استغل الوضع لمصلحته

«داعش» يهرب مواطنين من الموصل نظير أجر باهظ

صورة

يبدو أن أحدث عملية ابتكرها تنظيم «داعش» لجمع الأموال، هي الاتجار بالبشر في المدينة العراقية المحاصرة الموصل، حيث يعمل بعض أفراد التنظيم على نقل المواطنين من المنطقة المنكوبة إلى بر الأمان، مقابل أجر معين.

• لا يعرف المواطنون الهاربون الكثير عن من يهربهم، وكيف يستطيعون تهريب البشر، وتفادي الاعتقال من قبل جماعة أخرى متطرفة وحشية.

يقول أحد الذين تم تهريبهم: «جاء المهرب بعد غروب الشمس، وقد أخفى وجهه بوشاح، ويحمل بندقية، كانت تعليماته واضحة ومقتضبة: لا أريد أن أسمع صوتاً، فقط اتبعوني».

وكان يتحدث إلى مجموعة تتكون من 40 رجلاً وامرأة وطفلاً، فروا من مدينة العباسي شمال العراق والواقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش». وكان أحد السائقين قد جلبهم من ضفاف نهر الزاب الكبير، وهو النهر الذي يتدفق عبر العراق وتركيا، إلى منزل نصف مكتمل في قرية جبلية نائية، وطلب منهم الهدوء وانتظار حلول الظلام. وأعطى الآباء أطفالهم حبوباً منومة ليظلوا صامتين.

كان غازي أحمد حسين، وهو الشخص الوحيد في المجموعة، الذي تحدث سابقاً مع المهرب عبر الهاتف، يصف الوضع في ذلك الوقت. وفي مخيم للاجئين على بعد 25 ميلاً إلى الجنوب من أربيل في كردستان العراق، وصف كيف هرب هو وأسرته من «الدولة الإسلامية المعلنة»، وتحدث بالتفصيل عن الرجال الذين يهربون البشر. يقول حسين إن المهرب طالبهم بالأجرة، قبل أن ينقلهم إلى أي مكان آمن، حيث دفعت المجموعة ما يعادل 200 دولار لكل شخص فوق سن 12 عاماً، وهو مبلغ كبير في بلد يبلغ متوسط الراتب الشهري فيه ما يعادل نحو 600 دولار.

وبعد أن جمع المهرب منهم ما يعادل 5000 دولار، قادهم تحت جنح الظلام. يقول حسين «سرنا لمدة 11 ساعة، وكنت أحمل ابنتي البالغة من العمر خمس سنوات على ذراعي، وفي أحد الأماكن مررنا عبر وادٍ لم أرَ قط المكان من قبل في حياتي، ووصلت مجموعة أخرى فجأة، وأصبح عددنا 300 شخص، تركهم المهرب هنا، ليتولى رجلان ملثمان آخران قيادة المجموعة».

أدت العمليات العسكرية الحالية في الموصل إلى فرار أكثر من 73 ألف شخص من المدينة، ومن المتوقع أن يفر مئات الآلاف منهم في وقت قريب. وسيكون ذلك بمثابة مصدر رزق لبعض العراقيين، الذين طوروا أسلوباً معيناً لنقل ضحايا الحرب إلى بر الأمان، في مقابل مبالغ ضخمة من المال. وفرّ بالفعل الآلاف من العراقيين، من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» بمساعدة المهربين، حيث يدفع الواحد منهم ما بين 200 و1000 دولار للشخص الواحد، بناء على نوعية الخطر الذي تتعرض له الضحية.

ومع ذلك، لا يعرف المواطنون الهاربون الكثير عن من يهربهم، وكيف يستطيعون تهريب البشر، وتفادي الاعتقال من قبل جماعة أخرى متطرفة وحشية. حيث تدل مقابلات مع عشرات العراقيين النازحين داخلياً من مناطق تنظيم «داعش»، ومن مصادر أمنية كردية، ومن عمال الإغاثة، تدل على أنهم من أفراد «داعش»، يهربون الناس من أجل كسب المال، كما يقول ضابط الشرطة العراقي بمعسكر جدة للاجئين جنوب الموصل، سلوان الصمودي.

إلا أن الباحث في «ميدل إيست فورم»، أيمن جواد التميمي، وهي مؤسسة أميركية للتعبير عن الرأي، يعتقد أن أفراد تنظيم «داعش»، إذا شاركوا في عملية التهريب، «فمن شأن هذا أن يثير حفيظة هذه المنظمة الجهادية، التي تريد أن يبقى الناس في منازلهم كدليل على نجاح مشروع هذه الدولة المعلنة». وتحقيقاً لهذه الغاية، عمل التنظيم على ردع الراغبين في الهجرة، ومن يعاونهم على ذلك، ولغم أيضاً المناطق قبل أشهر من الهجوم على الموصل في 17 أكتوبر الماضي، لمنع المدنيين من الفرار.

تلك الألغام، هي واحدة من الدلائل الرئيسة، التي تثبت أن المهربين لديهم علاقات مع تنظيم «داعش»، حيث إن اللاجئين يشيرون باستمرار إلى أن المهربين لم يكونوا مسلحين فقط، وإنما أيضاً هم ماهرون في المناورة، وسط حقول الألغام التي زرعها التنظيم.

وثائق الشرطة، والتي تم الحصول عليها من بلدة الشرقاط، 50 ميلاً إلى الجنوب من الموصل، تبين أن من بين المعتقلين في سجن البلدة من كان متهماً بتهريب الأسر إلى خارج الموصل.

تويتر