كوشنير نفسه. وعلى الرغم من انتشار نظريات أخرى الآن حول الموضوع، إلا أن احتمال قيام كوشنير بتسهيل الاتصال بين الحلفاء يمكن أن يحدث في كل الأحوال. ففي واقع الأمر فإن كندا جزء من حصة كوشنير، بعد جلب السلام إلى الشرق الأوسط وإدارة العلاقات في المحيط الهادئ وبيع أميركا تريليون دولار من النفقات على البنية التحتية.

• في ظل غياب القيادة الرئاسية يندفع الموظفون حتماً ليملؤوا الفراغ الناجم عن ذلك.

وبالنسبة لحالتي هالي وماكماستر، فقد قال ترامب مازحاً إن هالي يمكن استبدالها بسهولة. وأبلغ حلفاء ترامب مراسل صحيفة «بلومبيرغ ايلي ليك» أن رئيسهم يستشيط غضباً من ماكماستر.

ولطالما كان ترامب يواجه المتاعب عندما كان يحاول الاستحواذ على جل السلطات التنفيذية بعد انتخابه، لأن القيام بذلك يتطلب توظيف آلاف الأشخاص ليكونوا كبار المسؤولين الملتزمين بوجهة نظره البحتة. وباعتبار ترامب شخصاً شعبوياً كما أن حزبه الجمهوري لا يمنحه الكثير من الولاء، فإنه لن يحصل على مثل هذا الفريق من الموالين. وستكون السياسة الخارجية بصورة خاصة تحدياً كبيراً له بالنظر إلى أن العشرات من خبراء السياسة الخارجية في الحزب الجمهوري وقعوا رسالة مفتوحة يدينون ترامب خلال حملته الانتخابية.

وربما يفضل البعض أن تقوم هالي، وماكماستر، وجاريد كوشنير بإبعاد ترامب عن الموضوعات المتعلقة بالسياسة الخارجية، ولكن ذلك لن يكون الحل الناجع، اذ إن الفوضى ناجمة عن ترامب نفسه. وازدهار أميركا وقوتها يكمن في أن شعبها يقود نفسه، ولكن في هذه الأيام الرئيس لا يستطيع حكم نفسه. ويتنقل ترامب من سياسة إلى أخرى حسب المزاج الذي يكون فيه.

وفي غياب القيادة الرئاسية ما الذي يمكن توقعه سوى اندفاع الموظفين ليملؤوا الفراغ الناجم؟ وتتحدث هالي أولاً لتظهر التزام الولايات المتحدة والحزب الجمهوري بالقيادة الأخلاقية للشرق الأوسط وشرق أوروبا، وغالباً ما يبدو ذلك متناقضاً بشكل صريح مع وعود ترامب خلال الحملة الانتخابية. ويبقى كوشنير حذراً دائماً للاطمئنان على ألا يقوم ترامب بنسف الترتيبات التجارية مع أقرب حلفاء الولايات المتحدة. ويندفع ماكماستر لطمأنة حلفاء أميركا التقليديين بأن الولايات المتحدة لاتزال ملتزمة بأمنهم القومي. ويخشى المرء من أنه في نهاية المطاف، سنندفع جميعنا لالتقاط أشلاء النظام برمته.

تويتر