صهر ترامب لديه علاقات جيدة مع حركة الاستيطان في «الضفة»

جاريد كوشنر.. وسيط للسلام يفتقد للخبرة ومنحاز إلى إسرائيل

صورة

يبدو أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لن يجد الحل قريباً، فقد عين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب صهره جاريد كوشنر في منصب مستشار ووسيط للسلام في المنطقة. ويرى مراقبون أن كوشنر لن يسهم كثيراً في تسوية الصراع لأنه لا يعرف المنطقة جيداً ومنحاز لإسرائيل بسبب أصوله اليهودية. والمستشار الشاب، الذي لمع في عالم الأعمال، غير معروف في الأوساط السياسية والاقتصادية الإسرائيلية كما أنه «لغز كبير» بالنسبة للفلسطينيين، فضلاً عن أنه مبتدئ في عالم الدبلوماسية.

ترحيب إسرائيلي بتعيين كوشنر وسيطاً للسلام

جاريد كوشنر من عائلة يهودية أرثوذكسية، وهي الطائفة التي تشكل 27% من اليهود الأميركيين. وفيما صوت عدد قليل من يهود أميركا لمصلحة دونالد ترامب، حازت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون على نحو 70% من أصواتهم. والأرجح أن قرار ترامب إعطاء صهره صلاحيات واسعة في لجنة تشكيل الفريق الحكومي والوظيفي لإدارته، وإبراز دوره، يخدم استراتيجيته في الرد على موجة الانتقادات الواسعة التي أثارها تعيين شخصيات يمينية متهمة بمعاداة اليهود والأقليات في مناصب عليا في البيت الأبيض. وقد أبدى اليمين الإسرائيلي ارتياحه لفوز ترامب بالرئاسة، ورأى في ذلك فرصة لتسريع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين وصولاً إلى القضاء على فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة، كما رحب قياديون في اليمين الإسرائيلي بتعيين كوشنر وسيطاً للسلام، واعتبروا ذلك في مصلحة إسرائيل.

ويأتي إصرار ترامب على دفع كوشنر (36 عاماً)، إلى لعب مثل هذا الدور المهم والصعب، في مرحلة تاريخية تكاد عملية السلام تحتضر.

وقال ترامب في مقابلات عدة، إن زوج ابنته الكبرى إيفانكا، يمكن أن ينجح حيث باءت جهود مفاوضي السلام الأكثر منه خبرة بالفشل، وأوضح أن كوشنر، اليهودي الأرثوذكسي و«الحفيد لناجين من المحرقة» النازية، «يعرف المنطقة، ويعرف الناس، ويعرف اللاعبين».

ولكن الواقع يبدو مختلفاً بعض الشيء، فقد تناقلت الأنباء أن اللقاء الوحيد لوسيط السلام المعين- الذي نشأ في عائلة تدين بثروتها للمضاربات العقارية- مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان عندما كان طفلاً، وكان ذلك عندما زار نتنياهو والده.

بالطبع، كان هناك لقاء مهم آخر قبل عامين بين كوشنر ومسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، والأمر يتعلق بعمدة القدس نير بركات. في المقابل، يبدو المستشار الرئاسي مألوفاً في أوساط أثرياء اليمين اليهودي، في أميركا، التي تدعم إسرائيل. ويعتقد أن وجهات نظر ومواقف كوشنر بشأن هذه القضية تجسدت في مساهمته في خطاب ألقاه ترامب، في فصل الربيع، أمام «لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية» (أيباك)، مجموعة الضغط المعروفة والمؤيدة لإسرائيل. وتضمن تدخل كوشنر وعداً بتحدي إيران ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة.

وعلى الرغم من الحماس الذي يبديه الرئيس المنتخب لصهره، سوف يضطر إلى تخطي عقبة قانون مكافحة المحسوبية الذي ينص على أنه لا يجب على أي موظف عمومي «توظيف أو تعزيز أو تزكية أي شخص هو أحد أقرباء موظف عمومي». ووسط صمت غير معهود من كبار الشخصيات السياسية في تل أبيب على إصرار ترامب المتكرر بأن يكون كوشنر على رأس السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، يبدو الرئيس المنتخب نفسه، في المقابلات الأخيرة، غير قادر على شرح لماذا يعتقد أن صهره مؤهل لهذا المنصب، عدا أنه يحبه.

عقد الصفقات

وفي تصريحات لمجلة «بيلد» الألمانية قال ترامب «تعلمون جيداً أن جاريد رجل جيد وسيتوصل إلى اتفاق لن يستطيع شخص آخر التوصل إليه»، وأضاف «حقاً، إن لديه موهبة طبيعية إنه الأفضل بالطبع، ولديه قدرة فطرية على عقد الصفقات، والجميع يحبه». وقبل أيام من توليه منصب الرئاسة، رفض ترامب الخوض في مسألة نقل السفارة الأميركية إلى القدس، قائلاً «لن أعلق على هذا الموضوع ولكن سنرى ما يمكن فعله».

ويبدو أن احتضان الرئيس الجديد لكوشنر، يعكس ملاحظة من قبل الدبلوماسي الأميركي المخضرم وزير الخارجية السابق، هنري كيسنجر، وهي أن مثل هذه القرارات لا تخضع دائماً للمنطق.

وقال كيسنجر، إن «كل واحد من الرؤساء الذين عرفتهم، لديه شخص أو شخصان يثق بهما بشكل حدسي»، وأضاف «قد يكون جاريد هذا الشخص».

ولقي دور كوشنر، الذي تمت مناقشته منذ فترة طويلة، ترحيباً وراء الكواليس من قبل حكومة نتنياهو. وفي ذلك يقول وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان «ما نعلمه هو أنه شخص حازم حقاً وذكي، ونأمل أن يجلب طاقة جديدة إلى منطقتنا». كما رحب سفير إسرائيل إلى الولايات المتحدة، رون ديرمر، بتعيين كوشنر ليشرف على ملف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وقال «لا مجال للشك في أنه يشعر بالتزام قوي بأمن إسرائيل ومستقبل إسرائيل».

ويعود الفضل إلى توجيهات ترامب في ما يخص القضية الإسرائيلية الفلسطينية، ما يدفع الإدارة الأميركية في عهده نحو موقف يميني إسرائيلي أكثر تأييداً لإسرائيل، إلا أن المراقبين في حيرة لتحديد أي خبرة مباشرة لها علاقة بهذه المسألة، ما يشير إلى أنه بعد تقلده للمنصب، يجب على كوشنر أن يتعلم بسرعة.

قلق شديد

في المقابل، يعبر مسؤولون في السلطة الفلسطينية عن قلقهم الشديد إزاء الروابط العائلية بين وسيط السلام الجديد وحركة الاستيطان التي يشرف عليها اليمين المتطرف في إسرائيل. وأكد هؤلاء في اتصالات مع وسائل الإعلام، أنهم تلقوا توضيحات، قبل أسابيع، بأن كوشنر «لديه القدرة على اتخاذ القرارات التي تؤثر في القضية (السلام)»، بما في ذلك مسألة نقل السفارة الأميركية إلى القدس. بينما عبر وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي تساهي هانيغبي، عن ارتياحه بشأن «حقيقة أن الإدارة المقبلة على عكس سابقتها، تشاركنا الشعور في قضيتين أساسيتين»، في اشارة إلى بناء المستوطنات في الضفة الغربية والاتفاق النووي مع إيران.

وتعليقاً على غياب الخبرة المباشرة للوسيط المعين، قال مفاوض السلام الأميركي السابق للشرق الأوسط، دنيس روس، الأسبوع الماضي، إنه يتعين على «كوشنر أن يكون سريع التعلم». وأضاف «يصفه الناس الذين يعرفونه بأنه ذكي، وشخص يتعلم ما يحتاج لتعلمه وسوف يتعامل مع المسائل بشكل مدروس بعناية، وأيضاً بطريقة تحليلية». وأعرب المفاوض السابق عن أمله «في أن تكون تلك الأوصاف دقيقة تشير إلى كيفية قيامه بمسؤولياته لمساعدة الرئيس الجديد».

من جهته، عبر كبير المستشارين في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، عمدة شيكاغو رام إمانويل، عن اندهاشه من اختيار الرئيس المنتخب أعضاء من عائلته، بما في ذلك صهره، على الرغم من أنهم من جناح سياسي مختلف عن الاتجاه الجمهوري. يذكر أن كوشنر، كان مستشاراً مقرباً من ترامب خلال الحملة الانتخابية. وبعد فوز ترامب، طلب المشاركة في المطالعات الأمنية اليومية الخاصة بالبيت الأبيض، وكان حاضراً خلال لقاء ترامب مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في نوفمبر الماضي، في أول اجتماع يعقده مع زعيم أجنبي.

 

 

دينس روس:

 

تويتر