15 ولاية تطمح إلى الاستقلال.. على رأسها كاليفورنيا وتكساس

فوز ترامب يحيي دعوات الانفصـــال في ولايات أميركية كبرى

صورة

مع انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، الذي عبّر عن أفكاره العنصرية والاقتصادية ضد بعض مكونات المجتمع الأميركي ونظرته الاستعلائية، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية السيئة، والديون التي تغرق فيها البلاد، عادت الدعوات الانفصالية للبلاد، حيث بدأت هذه المرة من قلب كاليفورنيا التي طالب دعاة الانفصال بها إلى إجراء استفتاء على انفصال الولاية.

فمنذ نشأة الولايات المتحدة وضمها العديد من الولايات بأكثر من طريقة، ودعوات الانفصال والاستقلال لم تنقطع. وخلال العقد الأخير، الذي شهد أزمة اقتصادية ضربت العالم أجمع في 2008، علت دعوات الانفصال، ثم شهد عام 2012 تقدم مواطنين أميركيين من 15 ولاية بالتماسات رسمية تطالب بانفصال ولاياتهم عن الولايات المتحدة، فور إعادة انتخاب الرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما، لفترة ولاية ثانية، وذلك بهدف إقامة حكومات منفصلة وكيان مستقل. وتضم هذه القائمة: ولاية لويزيانا، وتكساس، ومونتانا، وداكوتا الشمالية وانديانا، وميسيسيبي وكنتاكي، وكارولينا الشمالية وألاباما، وفلوريدا وجورجيا، ونيوجيرسي وكولورادو، وأريغون ونيويورك، علماً أن هذه الطلبات قدمت بعد مضي بضع أيام فقط من انتهاء الانتخابات.

ومع خروج تظاهرات حاشدة تندد وتعترض على فوز ترامب، اهتزت الساحة الإعلامية في البلاد، محذرة من خطورة التظاهرات ودعوات الانفصال، فالولايات المتحدة دولة فيدرالية، ونظرياً يحق لأي ولاية الانفصال، لكن عملياً لن يسمح لأي من الولايات بذلك.

وفي الوقت الذي تدعم الولايات المتحدة الحركات الانفصالية حول العالم ـ خصوصاً في المنطقة العربية، بحجة الحق في تقرير المصير والديمقراطية ـ تقمع دعوات الاستقلال المنتشرة عبر أراضيها، التي تقوم على أسس منطقية أكثر من الدعوات التي يدعمها البيت الأبيض خارج الحدود الأميركية.

وتقع على ترامب مسؤولية رص صفوف البلاد، واحتواء دعوات الانفصال والتذمر من انتخابه، وإلا سيصبح اتحاد الولايات الأميركية في مهب الريح، وتصبح البلاد أقرب إلى سيناريو انهيار الاتحاد السوفييتي.

وفي ما يلي أبرز حركات ودعوات الانفصال داخل الولايات المتحدة:


كاليفورنيا.. الولاية الذهبية

الهنود الحمر

الهنود الحمر هم السكان الأصليون لأميركا، ويطالبون أيضاً بتأسيس دولتهم المستقلة، حيث يقود هذا الاتجاه ممثلو أكبر القبائل الهندية، وهي قبيلة لاكوتا، التي تشكل أغلبية سكانية في ولايات عدة تزيد مساحتها على ضعفي مساحة فرنسا، هي نبراسكا، داكوتا الجنوبية، داكوتا الشمالية، مونتانا، وفايومينغ.

وفي عام 2009 أعلن هنود قبيلة لاكوتا، بزعامة راسسيل ميللز، والقبائل الأخرى التي تعيش في هذه الولايات رفضهم كل الاتفاقات الموقعة مع حكومة الولايات المتحدة منذ 150عاماً، بعد أن استعان ميللز بخيرة الحقوقيين الذين أثبتوا أن حكومة البلاد تخرق دائماً شروط هذه الاتفاقات، وأن ذلك يعطي الحق لاعتبار أن هذه الوثائق فقدت قيمتها.‏


الانفصال ليس شرعياً وليس ممنوعاً

هناك خلاف بين النخبة القانونية حول حق انفصال الولايات، ما يعد مؤشراً إلى إمكانية البدء بنقاش شرعي حول هذا الأمر، ولا يوجد في الدستور أي بند يتحدث عن الانفصال.

وعندما كانت الولايات الجنوبية مستقلة في القرن الـ19 أقر الكونغرس تعديلاً يمنع الانفصال، وهذا يشير إلى أن له الصلاحية في منح حق الانفصال. كما أن المحكمة العليا تعتبر أن الانفصال أمراً غير قانوني، لكنها أشارت إلى أن الانقلاب، أو اتفاق الولايات، يمكن أن يؤدي إلى الانفصال.

كما يمكن للولاية الانفصال قانونياً، إذا تم تقديم اقتراع بتعديل ووافق عليه ثلثا مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وفي حال إقراره، فسيتم إرساله إلى الهيئة التشريعية لكل ولاية، ليتم النظر فيه، وتحتاج الموافقة عليه إلى موافقة 38 من الولايات، ما يجعل من الصعوبة الموافقة على الانفصال.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته إبسوس - رويترز في 2014، أن ما يقرب من ربع الأميركيين منفتحون على انسحاب ولاياتهم من الاتحاد.

داعمون دوليون

تعد روسيا والمكسيك أكثر الدول الداعمة للحركات الانفصالية الأميركية، فالمكسيك تخفي دعمها للمجموعات الانفصالية اللاتينية الكثيرة، التي تعمل في المناطق الواقعة غرب نهر المسيسبي، منذ أكثر من عقدين، ومستعدة للعمل جبهة واحدة من أجل تأسيس المكسيك الجديدة، التي ستشمل على الأقل مساحة أربع ولايات أميركية، وستخلق مشكلات لولايات أخرى مجاورة. أما روسيا فتتطلع لاستعادة ألاسكا، وفي الوقت نفسه تحلم بانهيار الامبراطورية الأميركية لتنفرد بزعامة العالم.

في أعقاب فوز ترامب بالرئاسة، انطلقت في ولاية كاليفورنيا دعوات كثيرة على مواقع التواصل تدعو إلى انفصال الولاية تحت شعار «Calexit»، تقليداً لحملة «Brexit» لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حتى ظهر الـ«هاشتاغ» في قائمة الأكثر تداولًا على موقع «تويتر». وخرجت تظاهرات تدعو ‏إلى الذهاب لصناديق الاقتراع في 2019، والتصويت لمصلحة خروج الولاية.‏

وهذه الدعوات ليست جديدة، حيث طالبت بعض المنظمات الشعبية الناشطة في الولاية، خلال اجتماع عقدته في أبريل 2010، بدعم مطالبها في الانفصال، وبحث قضية الدفع قدماً في تحقيق هدفها المتمثل في الاستقلال.

وتقوم دعوات الانفصال على أساس أن ولاية كاليفورنيا نشأت قبل ظهور الولايات المتحدة بزمن طويل، وساد على أراضيها نظام الحكم الذاتي حتى عام 1850، وبعد ذلك ضمها قائد الأسطول البحري العسكري الأميركي، جون سلوت، إلى الولايات المتحدة، وذلك بعد عملية إنزال بحري في خليج سان فرانسيسكو، ومن دون أن يأخذ برأي سكانها.

وتلقّب كاليفورنيا بالولاية الذهبية، وتشكل ثالث أكبر ولاية من حيث المساحة، بعد ألاسكا وتكساس. وتعتبر كاليفورنيا وحدها صاحبة سادس أكبر اقتصاد في العالم، متفوقة على فرنسا، وفيها توجد مراكز اقتصادات قوية متنوعة، من بينها وادي السيليكون وهوليوود. كما أنها أكثر الولايات الأميركية سكاناً، وتتفوق على بقية الولايات في نمو الوظائف. ويبلغ إجمالي ناتج الولاية 2.46 تريليون دولار. وتعد كاليفورنيا أكبر ولاية تدفع ضرائب، ما أثار سخط سكانها.

تكساس.. ولاية الذهب الأسود

عقب الاستفتاء الذي حسمه المواطنون في بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي، قال رئيس «حركة تكساس القومية»، دانيال ميللر، في يونيو الماضي، إن «الاستفتاء يمكن أن يكون نموذجاً لتكساس التي كانت مقاطعة مستقلة في الفترة من 1836 إلى 1845، وسيحتل اقتصادها المقدر بنحو 1.6 تريليون دولار سنوياً، مركزاً مهماً بين أكبر 10 اقتصادات في العالم». وقالت الحركة إن «حركة تكساس القومية تدعو حاكم الولاية بشكل رسمي إلى دعم إجراء تصويت مشابه لمواطني تكساس».

وهناك حركة أخرى تدعو إلى استقلال الولاية تسمى «جمهورية تكساس»، بدأت نشاطاتها وفعالياتها المثيرة للجدل أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي، ولاتزال مستمرة حتى الآن.

ولو كانت تكساس دولة، فإنها ستصبح صاحبة الناتج المحلي الإجمالي الـ12 الأعلى في العالم بـ1.65 تريليون دولار، أي أكبر من ناتج كل من أستراليا وكوريا الجنوبية. وتزيد مساحتها على مساحة فرنسا بنسبة 10%، وتساوي ضعف مساحة ألمانيا، فيما يشكل السكان من أصل إسباني ولاتيني نحو 38.6%، أو ما يعادل 10.4 ملايين نسمة.

وتعد تكساس من الولايات المهمة اقتصاديا بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تعوم على بحر من النفط والموارد المعدنية، وتنتج الولاية بمفردها ثلث الشاحنات الثقيلة على مستوى أميركا، فيما يقع مقر وكالة «ناسا» على أراضيها.

وتبلغ احتياطات تكساس من خام النفط الأميركي 9.614 مليارات برميل، وهو ما يعادل 31.5% من إجمالي احتياطات الولايات المتحدة.

ألاسكا.. الضم قسراً بشيك

عادت دعوات انفصال ألاسكا إلى الواجهة مرة أخرى، مع انفصال شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا وانضمامها إلى جمهورية روسيا الاتحادية، حيث تقدمت مجموعة من الأميركيين من أصول روسية بعريضة في مارس 2014 بعنوان «ألاسكا تعود إلى روسيا» للحصول على تواقيع تؤيد الانفصال عن الولايات المتحدة. ومازالت دعوات الانفصال حية، وسط مطالبات للأمم المتحدة بالنظر في قضية استقلال الولاية باعتبارها ضمت قسراً وبشكل غير شرعي للولايات المتحدة.

اشترت الولايات المتحدة ولاية ألاسكا من روسيا القيصرية سنة 1867 مقابل 7.2 ملايين دولار، وتم اعتمادها رسمياً الولاية الـ48 للولايات المتحدة في الثالث من يناير 1959. ولا تربطها حدود مباشرة مع بقية الولايات. ويعود أصل سكانها إلى سيبيريا الروسية، حيث عبروا مضيق بيرنج، واستقروا في ألاسكا قبل أكثر من 15 ألف سنة، إلا أن نسبة السكان من أصول سيبيرية أو روسية لا تتعدى اليوم 1%، مقارنة مع السكان من أصول ألمانية (15%)، ومن أصول أيرلندية 11.2%.

وتعد ألاسكا أكبر ولاية في الولايات المتحدة، وتوازي مساحتها خُمس بقية الولايات، وأكثر من ضعف مساحة تكساس بقليل، حيث تبلغ مساحتها مليوناً و518 ألفاً و776 كيلومتراً مربعاً، لكن حجمها الكبير يقابله تعداد سكاني ضئيل.

هاواي.. سقوط الملكية

في مايو 2015 ناشد السكان الأصليون لولايتي ألاسكا وجزر هاواي الجمعية العامة للأمم المتحدة النظر في مسألة ضم أراضيهم غير الشرعية إلى الولايات المتحدة، وطلبوا، في بيان، المساعدة في منحهم حق تقرير مصيرهم.

وجاء في البيان أن الولايات المتحدة استولت على ألاسكا وجزر هاواي عن طريق الخداع، وانتهكت مبادئ الأمم المتحدة، ودعا ممثلو الولايتين إلى إصلاح تلك الأخطاء، وإجراء استفتاء لتقرير المصير.

وهاواي ولاية على شكل أرخبيل من 19 جزيرة رئيسة في المحيط الهادي، تبلغ مساحتها 166.642 كم. وهي واحدة من أربع ولايات كانت دول مستقلة قبل أن تصبح جزءاً من الولايات المتحدة، جنباً إلى جنب مع جمهورية ولاية فيرمونت (1791)، وجمهورية تكساس (1845)، وجمهورية كاليفورنيا (1846)، وواحدة من اثنتين، جنباً إلى جنب مع تكساس، حصلتا على اعتراف دبلوماسي رسمي على الصعيد الدولي. مملكة هاواي كانت ذات سيادة من 1810 حتى 1893 عندما تمت الإطاحة بالنظام الملكي من قبل المقيمين الأميركيين وبعض الأوروبيين من رجال الأعمال. وتحولت بعدها إلى جمهورية مستقلة من 1894 حتى 1898، عندما تم ضمها من جانب الولايات المتحدة كولاية تابعة لها.

نيويورك عاصمة المال

تشكّل نيويورك العاصمة الاقتصادية والمالية ليس لأميركا فحسب بل للعالم، فهي مهد البورصات والبنوك، ومع ذلك لم تسلم من دعوات الانفصال، حيث كانت نيويورك مدينة حرة أواسط القرن الـ19، وتحاول هذه الدعوات إحياء هذا الوضع. فقد قدم عضو مجلس المدينة، بيتر فالوني، عام 2006 اقتراحاً لتأسيس مدينة نيويورك الحرة، وقد أيد مبادرة فالوني نصف أعضاء مجلس المدينة تقريباً، ولكن لم يتخذ قرار بهذا الشأن.

جمهورية كاسكاديا

دعوات الانفصال لا تقف عند ولايات بعينها، بل شملت مقاطعات وأقاليم تضم أكثر من ولاية.

وأبرز الدعوات لهذا النوع هو «جمهورية كاسكاديا»، حيث جربت محاولات عدة لرفع علم كاسكاديا، وسط مشجعين لكرة القدم بشكل متكرر، أملاً في تشكيل جمهورية ديمقراطية مناطقية تدعى كاسكاديا في المناطق الشمالية الغربية لأميركا، نواتها الرئيسة تتألف من انفصال ولايات واشنطن وأوريجون ومحافظة بريتيش كولومبيا، ويؤيد بعض داعمي هذه الحركة انضمام أجزاء من شمال كاليفورنيا وجنوب ألاسكا، وأيداهو ومونتانا، لإعلان كاسكاديا مستقلة بشكل كامل بحسب الحدود الطبيعية والثقافية والاقتصادية والسياسية.

ميتشيغان الفنلندية

في ولاية ميتشيغان يعلن أنصار الاستقلال من فترة إلى أخرى انفصالهم عن الولاية مشكّلين حكماً ذاتياً، حتى أنهم أجروا في الستينات استفتاء شعبياً على ذلك، لكن الاستفتاء لم يتمتع بصفة قانونية. ومعظم سكان الجزء الشمالي من الولاية فنلنديو الأصل، ويعتبرون أنفسهم جزءاً من فنلندا، حيث يشكل الفنلنديون 70% من السكان.

تويتر