المرصد

محاكمة الصحافي أحمد سيك

قبل أسبوعين، بدأت محاكمة الصحافي التركي أحمد سيك، ووعدت الحكومة بأنها ستسمح للمراقبين بحضورها، لكنها رفضت ذلك في ما بعد لأسباب وصفتها بالفنية، ويعتبر الصحافي أحمد (46 عاماً) من أفضل صحافيي التحقيقات في تركيا، وهو حاصل على جائزة «اليونيسكو» لحرية الصحافة على أعماله.

قمع الصحافيين في دول مثل تركيا، يجذب تركيز العالم برمته إليهم، وربما تقوم جهات عدة باستغلال ظروف هؤلاء الصحافيين لتصفية حسابات سياسية.

وتبذل زوجة أحمد، وهي يونكا فيرديوغلو، قصارى جهدها لمساعدة زوجها، الذي تعرفت إليه في تسعينات القرن الماضي، وكان الزوجان يساريين وغير راضيين عن الوضع السياسي في بلادهما في تلك الفترة، عندما كانت تركيا تحكم من قبل نظام علماني، لكن السلطة الحقيقية كانت بيد الجيش والأجهزة الأمنية، وكانت السجون مكتظة بناشطي حقوق الإنسان والصحافيين والأكاديميين.

وتعمل يونكا، مع العديد من أصدقائها الكتاب والصحافيين والفنانين على تأمين إطلاق سراح زوجها، حيث قامت بإنتاج فيلم فيديو يظهر مشاهد من حياة سيك المهنية، والتي كان أهم منجزاتها تأليفه كتاباً عن رجل الدين الإسلامي، فتح الله غولين، يحمل عنوان «جيش الإمام» في عام 2011، والذي أسهم في تركيز الكثير من الانتباه على سيك، حيث يذكر الكتاب كيفية قيام غولين الذي يعيش في المنفى بالولايات المتحدة منذ عام 1996، بتشكيل أقوى مجموعة إسلامية في تركيا. وذكر سيك في كتابه أن غولين زرع أتباعه في المفاصل المهمة بالدولة.

ولايزال سيك محبوساً في سجن يتسم بحماية أمنية مشددة، وغير مسموح له بمشاهدة سجناء آخرين، أو استقبال زوار غير أفراد عائلته ومحاميه. وفي أبريل المقبل، ستصوت تركيا على إدخال النظام التنفيذي الرئاسي إلى البلاد، والذي من شأنه أن يركز الكثير من السلطات في يد رئيس الجمهورية.

ولابد من القول هنا إن التضييق على الصحافيين وحبسهم، كما هي الحال التي يتعرض لها سيك في تركيا، التي تعتبر دولة ديمقراطية، لن يكون له أي فوائد للحكومة، بل على العكس فإن هذا النهج سينطوي على سلبيات كبيرة، خصوصاً أن سلوكيات حبس الصحافيين وقمعهم، تعتبر من سمات الأنظمة المستبدة والدكتاتورية.

وحتى لو تمادى أحد الصحافيين في انتقاداته وكتاباته، فإن الأضرار التي ستنجم عن حبسه أو إسكاته بالقوة، أكبر بكثير من تركه يكتب ما يشاء لأن اعتقاله وقمعه سيجعلانه محط أنظار العالم، ويؤكد صدقية كتابته حتى لو كانت غير ذلك، وهذه من الأسباب التي تدعو للاستغراب عند قيام إحدى الحكومات بقمع وحبس صحافي، ربما يكون غير معروف فتثير بذلك ضجة وفضيحة ضدها، كان بالإمكان تلافيهما وبسهولة عن طريق استيعاب ما يقوله، وإن كان لا ينسجم مع السياسة التي تبنتها الحكومة.

وما يزيد الطين بلة أن قمع الصحافيين في دول مثل تركيا يجذب تركيز العالم برمته إليهم، وربما تقوم جهات عدة باستغلال ظروف هؤلاء الصحافيين لتصفية حسابات سياسية خاصة بها، ليست لها علاقة بحرية الصحافة وحقوق الإنسان، والتي ستجعل منها مجرد مطية للوصول إلى مآربها.

تويتر