معاداتهم وصلت إلى مستويات غير مسبوقة

ردّ عنيف ينتظر مسلمي أميركا بعد اعتداءات نيويورك

صورة

أسهم الإرهاب في توتر المفاهيم التقليدية الأميركية إزاء المسؤولية الفردية، في حين تبقى مثل هذه الهجمات نادرة في بلادنا، لحسن الحظ (تظهر البيانات أنه من بين 14 ألف جريمة قتل في الولايات المتحدة، سنوياً، ترتكب بضع عشرات منها فقط بدوافع أيديولوجيات دينية أو سياسية)، وغالباً ما ينسب العنف الذي يرتكبه شخص مسلم في أميركا إلى المجتمع المسلم بأسره. وفي بعض الأحيان يكون الاتهام مصحوباً بدعوات لإرسالهم إلى أوطانهم (الأصلية) أو تضييق الخناق عليهم بطرق مختلفة. وحتى قبل تحديد الشرطة هوية الشخص المشتبه في أنه وضع القنبلة التي انفجرت في نيويورك، ليلة السبت، فقد كانت وسائل الإعلام الاجتماعية تعج بالافتراءات المعادية للمسلمين والتهديدات. وتم اختراق حملة أطلقت على «تويتر»، لدعم المسلمين؛ لنشر الخوف والكراهية بدلاً من ذلك.

فضلاً عن المعاناة من خطاب الانقسام، الذي ميز حملة الانتخابات الرئاسية الحالية، فإن الأميركيين المسلمين يستعدون لردة الفعل. صفحتي الخاصة على «فيس بوك» (الحديث للكاتبة) أُغرقت بتحذيرات بعدم مغادرة المنزل، ونصائح للبقاء آمنة، وألا أغامر بالخروج من المنزل، والتحذيرات موجهة بشكل خاص إلى الأشخاص - مثلي - الذين لديهم مظهر «إسلامي»، مثل السيدتين المحجبتين في بروكلين اللتين تعرضتا لهجوم، في وقت سابق من هذا الشهر، في وقت كانتا تدفعان عربات أطفالهن.

مخاوف الأميركيين ليس لها مبرر، وفقاً لدراسة حديثة قامت بها جامعة كاليفورنيا الحكومية، إذ أظهرت بيانات حول جرائم الكراهية، جمعت في 20 ولاية، أن عام 2015 شهد ارتفاعاً في حوادث معاداة الإسلام بنسبة 78.2٪، في حين قفزت الحوادث المعادية للعرب إلى 219٪، في أكبر صعود منذ 2001. وتبين دراسة أخرى أن المساجد تعرضت للهجمات بمعدلات لم تشهدها منذ الجدل حول بناء مركز ثقافي إسلامي، قرب موقع برجي التجارة العالمي «غراوند زيرو» في 2010.

زيادة المراقبة والزيارات التي يقوم بها ضباط الشرطة، هي نتيجة أخرى يواجهها المسلمون الأميركيون، في كثير من الأحيان، في أعقاب أي هجوم إرهابي. وفي حين تتطلب التحقيقات، بلاشك، أن تستجوب الشرطة أولئك الذين يعرفون أي شخص مشتبه في ارتكابه جريمة عنيفة، تتوسع المساءلات بشكل كبير بحيث تشمل الأحياء والمجتمعات، وليس الأفراد، لتصبح أهدافاً محددة. وهذا يولد بدوره الخوف بين المسلمين في الولايات المتحدة، والشعور بأنه ينظر إليهم على أنهم مشتبه فيهم بدلاً من مواطنين. وقد أظهرت الدراسات المتتالية والاستطلاعات أن هذه الصورة النمطية (للمسلمين) لا تخدم الأمن العام، ولا تسهم في الحفاظ على سلامة الأميركيين.

ولا نعرف حتى الآن الكثير عن دوافع الشخص (أحمد خان) أو الأشخاص المسؤولين عن الهجمات الأخيرة، نهاية الأسبوع، لكن نعلم أنه من الظلم الكبير وضع مسلمي أميركا جميعاً تحت طائلة المسؤولية عن أعمال عنف يرتكبها عدد قليل جداً منهم، هذا ما تريده المجموعات الإرهابية بالضبط: زرع الخوف واستفزاز الحكومات والشعوب، لاتخاذ ردود أفعال مبالغ فيها. مواقف مسؤولين منتخبين إزاء الهجمات الأخيرة تستحق الثناء، فقد تحلوا بضبط النفس، إنه شيء جيد أن نولي الاهتمام لأشخاص مثل محافظ ولاية مينيسوتا، مارك دايتون، الذي دعا الأميركيين إلى «الترفع عن هذا الحادث المأساوي، وأن نتذكر إنسانيتنا المشتركة والمواطنة المشتركة بيننا، ورغبتنا المشتركة في العيش معاً بسلام»، وذلك بعد أن شهدت الولاية هجوماً بالسكين خلال عطلة نهاية الأسبوع.

هذا هو نوع المسؤولية الجماعية التي يجب علينا جميعاً أن نتحلى بها.

فايزة باتل كاتبة ومحللة أميركية تهتم بقضايا التمييز والحريات المدنية.

تويتر