بعد اعتقاد الإسرائيليين أن العالم سيتجاهل محنة الفلسطينيين

العالم يتنبّه أخيراً إلى خداع إسرائيل في عملية السلام الغائبة

صورة

لطالما استند رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في سياسته الاستيطانية، إلى الفرضية التي مفادها أن المجتمع الدولي سيتجاهل المحنة التي يعيشها الفلسطينيون. لكن الأمم المتحدة أثبتت، أخيراً، أنه مخطئ في 23 ديسمبر الماضي، حيث صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334، الذي يؤكد قراراً سابقاً للأمم المتحدة، مفاده أن جميع المستوطنات، التي أنشأتها إسرائيل خارج حدود عام 1948، تعتبر انتهاكاً للقانون الدولي.

ما فعله الرئيس الأميركي باراك أوباما، ووزير خارجيته كيري، هو الكشف عن خداع إسرائيل، إذ إنه لم تعد هناك حالياً عملية سلام لإنهاء الاحتلال، وتحقيق حل الدولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967، نتيجة مواصلة إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية.

وكانت ردة فعل إسرائيل على القرار غاضبة، حيث عمد نتنياهو إلى إذلال مؤيدي القرار، كما أثار جدلاً مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لأن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تستخدم حق الفيتو ضد القرار. لكن إسرائيل أوضحت أن القرار، غير الملزم، لن يثنيها عن مواصلة بناء المستوطنات على الأرض، بيد أن لهجتها التي استخدمتها في الرد تعكس قلقاً كبيراً من النتائج المحتملة، من تجديد المجتمع الدولي انخراطه في الصراع العربي الإسرائيلي.

وعلى الرغم من أن نتنياهو واثق تماماً بأن إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستدعم إسرائيل، في موضوع إنشاء المستوطنات، فإن حقيقة تصويت جميع حلفاء إسرائيل مع القرار، وجهت لطمة كبيرة لاعتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه يستطيع تطبيع وضع إسرائيل دولياً، وفي الوقت ذاته إنكار حقوق ملايين الفلسطينيين.

وحصلت إسرائيل على الاعتراف الدولي بها في عام 1949، استناداً إلى قرار التقسيم رقم 181، الذي صدر عن الأمم المتحدة عام 1947. وكان هذا القرار يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية وأخرى عربية. وبناء عليه تم قبول إسرائيل في المجتمع الدولي، باعتبارها جزءاً من حل دولتين.

وتم تنشيط حل الدولتين في ثمانينات القرن الماضي، عندما قبلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بإقامة دولة على الأراضي الفلسطينية، التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967. وفي الوقت ذاته، أسهمت الانتفاضة الأولى ونهاية الحرب الباردة، في شروع واشنطن بمحادثات مدريد، التي أدت إلى اتفاق أوسلو في تسعينات القرن الماضي.

وتمتعت إسرائيل بإعادة تأهيل دبلوماسي، ليس له مثيل، في أعقاب اتفاقية أوسلو، التي تضمنت وعداً بإقامة دولة فلسطينية. لكن نتنياهو، وحزبه الليكود، عارضا بقوة أوسلو. وفي عام 2009، عندما اضطر نتنياهو، لضرورات دبلوماسية، لقبول لفظي بمبدأ الدولة الفلسطينية، سارع إلى الإيضاح لأعضاء حزبه بأنه لا ينوي تنفيذ هذا المبدأ مطلقاً. وبعد مرور ست سنوات، تعهد نتنياهو بمنع قيام الدولة الفلسطينية، كجزء من حملته الانتخابية.

ولطالما كان نتنياهو يبرر موقفه المتصلب والمتحدي دائماً، بأنه سيقنع المجتمع الدولي بقبول انتهاك إسرائيل لقانون الأمم المتحدة. لكن تصويت الأمم المتحدة الأخير ضد المستوطنات، يظهر الخطأ الفادح الذي ذهب إليه نتنياهو في حكمه على المجتمع الدولي.

وفي واقع الأمر، إن ما فعله الرئيس الأميركي باراك أوباما، ووزير خارجيته كيري، هو الكشف عن خداع إسرائيل، إذ إنه لم تعد هناك حالياً عملية سلام لإنهاء الاحتلال، وتحقيق حل الدولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967، نتيجة مواصلة إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية. أما في ما يتعلق بموقف الرئيس المنتخب دونالد ترامب الصلب إزاء إسرائيل، فإنه لا يمنح إسرائيل الكثير من الحماية، إذ إن هذا الموقف يظل بعيداً جداً عن الإجماع الدولي، لن يكون مقنعاً للآخرين بعدم معارضة الاحتلال.

وحذر كبار القادة الإسرائيليين، في السنوات الأخيرة، من أن الاحتلال سيعمل على خلق وضع أبارتهايد (تفرقة عنصرية)، شبيه بما كانت عليه الحال في جنوب إفريقيا، خلال ثمانينات القرن الماضي، عندما كانت الأقلية البيضاء تحكم الأغلبية السوداء.

تويتر