الاحتلال يوسّع مستوطنة عمونا بدلاً من إخلائها نهاية العام

إسرائيل تشرّع مصادرة الأراضي بتبييض الاستيطان

صورة

لا يمكن للحاج الفلسطيني أبوفيصل غانم دخول أرضه أو حتى الاقتراب منها، فقبل 20 عاماً استولى عدد من اليهود على أراضي قرية سلواد شمال رام الله، ووضعوا فيها بيوتاً متنقلة، ثم سمّوها مستوطنة عمونا، ومنذ ذلك الحين حرم سكان القرية من الوصول إلى أراضيهم حتى إشعار آخر.

 • تُعد عمونا الضلع المكمل لمربع الحصار الذي يخنق سلواد من كل الاتجاهات، حيث تقام على أرضها مستوطنة عوفرا، إضافة إلى قاعدة عسكرية للجيش الإسرائيلي على جبل تل العاصور، وشارع 60 الاستيطاني القريب من أراضي البلدة.

 ولم تكن الجدران الأسمنتية، أو الأسلاك الشائكة، هي التي حالت دون وصول الحاج غانم إلى أرضه، لكن القيود التي فرضها الاحتلال على الأراضي المصادرة، والخوف الذي زرعه المستوطنون في تلك المناطق، هو ما يحرمه وسكان سلواد حتى من رؤية أراضيهم.

بعد مصادرة أرض الحاج أبوفيصل لم يتبقَّ له منها سوى الذكريات، فهو لم يرها بالعين المجردة منذ أن استولى المستوطنون عليها.

ويقول الحاج غانم لـ«الإمارات اليوم»، التي التقت به داخل منزله في سلواد: «منذ 20 سنة مضت لم أقدر، أنا وأبنائي، من الوصول إلى أرضي التي ورثتها عن أبي وجدي، ولم أتمكن من رؤيتها إلا من خلال تطبيق (Google Earth)، أو من خلال أماكن عالية تبعد مسافة أربعة كيلومترات عن أرضنا المصادرة».

ويضيف «نُزعت أرضنا وكل أراضي أهالي سلواد بقوة السلاح وبحماية مكثفة من الجيش الإسرائيلي، ولم نعرف منذ أن استولوا عليها ماذا وضعوا بداخلها، وكيف أصبح شكلها».

تشريع المصادرة

بعد إقامة عمونا قبل 20 عاماً، تفشى السرطان في قرية سلواد التي يبلغ تعداد سكانها 11 ألف نسمة، ليبتلع ثلثي أراضيها، وما تبقى من مساحتها فإنه مهدد بالمصادرة، لصالح توسعة المستوطنة.

وبدلاً من إخلاء مستوطنة عمونا في نهاية العام الجاري، وفقاً لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية بتفكيك وحداتها الاستيطانية، وإعادة الأراضي الخاصة المقامة عليها إلى أصحابها الفلسطينيين، شرع الكنيست الإسرائيلي مصادرتها، وذلك بعد أن صادق في قراءة أولى على مشروع تبييض الاستيطان، للحيلولة دون إخلاء عمونا.

كما سيصبح القانون سارياً على آلاف المساكن الاستيطانية المقامة على أراضٍ فلسطينية بملكية خاصة، والتي صودرت منذ عام 1967.

ويجيز المشروع تحويل البؤر العشوائية، التي أقامها المستوطنون على أراضي تعود ملكيتها إلى فلسطينيين، إلى مستوطنات دائمة بقرارات رسمية، وذلك بحسب مسؤول ملف الاستيطان في السلطة الفلسطينية شمالي الضفة الغربية، غسان دغلس.

ويقول دغلس لـ«الإمارات اليوم»: «يوجد داخل عمونا 100 بؤرة استيطانية، والتي تعرف بالبؤر العشوائية غير القانونية، التي أقامها مستوطنون دون المصادقة عليها من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، لكنها في الوقت ذاته وفرت لهم كل مقومات الحياة، وهذا يؤكد أن التمييز بالخطاب الإسرائيلي بما يسمونه استيطاناً قانونياً وغير قانوني، ما هو إلا لتشريع مصادرة المزيد من الأراضي».

ويشير مسؤول ملف الاستيطان إلى أن مشروع تبييض الاستيطان، الذي تمت المصادقة التمهيدية عليه بالكنيست، يعطي المستوطنين الضوء الأخضر للاستيلاء على المزيد من الأراضي الخاصة في الضفة الغربية، لمصلحة إقامة بؤر استيطانية جديدة، أو توسعة المستوطنات المقامة أصلاً على أراضي الفلسطينيين، لافتاً إلى أنه سيعمل على إنهاء حل الدولتين.

من جهته، يؤكد النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي، أحمد الطيبي، أن مشروع تنظيم وتبييض البؤر الاستيطانية من أخطر القوانين، ويعد أكبر عملية سرقة في التاريخ الحديث، لافتاً إلى أنه يهدف إلى تشريع 4000 وحدة استيطانية شيدت فوق أملاك فلسطينية خاصة.

ويقول الطيبي، رئيس الحركة العربية للتغيير، «إن القانون المقترح من قبل لجنة الكنيست، يدلل على أن دولة إسرائيل ومؤسساتها مجندة للاستيطان، وتغيير القوانين وسنّ أخرى، ومواجهة المحكمة العليا التي أمرت بإخلاء بيوت عمونا المبنية على أراضٍ فلسطينية مسلوبة وأصحابها موجودون».

ويحاول الاسرائيليون التحايل على القانون، من خلال الادعاء بأن الأراضي المقامة عليها عمونا هي أملاك غائبين، وفقاً لقانون الحاضر الغائب الذي لا يوجد إلا في إسرائيل، وذلك بحسب الطيبي.

ويضيف النائب العربي متسائلاً «من هم الغائبون، وأصحاب الأراضي متواجدون بالقرب منها، ويمتلكون ما يثبت ملكيتهم لها؟».

إثبات الملكية

تعود ملكية الأراضي المقامة عليها مستوطنة عمونا للفلسطينيين، لسكان بلدة سلواد شمال رام الله، فالصور الجوية التي التقطت قبل الاستيلاء عليها، تؤكد أنها كانت أراضي مزروعة، يفلحها أصحابها باستمرار، ما ينفي ادعاء السلطات الإسرائيلية بأنها أراضٍ متروكة يجوز الاستيلاء عليها، حسبما يسمح قانون عام 1950 لأملاك الغائبين. ويؤكد الحاج غانم أن أرضه المصادرة موثقة في السجلات الرسمية، ويمتلك الأوراق التي تثبت ملكيته لها.

ويقول غانم: «على الرغم من وجود الأوراق الرسمية بحوزتي، والتي تؤكد ملكيتي للأرض، إلا أنني لا أتمكن من الوصول إليها، أو زراعتها والاستثمار فيها حتى ولو بشيكل واحد».

من جهة أخرى، يقول مستشار رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في الضفة الغربية، محمد إلياس: «إن إسرائيل أعلنت الاستيلاء على 34 قطعة أرض قريبة من مستوطنة عمونا، التي تسعى لاخلائها، بادعاء أنها أملاك غائبين، لكن 20 شخصاً من أصحاب الأراضي استطاعوا اثبات ملكيتهم لها، بإبراز الأوراق الثبوتية التي بحوزتهم».

ويضيف أن «قطعتين من هذه الأراضي لم يتم العثور على أصحابها حتى الآن، حيث من الممكن أن يكون مالكوها قد توفّوا، فيما لم يعلم الورثة أن ملكية هذه الأراضي تعود لهم بسبب قيام السلطات الإسرائيلية بمنعهم من الوصول إليها طيلة السنوات الماضية».

ويوضح إلياس أن الاستيلاء على أراضٍ قريبة من عمونا، هي سياسة يتبعها الاحتلال، لإرضاء المستوطنين، وإيجاد بدائل أخرى بعد رفضهم الانتقال إلى مستوطنات أخرى.

وتعد عمونا الضلع المكمل لمربع الحصار الذي يخنق سلواد من كل الاتجاهات، حيث تقام على أرضها مستوطنة عوفرا، إضافة إلى قاعدة عسكرية كبيرة للجيش الإسرائيلي على جبل تل العاصور، والتي تكمل محاصرة البلدة من الجهة الغربية بنقطة عسكرية وشارع 60 الاستيطاني القريب من أراضي البلدة، والذي يستخدم من قبل المستوطنين للتنقل.

تويتر