يدعم نظام الأسد بالضربات الجوية ضدّ المعارضة

الكرملين يعمل على إطالة أمــــــد الحرب في سورية

صورة

أدّت الضربات الجوية الروسية في سورية إلى إطالة أمد الحرب الدموية المستمرة في هذا البلد، ولعبت دوراً أساسياً في تعزيز أزمة اللاجئين في العالم الغربي، حسب ما قاله وزير الخارجية البريطانية، فيليب هاموند، في واحد من أشد اتهاماته قساوةً لسياسة الكرملين في سورية، من قبل وزير حكومة غربية. وقال هاموند، الإثنين الماضي: «منح الروس النظام السوري نفساً جديداً للحياة، وهذه أخبار سيئة للجميع، وسيكونون مسؤولين عن إطالة أمد الصراع. إنه مصدر مستمر للحزن بالنسبة لي. إن كل ما نفعله يتم تقويضه من قبل الروس».

وكان هاموند يتحدث بعد زيارة لمخيم الزعتري في الأردن، حيث يقيم فيه نحو 80 ألف سوري طلباً للنجاة من الحرب الأهلية. وتأمل الدول المانحة بأن يساعد تعزيز الوضع الاقتصادي في الدول المجاورة لسورية، على وقف تدفّق اللاجئين إلى أوروبا الغربية. ولكن هاموند يقول: «نظراً إلى التدخل الروسي في سورية، فإن اللاجئين الذين كانوا يفكرون في العودة إلى بلادهم وترك هذه المخيمات، غيّروا رأيهم الآن، وثمة تدفق جديد لهؤلاء اللاجئين، نتيجة الضربات التي يقوم بها الجيش الروسي في سورية، خصوصاً في جنوب البلاد، على الحدود على بعد بضعة كيلومترات من هنا».

ضربات موسكو تعوق عمل الجمعيات

تعمل الضربات الجوية الروسية التي تستهدف «أي شيء يتحرك»، في شمال سورية، على جعل عمل الجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدات للمدنيين أكثر خطراً وصعوبة.

ودخلت القوات الجوية الروسية الحرب في نهاية سبتمبر الماضي، لمحاربة داعش رسمياً. ولكن معظم جهود هذه القوات انصبت على مساعدة الجيش السوري في استعادة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، حيث يكون «داعش» غير موجود، اضافة إلى استهداف مقاتلي المعارضة. وقامت بقصف المناطق السكنية والأسواق، والشاحنات التي تحمل المواد الغذائية والأدوية.

ويقول مدير برنامج تركيا وشمال سورية في منظمة «ميرسي كوربس» المدعومة من الحكومة البريطانية، راي ماكراث، إن عمل هذه الجمعية في شمال سورية «زادت خطورته بنسبة 50% على الأقل» منذ التدخل الروسي.

وينظر إلى تدخّل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سورية باعتباره «تغييراً للعبة»، إذ إن موسكو أصبحت الآن تحتل مكانة مركزية في صنع القرار المتعلق بهذا الصراع الذي يستمر منذ خمس سنوات. وقال هاموند: «روسيا لا يمكنها مواصلة الجلوس على الطاولة كراعٍ للعملية السياسية، وفي الوقت ذاته تقوم بقصف المناطق المدنية لمجموعات من السكان، نعتقد بأنهم سيكونون العمود الفقري لسورية الجديدة»، وأضاف هاموند «لا يمكن أن يكون الروس جزءاً من العملية السياسية، والدافع الأساسي للكارثة العسكرية التي تحدث على الأرض. والروس يقولون دعونا نتفاوض، وخلال هذه المفاوضات يقومون بالقصف وهم يدعمون الأسد. وما نحتاجه هو الأشخاص الذين يوقفون القصف عندما يجرون المحادثات، وليس الأشخاص الذين يقومون بالقصف خلال المحادثات».

وقال هاموند إن العالم الغربي لا يدري ما اذا كان بوتين مستعداً في مرحلة ما، من رؤية الرئيس بشار الأسد يغادر السلطة، وهو مطلب المعارضة، وليس خطط الزعيم الروسي منذ أمد بعيد، وأضاف «الشيء الذي تعلمته من خلال مراقبة بوتين، أولاً كوزير للدفاع، والآن كوزير للخارجية، هو أنه مهما راقبت الرجل، فإنك لا تستطيع أن تفهم شيئاً. إنه شخص غامض تماماً. وليس لدينا أية فكرة عن ماهية خطة لعبته، نحن لا نعرف شيئاً عنها. وليس هناك مجالس تشرح هذه الأشياء، لأنها ببساطة تدور في رأس بوتين فقط».

من جهته، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أن مؤتمر المانحين من أجل سورية الذي عقد في لندن، الأسبوع الماضي، استطاع جمع أكثر من 10 مليارات دولار من أجل اللاجئين السوريين.

وبيّن كاميرون: «حصلنا على ستة مليارات دولار للاجئين السوريين للعام الجاري، وخمسة مليارات حتى عام 2020».

وأشار الى أن جزءاً من المبالغ سيوجه إلى دول الشرق الأوسط، لخلق فرص عمل وظروف ملائمة لتدريس الأطفال، معتبراً أن «هذه المساعدة مهمة جداً للاجئين ودول المنطقة التي تعمل الكثير». وأكد أن «ما توصلنا إليه يلعب دوراً حاسماً في إنقاذ اللاجئين الذين يحاولون السفر في رحلات خطرة الى أوروبا».

من جانبها، أعلنت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، أنه من المهم الحفاظ على الوصول إلى المناطق السورية، حيث الحاجة إلى المساعدات الإنسانية. ونوهت بأن ألمانيا قدمت مساعدات لصندوق «الثقة» لإعادة إعمار سورية، والذي يخصص المواد شمال وجنوب البلاد في المناطق الخاضعة للمعارضة السورية، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، للعودة إلى المحادثات، وعدم استغلال فترة تعليقها للسيطرة على مناطق جديدة في ساحة المعركة.

وكان رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، قد أعلن في وقت سابق أن الاتحاد الأوروبي سيقدم خلال العام الجاري ثلاثة مليارات يورو كمساعدات للسوريين.

بينما أعلن رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، أنه لا توجد مدينة في تركيا إلا تواجد فيها لاجئون سوريون، في حين أن هناك 60 ألفاً يتحركون نحو الحدود التركية. وبين في كلمته أن هناك «الآن في تركيا 2.5 مليون لاجئ من سورية، وفي إقليم كلس الحدودي جنوب تركيا المتاخم لسورية 40% من السكان فقط أتراك. لم تتبقَ لدينا مدينة تخلو من السوريين. وقبل مجيئي إلى هنا، كان على الحدود عند كلس 10 آلاف لاجئ، فيما هناك نحو 60 ألفاً يتحركون نحو الحدود». ولفت الى أن «300 ألف شخص يعيشون في حلب متأهبون للتحرك نحو تركيا».

من جهته، أعلن الملك الأردني، عبدالله الثاني، أن المملكة ستستمر بمساعدة اللاجئين السوريين، ولكن ليس على حساب مواطنيها. وأضاف «لا نستطيع أن نكون مُعاقبين لقاء فعلنا أموراً صحيحة». وأكد الملك الأردني أن بلاده تبذل كل ما في وسعها لمساعدة اللاجئين في التكيف بسرعة، لكنه نوّه في الوقت نفسه الى أن الأردن، التي تعتبر إحدى الدول الثلاث التي تستقبل أكبر عدد من اللاجئين، تحتاج إلى دعم المجتمع الدولي.

وتأمل بريطانيا والعديد من الدول الغربية بأن تقلل المساعدة للأردن من اندفاع اللاجئين في الرحيل إلى أوروبا. من جانبه، أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أن واشنطن تتعهد بنحو 600 مليون دولار كمعونات إنسانية إضافية لسورية، علاوة على 290 مليون دولار كمعونات لدول الجوار.

هذا وقد وجهت وكالات أممية نداءً لجمع تسعة مليارات دولار للتغلب على الكارثة الإنسانية السورية هذا العام، إضافة الى 1.2 مليار دولار أخرى لتمويل خطط لاستيعاب اللاجئين في الدول المحاذية لسورية.

تويتر