85 % من أراضيها مصادرة.. ومستوطنة جديدة ستبتلع ما تبقى منها

جالود.. قرية فلسطينية تعيش نكبــة الاستيطان

صورة

35 عاماً مضت، ورحلة ناصر إسماعيل لم تتوقف في مقارعة الاحتلال وملاحقته في المحاكم الإسرائيلية، بغرض استعادة 4000 دونم من أرضه التي صودرت بسياسة وضع اليد، وحولت إلى منطقة عسكرية مغلقة، بذريعة حماية المستوطنات المقامة على أراضي قرية جالود جنوب نابلس، في الضفة الغربية المحتلة.

- من أراضي جالود، صادرها الاحتلال لمصلحة المستوطنات على فترات متفاوتة.

- معاناة أهالي جالود لا تقتصر على استيلاء الاحتلال على أراضيهم لصالح التوسع الاستيطاني، ففي كل يوم يتوغل المستوطنون إلى عمق الأراضي الفلسطينية بحماية جنود الاحتلال، وينفذون بحقهم اعتداءات وحشية تصل إلى حد الموت.

- لم يتمكن إسماعيل، منذ أن سيطر الاحتلال على أرضه قبل 35 عاماً، من دخولها أو الاقتراب منها، إلا بإذن مسبق من الاحتلال، والذي عادة يرفضه بادعاء أنها منطقة عسكرية مغلقة.

خاض إسماعيل بعد ذلك سلسلة من المعارك القضائية مع الاحتلال، لكنه لم يتمكن من استعادة كامل أرضه التي لايزال يحتفظ بأوراق ملكيتها الموثقة بسجلات «الطابو»، فترة الحكمين العثماني والإنجليزي، ما يدحض ادعاء الاحتلال أنها من الأراضي العامة وتعود ملكيتها للدولة.

ولم يتمكن إسماعيل، منذ أن سيطر الاحتلال على أرضه قبل 35 عاماً من دخولها أو الاقتراب منها، إلا بإذن مسبق من الاحتلال، والذي عادة يرفض بادعاء أنها منطقة عسكرية مغلقة.

حكاية إسماعيل جزء من مسلسل المعاناة الذي يتعرض له أهالي قرية جالود الواقعة جنوب نابلس، والتي خسرت 16 ألف دونم من مساحتها البالغة 20 ألف دونم، لتقام عليها 10 مستوطنات وبؤر استيطانية، الأمر الذي حرم أصحاب تلك الأراضي زراعتها أو الانتفاع بها.

حصار مطبق

ولم يكتفِ الاحتلال بحصار القرية من كل الاتجاهات، ليقيم مستوطنة جديدة ستبتلع ما تبقى من أراضٍ في جالود، ليضمها للمساحات الشاسعة التي سلبها لصالح توغل الاستيطان.

فعلى تلة مرتفعة إلى الشرق من مستوطنة «شيفوت راحيل»، المقامة على أراضي المواطنين في جالود، تستولي المستوطنة الجديدة على مساحة تزيد على 400 دونم تتبع لسكان القرية.

وتمثل المستوطنة الجديدة امتداداً لمستوطنة «أحياه»، الواقعة في الجهة الشمالية من القرية، ليطبق الاحتلال حصاره على القرية من الاتجاهات كافة.

كما ستربط المستوطنة بين جميع المستوطنات والبؤر الواقعة على أراضي القرية، لتشكل تجمعاً استيطانياً كبيراً في قلب الضفة الغربية، يمتد على مساحة تزيد على 16 ألف دونم، من أراضي قرية جالود.

وعن ذلك يقول رئيس مجلس قروي جالود، عبدالله الحاج محمد، لـ«الإمارات اليوم»، إن «مشروع المستوطنة الجديدة سيقضي على ما تبقى من أراضي جالود، التي تبلغ مساحتها الكلية 20 ألف دونم، فقد صادر الاحتلال أكثر من 85% منها على فترات متفاوتة، وبالتالي تعد من أكثر القرى المتضررة من الزحف الاستيطاني، وذلك يعود للطوق الذي تفرضه عليها 10 مستوطنات وبؤر، تحيط بها من جميع الاتجاهات».

ويضيف «أن المستوطنات والبؤر غير الشرعية، إضافة لنقاط عسكرية متعددة وضعها الجيش الإسرائيلي، استولت على عدد كبير من الدونمات الزراعية وأشجار الزيتون، ومعظم ساكنيها من المتطرفين وجماعات (تدفيع الثمن)، الذين يعتدون على المواطنين بشكل دائم».

احتيال

وكان الاحتلال قد سلم سكان جالود، أخيراً، إخطاراً بمصادرة نحو 400 دونم من أراضي القرية، لإقامة مستوطنة جديدة على بعد مئات الأمتار فقط من مدرسة القرية الثانوية، وذلك بحسب الحاج محمد.

وبعد تسلم مجلس قروي جالود إخطار المصادرة، اكتشفوا أنه يتلاعب بالأوراق القانونية، للسيطرة على مزيد من الأراضي بطريقة غير شرعية.

ويقول رئيس مجلس قروي جالود: «بعد أن أخرجنا القيود المالية للأراضي، التي صادرها الاحتلال لصالح المستوطنة الجديدة، تبين أن مساحتها الإجمالية تبلغ 682 دونماً، موزعة على حوضين قريبين من المستوطنة، هما الحوض (13) وتبلغ مساحته 642 دونماً، والحوض (16) بمساحة 40 دونماً، وليس كما أورد الاحتلال في قرار الإخطار، والذي ادعى فيه أن مساحتها 400 دونم».

ولا يقتصر احتيال إسرائيل على القانون، وتلاعبها بمساحة الأرض المصادرة، فقد نشرت أخيراً إخطاراً يفيد بأن الأراضي المصادرة سيقام عليها حي جديد، يتبع إحدى المستوطنات في جالود.

ويقول محمد الحاج «إن ما يدعيه الاحتلال هو كذب محض، فالحي الذي يعنيه الاحتلال شيده في شهر أغسطس الماضي في مستوطنة شيفوت راحيل، ويمكن لأي زائر لجالود أن يراه بعينه، وقد تضمن هذا الحي أكثر من 30 وحدة سكنية، فيما شقت طرق عدة توصل إليه، وتربطه بالمستوطنة، والمستوطنات المجاورة».

اعتداءات قاتلة

معاناة أهالي جالود لا تقتصر على استيلاء الاحتلال على أراضيهم لصالح التوسع الاستيطاني، ففي كل يوم يتوغل المستوطنون إلى عمق الأراضي الفلسطينية بحماية جنود الاحتلال، وينفذون بحقهم اعتداءات وحشية تصل إلى حد الموت، وهذا ما حدث مع أطفال المواطنة أم جمال حسني.

تقول المواطنة حسني: «إن أطفالي نجوا من الموت بأعجوبة، عندما هاجمهم مستوطنون، بينما كانوا يحصدون القمح في أرضنا، فقد اعتدوا عليهم بالضرب المبرح باستخدام العصي وآلات حادة، تحت حماية عسكرية من جنود الاحتلال».

وتوضح أن المستوطنين يتصيدون الفرص لارتكاب الجرائم، التي تتنوع بين قتل المزارعين وضربهم، بالإضافة إلى حرق محاصيلهم، ومصادرة مواشيهم ومعداتهم الزراعية.

من جهته، يقول رئيس مجلس قروي جالود: «إن لقمة المزارعين مغمسة بالدم والمرار، فمن جهة لم تتبق لهم أرض، ومن جهة أخرى ما يزرعونه بأرضهم يدفعون ثمن حصاده من دمهم، بعد عام من الانتظار».

ويضيف: «الأمر يفوق اعتداءات المستوطنين والجيش ضد الأهالي وأرضهم، ويصل إلى حد المصارعة ومسابقة الزمن بالبناء الاستيطاني عليها، ومصادرتها بمنطق القوة».

تقسيم «الضفة»

يعد مشروع المستوطنة الجديدة في جالود جزءاً من مخطط كبير، سيفصل الضفة الغربية عن وسطها وجنوبها، كما سيمتد من كفر قاسم حتى غور الأردن شرقاً.

وعن ذلك يقول رئيس مجلس قروي جالود: «إن اختيار الاحتلال للمنطقة التي سيقيم عليها المستوطنة الجديدة، يهدف إلى تنفيذ مخطط مسبق، لإغلاق جزء من الشارع الرئيس الواصل بين مدينتي نابلس ورام الله، وهذا يؤكد بدء التطبيق الفعلي لخطة فصل شمال الضفة الغربية عن وسطها».

ويوافقه الرأي الخبير في شؤون الاستيطان بالضفة الغربية، خالد منصور، حيث يقول: «إن الهدف من إقامة مستوطنة جديدة في جالود، هو الربط بين عدد من المستوطنات بمنطقة قرى نابلس مع مستوطنات شرق رام الله في وحدة جغرافية، وفي حزام أمني متواصل يربط المستوطنات ببعضها بعضاً، لتشكيل الأصبع الاستيطاني مع حاجز زعترا ومستوطنة (أرئيل)، وحتى بلدة كفر قاسم».

ويوضح منصور، خلال حديثه لـ«الإمارات اليوم»، أن المستوطنة الجديدة تهدف إلى خلق حياة متواصلة بين المستوطنين، وذلك لانعدام أي تواصل بين المدن والبلدات الفلسطينية، لافتاً إلى أن ذلك يشكل خطراً كبيراً على مستقبل الوحدة الجغرافية للمناطق المحتلة، والحديث عن الدولة الفلسطينية.

تويتر