فوز فيلم يتناول عملها الخطر لإنقاذ المدنيين السوريين بجائزة «أفضل فيلم وثائقي قصير»

«الخوذ البيضاء» تكافأ في حفل جوائز أوسكار

صورة

كوفئت «الخوذ البيضاء»، الدفاع المدني الناشط في مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية، الليلة قبل الماضية، عبر نيل فيلم وثائقي بعنوان «ذي وايت هلمتس»، يتناول عملها المحفوف بالمخاطر، سعياً لإنقاذ المدنيين من ضحايا النزاع في سورية، بجائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي قصير.

وفي غياب تمثيل للمنظمة في الحفل لأسباب ترتبط بضغط العمل، في ظل تصعيد القصف في سورية ونتيجة عدم صلاحية جواز سفر أحد مصوريها، تلا مخرج الفيلم أورلاندو فون اينسيدل كلمة قصيرة لرئيس «الخوذ البيضاء» رائد صالح.

وجاء في الكلمة: «نحن ممتنون لأن الفيلم ألقى الضوء على عملنا (..)، لقد أنقذنا أكثر من 82 ألف مدني. أدعو جميع الذين يصغون إلي للعمل من أجل الحياة، من أجل وقف نزيف الدم في سورية ومناطق أخرى في العالم».

وفي بيان منفصل، قال صالح: «لسنا سعداء بما نقوم به، نحن نمقت الواقع الذي نعيش فيه، ما نريده ليس الدعم للاستمرار، ولكن الدعم لإنهاء هذا العمل»، آملاً أن «يدفع الفيلم وهذا الاهتمام العالم إلى التحرك لوقف إراقة الدماء في سورية». وأهدى خالد الخطيب، وهو المسعف الذي التقط مشاهد الفيلم، الجائزة الى «متطوعي الخوذ البيضاء وجميع الناس الذي يعملون حول العالم من أجل السلام».

وبدأت المنظمة العمل في عام 2013 بعد تصاعد حدة النزاع الدامي الذي بدأ بحركة احتجاج سلمية في مارس 2011، قمعها النظام بالقوة، وتسبب النزاع في مقتل أكثر من 310 آلاف شخص، ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

ومنذ 2014، بات متطوعو المنظمة يعرفون باسم «الخوذ البيضاء»، نسبة الى الخوذ التي يضعونها على رؤوسهم.

وكان متطوعو المنظمة قبل اندلاع النزاع خبازين وأطباء ونجارين وطلاباً، لكنهم اختاروا الانضمام إلى صفوف الدفاع المدني، مخصصين وقتهم لتعقب الغارات والبراميل المتفجرة بهدف إنقاذ الضحايا.

شجاعة استثنائية

بدأوا يُعرفون بفضل أشرطة الفيديو المؤثرة التي تناقلتها شبكات التواصل الاجتماعي، وهي تظهرهم يهرعون بعد حدوث عملية قصف لانتشال الناجين، ولاسيما الأطفال، من تحت ركام الأبنية المهدمة، وقد قتل 142 منهم منذ إنشاء المنظمة.

ولكن في بلد يشهد انقسامات حادة وحرباً مدمرة، تتعرض المنظمة لانتقادات، خصوصاً من الموالين للرئيس السوري بشار الأسد، ويتهمها البعض بأنها أداة في أيدي المانحين الدوليين والحكومات الداعمة للمعارضة السورية، ويذهب آخرون الى القول بأن مقاتلين وحتى جهاديين ينضوون تحت صفوفها.

لكن الكثيرين ينظرون إلى عناصر الدفاع المدني على أنهم «أبطال حقيقيون» من الواقع، هاجسهم الأول والأخير إنقاذ الضحايا.

تم ترشيحهم لجائزة نوبل للسلام، لكنهم لم يفوزوا، غير أن عناصر الدفاع المدني البالغ عددهم نحو 3000 متطوع بينهم 78 امرأة، حصلوا على إشادة عالمية بتضحياتهم بعدما تصدرت صورهم وسائل الاعلام حول العالم وهم يبحثون عن عالقين تحت أنقاض الأبنية أو يحملون أطفالاً مخضبين بالدماء الى المشافي.

وفي سبتمبر 2016 اختارتهم المنظمة السويدية الخاصة «رايت لايفليهود» لمنحهم جائزتها السنوية لحقوق الإنسان، التي تعد بمثابة «نوبل بديلة»، مشيدة «بشجاعتهم الاستثنائية وتعاطفهم والتزامهم الإنساني لإنقاذ المدنيين من الدمار الذي تسببه الحرب الأهلية».

حياد

على موقعها الإلكتروني، تقول المنظمة إن شعار متطوعيها هو «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً»، المقتبس من الآية القرآنية: «منْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا». وتشدد في الوقت ذاته على أن متطوعيها يخاطرون بحياتهم «لمساعدة أي شخص بحاجة للمساعدة بغض النظر عن انتمائه الديني أو السياسي».

وشدد مدير الدفاع المدني رائد الصالح في حوار مع وكالة «فرانس برس» في واشنطن في 28 سبتمبر على حياد المنظمة. وقال «نحن مستقلون، حياديون وغير منحازين. لسنا مرتبطين بأي جهة سياسية أو مجموعة مسلحة». ويقول صالح: «نحن في خدمة الضحايا، ومن مسؤوليتنا وواجبنا العمل من أجل الضحايا».

وتلقى عدد من المتطوعين تدريبات في الخارج، قبل أن يعودوا الى سورية لتدريب زملائهم على تقنيات البحث والإنقاذ. وللمجموعة 120 مركزاً تتوزع على ثماني محافظات سورية، وتحديداً في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة والمقاتلة.

تويتر