لن تحل كل مشكلاتها

الديمقراطية في كوريا الجنوبية تسير في الطريق الصحيح

صورة

ينبغي النظر إلى إبعاد الرئيسة بارك جيون هاي عن السلطة في كوريا الجنوبية، باعتباره شهادة لديمقراطية هذا البلد الوليد. وعلى الرغم من كل الاضطرابات والصعوبات، فقد تمكنت هذه الدولة من تحقيق إحدى أكثر المناورات براعة في النظام الديمقراطي، والمتمثلة في إجراء عملية نقل السلطة بموجب القانون، في وقت تتزايد فيه الضغوط القاهرة، إذ إن المرونة والبراعة في اتخاذ القرارات، وتسليم السلطة دون انقلابات دموية، تعتبر إشارة للقوة التي تميز النظام الديمقراطي من الدكتاتوري، ويرجع الفضل في ذلك إلى روح الاحتجاجات غير العنيفة، التي ملأت الشوارع بالتظاهرات خلال الأشهر الماضية.

واجهت كوريا الجنوبية تحديات خارجية خطيرة، واتخذت السيدة بارك موقفاً لا يتزعزع من نظام رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ أون، الذي لا يمكن التنبؤ بأفعاله.

وفي الوقت ذاته، إن المسألة برمتها تكشف التواطؤ الدنيء بين مجتمع الأعمال والشركات والسلطة السياسية، إذ تم إبعاد الرئيسة بارك من السلطة، عندما أيدت المحكمة الدستورية التصويت البرلماني لإقالة بارك بسبب الفساد. وذكرت الصحافية أنا فيفيلد، من صحيفة «واشنطن بوست»، أن المحكمة اكتشفت أن بارك قدمت مساعدة لصديقتها تشوي سون سيل، للحصول على رشى من الشركات التجارية الكورية، بما فيها «سامسونغ»، وطالبت بصورة شخصية الشركات الضخمة بتقديم التبرعات لها. وأشارت وثائق سرية تم تسريبها في ما بعد، أن بارك حاولت التغطية على فعلتها، وكذبت من أجل ذلك. وبناء عليه، يتعين على كوريا الجنوبية تطهير كل هذا الفساد، لإعادة ثقة الشعب بالحكومة.

ولكن قبل ذلك بكثير، واجهت الدولة تحديات خارجية خطيرة، واتخذت بارك موقفاً لا يتزعزع من نظام رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ أون، الذي لا يمكن التنبؤ بأفعاله. وكان وصول أول دفعة من المعدات المخصصة لتركيب أنظمة الصواريخ الدفاعية في كوريا الجنوبية والمعروفة بـ«محطة الدفاع ذات المدى البعيد»، إضافة إلى التمرينات المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، هي نتاج ذلك الموقف الصارم. والآن تواجه سيؤول لحظة من الضعف، ولا ينبغي الخوف عليها. وحاولت كوريا الشمالية استغلال الاضطراب السياسي في البلد، وأطلقت أربعة صواريخ باتجاه اليابان.

وتصرفت الصين مثل «البلطجي»، وشجعت على مقاطعة منتجات كوريا الجنوبية، احتجاجاً على نشر الصواريخ الدفاعية الأميركية في هذا البلد. وبدا آخر اقتراح دبلوماسي لبكين، والمتمثل في أن تجمد كوريا الشمالية برامجها النووية والصاروخية، مقابل أن توقف الولايات المتحدة تدريباتها مع كوريا الجنوبية، بداية غير موفقة ومضحكة، إذ إنه يطرح سؤالاً مفاده ما إذا كانت الصين تستطيع التحكم في الرئيس كيم الطائش والخطر.

وأظهرت استطلاعات الرأي، التي تسبق الانتخابات المقبلة في كوريا الجنوبية، أن المرشح الأوفر حظاً للفوز هو، مون جاي إن، المؤيد البارز «لسياسة الشمس المشرقة»، التي تدعو إلى الانفتاح مع كوريا الشمالية. ويقصد بهذه الاستراتيجية تخفيف التوتر، وفتح أبواب هذه الدولة الموصدة دائماً، لكن يبدو أن ذلك ليس بالوقت المناسب لهذا النوع من السياسة.

وينبغي على وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون، الذي زار اليابان وكوريا الجنوبية والصين أخيراً، استغلال هذه الرحلة لتشجيع كوريا الجنوبية على البقاء في موقف حازم أمام الضغوط التي تفرضها كوريا الشمالية والصين، وأن يؤكد لسيؤول التزام الولايات المتحدة بأمنها. وكان الوزير تيليرسون قد جعل رحلته أكثر صعوبة، نتيجة قراره الأحمق باستبعاد وسائل الإعلام عن رحلته، وهي سابقة غير معروفة منذ عقود.

تويتر