ارتفع عددهم بنسبة 40% يناير الماضي.. وجزيرة «لمبيدوزا» نقطة العبور

المهاجرون السوريون والأفارقة يتدفقون على إيطاليا رغم المخاطر

صورة

مع استفحال الأزمة السورية، واحتدام المعارك في ليبيا، وتفاقم الأوضاع المعيشية في الكثير من البلدان العربية والإفريقية، تزايد عدد النازحين إلى أوروبا ليسجل 9000 منذ بداية هذا العام. وتقول التقارير «الأممية» إن أغلب هؤلاء جاؤوا من ليبيا ثم سورية، حيث تشهد الأولى أوضاعاً أمنية متردية للغاية في حين اشتد الصراع في سورية. ويقول تقرير لمنظمة الأمم المتحدة إن اللاجئ يضطر لدفع 1000 دولار من أجل الهجرة إلى أوروبا وبداية حياة جديدة هناك. ويشار إلى أن حركة النزوح لم تتراجع في فصل الشتاء البارد جداً هذه السنة، بل ارتفع عدد النازحين بشكل لافت. في حين تقول الأمم المتحدة إن العام الماضي سجل رقماً قياسياً، إذ وصل عدد اللاجئين إلى نحو 170 ألف شخص، وتشير التوقعات إلى أن العدد مرشح للارتفاع هذا العام.

جهود لمواجهة مشكلة الهجرة

تتوقع دائرة الهجرة في إيطاليا أن يراوح عدد اللاجئين هذا العام ما بين 500 ألف ومليون شخص. وتقول وكالة مراقبة حدود الاتحاد الأوروبي إنها بحاجة إلى موارد وموظفين، وانخراط الدول الأعضاء في وضع إمكاناتها تحت تصرف الوكالة. ويرى مسؤولون في الوكالة أن الجهود المبذولة حالياً ليست كافية لمواجهة هذه المشكلة الضخمة، داعين إلى التعاون مع البلدان في شمال القارة.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/03/278100.jpg

لم تثنِ الظروف القاسية، ولا غرق 3000 شخص في عرض البحر، المهاجرين عن المضي قدماً في تغيير واقعهم بالهجرة. وتقول الأمم المتحدة إن 300 شخص لقوا حتفهم، الشهر الماضي، في البحر الأبيض المتوسط بسبب العواصف والرياح العاتية. وحتى بعض الذين يتم إنقاذهم من قبل حراس السواحل في إيطاليا يموتون قبل الوصول إلى هدفهم بسبب تردّي أوضاعهم الصحية، وأحياناً بسبب اكتظاظ سفن الإنقاذ بالنازحين. وفي يناير الماضي، تم رصد قارب يحمل مئات اللاجئين من سورية من دون ربّان، بالقرب من إيطاليا، ولحسن الحظ تدارك خفر السواحل الموقف وأنقذوا مئات الأرواح.

وبعد 10 سنوات من بداية العبور إلى أوروبا، هرباً من الظروف القاسية التي تمر بها القارة السمراء، أصبحت جزيرة «لمبيدوزا» الإيطالية نقطة عبور لآلاف المهاجرين، حسب وزير الداخلية الإيطالي أنجيلينو ألفانو، وتبعد الجزيرة نحو 70 ميلاً فقط على الساحل التونسي.

وتقول جمعية «كاريتاس» الخيرية: «أصبح البحر المتوسط مقبرة من دون أحجار».

وسجلت وزارة الداخلية الإيطالية ارتفاعاً بنسبة 40% للواصلين في يناير بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي.

وعبرت المتحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة في جنيف، جويل ميلمن، عن قلقها من الانطلاق المبكر والقوي لـ«موسم التهريب»، موضحة «هناك الكثير من التكهنات حول الأسباب والمنافع واحدة بالتأكيد، لكن الوضع يخرج عن السيطرة في ليبيا». وذكر المتحدث باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين، أدريان، أن عمليات التهريب مربحة للغاية، لأن المهاجرين الذين وصلوا في الأيام الأخيرة قالوا إنهم دفعوا ما بين 500 و1000 دولار. وأضاف «إذا ما سافر 100 شخص على السفينة فيمكن الحديث عن 50 إلى 100 ألف دولار».

وقال: «لدينا معلومات من إفريقيا جنوب الصحراء ومن القرن الإفريقي تفيد بأن شبكات المهربين قد ازدادت». ويعتقد أدواردز أنها مشكلة «أكبر مما نراه في البحر المتوسط أو في ليبيا، وأنها واسعة ومقلقة جداً».

ويذكر تقرير الأمم المتحدة أنه من بين الـ170 ألفاً الذين جازفوا بأنفسهم في البحر، يوجد نحو 42 ألف سوري و34 ألف لاجئ من إرتيريا، بالإضافة إلى أعداد معتبرة قادمين من نيجيريا ومالي وفلسطين وبلدان أخرى. ويذكر أنه مع استفحال الأزمة السياسية في تونس، في 2011، هاجر نحو 26 ألف تونسي إلى إيطاليا وفرنسا للالتحاق بأقاربهم.

ويدفع السوريون أموالاً أكبر مقارنة بالأفارقة، وفي الغالب يكون هؤلاء من المتعلمين والمهنيين، حسب العاملين في الإغاثة الدولية. ولأنهم يدركون جيداً قواعد الاتحاد الأوروبي التي يجب أن تنطبق على اللاجئين، للحصول على اللجوء في البلد الذي وصلوا إليه أولاً، يرفض معظم السوريين التعريف بأنفسهم أمام المسؤولين الإيطاليين، والذين بدورهم لم يمنعوهم من ركوب القطارات إلى ألمانيا أو السويد.

حصل المهاجرون على يد العون من البحرية الإيطالية، العام الماضي، والتي أرسلت المروحيات وطائرات من دون طيار وحتى غواصة لانتشالهم من البحر الأبيض، وهي العملية التي بدأت بعد وفاة 366 إفريقياً في أكتوبر 2013 عندما غرق قاربهم بالقرب من لمبيدوزا.

ولكن مع تزايد استياء الناخبين من وجود المهاجرين، ناهيك عن الكلفة الشهرية لهذه الجهود التي تقارب 10 ملايين دولار، طالب ألفانو الاتحاد الأوروبي بتحمّل المسؤولية، ليكتشف أن العديد من العواصم الأوروبية تعتقد أن العمليات البحرية التي يقوم بها الجيش الإيطالي كانت «عاملاً مشجعاً فقط على الإبحار القاتل»، وتوصل الشركاء الأوروبيون إلى حل وسط بقيام البحرية الإيطالية بدوريات منخفضة التكاليف لا يتعدى مداها 30 ميلاً عن السواحل الإيطالية، بعد أن كانت تقوم بتلك الدوريات قريباً من السواحل الليبية، الخطوة التي انتقدتها منظمات الإغاثة، وترى فيها غير مجدية بالنسبة للاجئين. ويبدو أن كثيراً من المهاجرين السوريين أدركوا جيداً هذا الأمر، إذ اختار نصفهم الإبحار على متن سفن شحن قديمة من تركيا إلى اليونان لتفادي قساوة الشتاء. في المقابل، لاتزال القوارب المحملة باللاجئين الأفارقة تبحر من السواحل الليبية. وتقول مصادر من ليبيا إن مجموعات مسلحة تهدد المهاجرين من أجل الخضوع لمطالبهم.

ويقول ناجون في إيطاليا إن المهربين يخشون أن يقوم تنظيم «داعش» بتجنيد عدد من النازحين في صفوفه، وإجبارهم على القتال.

وعبرت وزيرة الدفاع الإيطالية، روبيرتا بنوتي، أخيراً، عن قلقها من اختلاط المسلحين مع النازحين والوصول إلى السواحل الإيطالية من أجل تنفيذ هجمات.

أما الكاهن الإريتيري، موساي زيراي، المقيم في إيطاليا، فيقول: «بعد قصف حلف الأطلسي لليبيا في 2011 كان يتعين التدخل العسكري في هذا البلد». ويضيف رجل الدين، الذي يدعم اللاجئين ويتلقى نداءات الاستغاثة منذ 2003 على هاتفه، «حالياً الميليشيات مدججة بالسلاح في ليبيا، ونحن نواجه خطر صومال جديد أو تجربة عراقية أو أفغانية أخرى». وذكر ناجون أن المهربين هددوهم بمسدسات أو عصي لإرغامهم على الإبحار رغم سوء الأحوال الجوية.

 

تويتر