يرجّح أن تأتي سياسة الهجرة الجديدة بنتائج عكسية

مرسوم ترامب وسيلة «عقيمة» لاستبعاد المتطرّفين من أميركا

صورة

الجميع في الولايات المتحدة يتذكر الهجوم الدموي على الملهى الليلي في أورلاندو، فهو أسوأ حادث إطلاق نار في تاريخ البلاد، إذ سقط فيه عشرات الضحايا، وكان المهاجم ابن مهاجرين من أفغانستان. في حين كان مطلقا النار في سان برناردينو من الجيل الثاني، وينحدران من أصول باكستانية. أما نضال حسن، قاتل «فورت هود»، فهو ابن مهاجرين فلسطينيين؛ في حين يحمل الأخوان تسناييف، اللذان فجرا قنابل في ماراثون بوسطن عام 2013، جنسية قرغيزستان. وفي 2010، أخفق انتحاري يقود سيارة في «تايمز سكوير» - نيويورك، في تفجير نفسه، وهو مهاجر من باكستان حصل على الجنسية الأميركية. وكان قائد هجمات باريس، نوفمبر 2015، الذي تحدث عنه دونالد ترامب كثيراً في حملته الانتخابية، مواطناً بلجيكياً من أصول عربية.

الغرب في أمسّ الحاجة إلى طرحٍ أكثر واقعية في ما يخص مسألة الهجرة؛ فهو لايزال حبيس اتفاقات ومواثيق كتبت بعد الحرب العالمية الثانية، وباتت الآن غير مناسبة في عالم يتغير بسرعة كبيرة. عشرات الملايين من الناس يسعون للخروج من المناطق المضطربة بحثاً عن فرص أفضل في أوروبا وأميركا الشمالية.

إذا كان الهدف هو استبعاد المتطرفين من الولايات المتحدة، فإن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الجمعة الماضي، يبدو وسيلة غير فعالة للغاية لتحقيق ذلك.

وقد حظيت الإدارة الجديدة بكراهية كبيرة بسبب «اختبار ديني» ضد المسلمين، دون تحقيق أية فائدة في الواقع. هذا الإجراء يرقى إلى أن يكون سياسة رمزية، وهي الأكثر غباء، ومن المرجح أن تأتي بنتائج عكسية. في المقابل، فإن هذه السياسة لها تأثير عملي، على الأرجح، وهو أن التعامل المباشر والتحدث بشأن الإرهاب، أكثر صعوبة وتعقيداً. كما كان موقف أوباما من الإرهاب سخيفاً، فإن الموقف الجديد للرئيس ترامب ــ جميع المسلمين «إرهابيون محتملون» ــ هو أسوأ بكثير.

الغرب في أمسّ الحاجة إلى طرحٍ أكثر واقعية في ما يخص مسألة الهجرة، فهو لايزال حبيس اتفاقات ومواثيق كتبت بعد الحرب العالمية الثانية، وباتت الآن غير مناسبة في عالم يتغير بسرعة كبيرة. عشرات الملايين من الناس يسعون للخروج من المناطق المضطربة في أميركا الوسطى، والشرق الأوسط، وغرب إفريقيا، وجنوب آسيا، بحثاً عن فرص أفضل في أوروبا وأميركا الشمالية.

تسبب العدد القليل، نسبياً، من المهاجرين الذين تمكنوا من الوصول إلى الشمال الغني، منذ 2013، في قلب الموازين السياسية في الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي. فتحت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الباب على مصراعيه، في أغسطس 2015، أمام المهاجرين، ما تسبب في تراجع الديمقراطية في بولندا منذ سبتمبر 2015، وصعود مارلين لوبان (اليمينية المتطرفة) في فرنسا، وتزايد شعبية خيرت وايلدرز في هولندا، وأيضاً يمكنني أن أجادل (الحديث للكاتب) بأن من نتائج سياسة ميركل المفتوحة، تصويت البريطانيين لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي. كما أن تزايد عدد المتسللين إلى الولايات المتحدة القادمين من أميركا الوسطى، في 2014، ومراسيم العفو التي أصدرها أوباما في حق المخالفين، زادت الطين بلة، وأسهمت في صعود (ظاهرة) ترامب.

أمر مفهوم أن يسعى الناس في العالم الفقير للانتقال إلى الأفضل، كما يمكن توقع الاسباب التي تدفع الناس في الدول المضيفة للمقاومة. نحن بحاجة إلى نموذج جديد لمرحلة جديدة. الثقة الاجتماعية والتماسك الاجتماعي اللذان تميز بهما مجتمع متقدم مثل المجتمع الأميركي، يتم بناؤهما ببطء، وهما عرضة للتآكل. إن هذا النموذج يتآكل. ترامب هو أحد أعراض هذا التآكل أكثر من كونه السبب.

لقد أطلق الأمر التنفيذي الرئاسي العنان للفوضى، وأضر بالمقيمين في الولايات المتحدة بشكل قانوني، ونفّر الأصدقاء المحتملين في العالم الإسلامي. وبرفضه التعرف الى حقيقة الانتماء إلى الأمة، ومعنى المواطنة، والاختلاف بين الثقافات، اكتسب ترامب سلطة إصدار هذا المرسوم.

عندما يصر الليبراليون على أن الفاشيين فقط هم من سيدافع عن الحدود، حينها سيستعين الناخبون بالفاشيين للقيام بعمل لن يقوم به الليبراليون. ما حدث نهاية الاسبوع، هو فصل مخزٍ في تاريخ الولايات المتحدة، وهو بمثابة عار ليس فقط على ترامب، على الرغم من أنه كذلك، ولكنه أيضاً عار على الثقافة السياسية التي مكنته. قد يكون ترامب وميركل نقيضين من الناحية المزاجية، لكنهما في الوقت نفسه حليفين من الناحية الوظيفية.

ديفيد فرام : خبير في الشؤون السياسية، عمل كاتباً لخطابات الرئيس جورج بوش (2000-2001).

تويتر