نتنياهو وهرتسوغ وجهان لعملة واحدة.. والانتخابات لن تأتي بجديد

مناقشة المستوطنات وموازنة الدفاع من محرمات السياسة الإسرائيلية

صورة

ظهرت فجأة في الأفق إمكانية تغيير الحكومة في إسرائيل، ما جعل الإثارة كبيرة. في الواقع، فكرة تشكيل حكومة يقودها اسحق هرتسوغ، وتسيبي ليفني، يلهب الخيال، فسنتخيل نهاية التشريعات المناهضة للديمقراطية، وظهور هدنة قصيرة للجهود الجارية لتهميش عرب إسرائيل، وخمود موجات العنصرية والتعصب القومي، والاضطهاد والتحريض والانقسام، وإعادة محكمة العدل العليا لمكانها الصحيح، وتنشيط محادثات السلام، وإضعاف «بلطجية» اليمين في الكنيست، وربما حتى إغلاق مركز اعتقال المهاجرين.

يبدو أن هناك شيئاً جيداً، وروحاً مختلفة، وأملاً يلوح في الأفق. ويبدو أن العالم أيضاً سيهتف ويهلل ويضم مجدداً إسرائيل الجديدة إلى صدره، ويبدو أيضاً أن كل دعاة الديمقراطية سيفرحون بنهجها، إلا أن بوادر هذه الفرحة الجديدة لها حدود تماماً مثل حدود الديمقراطية الإسرائيلية. لقد حان الوقت للاعتراف بأن اللعبة الديمقراطية الإسرائيلية محدودة جداً، مثل حدود لهو الأطفال في غرفهم. حتى الانتخابات كالتي سيجري تنظيمها في مارس المقبل، هي في الواقع ألعاب أطفال. الشعب يصوت، وتتغير الحكومات (أو لا تتغير)، وهناك اليسار واليمين، وهوة الخلافات التي تفصل بينهما، ولكن لا أحد يتحدث عن فيلين مرعبين وسط الغرفة، لا أحد يجرؤ. اليمين واليسار، بنيامين نتنياهو وإسحاق هرتسوغ – هما وجهان لعملة واحدة. الاحتلال الإسرائيلي وميزانية الدفاع، هذان هما الفيلان العملاقان، اللذان يقرران مصير الدولة في كل مجال تقريباً، هما في الحقيقة خارج دائرة الضوء، فهما خارج أي جدال عام، وليسا أيضاً على جدول الأعمال. وتم الإعلان عنهما منذ فترة طويلة على أنهما منطقة عسكرية مغلقة، وحقل رماية يحظر اجتيازه، ليس هناك محادثات سياسية مهمة وجدية بشأنهما، ولا أحد يجرؤ أبداً على الاقتراب منهما.

هذان الكيانان، جنباً إلى جنب مع المشروع الاستيطاني الذي يعتبر طفلهما غير الشرعي، يزدهران تحت كل حكومة، من دون تمييز. وحتى خلال موسم الانتخابات لا أحد يعيرهما أي اهتمام، كما لو كان هناك أمر يمنع أي حديث عنهما. ولا حتى في الاحتجاجات الاجتماعية التي حدثت في صيف عام 2011 لم يجرؤ أي شخص على الحديث عنهما. يرجى عدم الإزعاج، نحن نناقش ضريبة القيمة المضافة على الفواكه والخضراوات الطازجة، أو ربما على الشقق، ونناقش احتجاجات الأجبان.

في الواقع هناك حقيقة واحدة هي أن هذه القضايا الحاسمة ليست جزءاً من الحملة الانتخابية، فأي رجل دولة إسرائيلي حكيم يعلم انه لا يوجد لديه أي فرصة لتغييرها. يمكن لأي رئيس وزراء إسرائيلي أن يذهب بسهولة إلى الحرب مرة كل عامين، ويتسبب في أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة كل ساعتين، لكنه لا يستطيع، تحت أي ظرف من الظروف، تخفيض ميزانية الدفاع أو التعرض بسوء للاحتلال والاستيطان. ويتم التطرق لكل شيء، ما عدا هذين الوحشين، اللذين يتوسعان بوتيرة مخيفة، ليغطيا البلد بأكمله. هناك اثنان أو ثلاثة من رؤساء الوزراء الذين ادخلوا أيديهم في النار، ولكنهم لم يقدموا على ذلك بدافع الشجاعة، فقد انسحب مناحم بيغن من شبه جزيرة سيناء، وبنى مستوطنة إيلون موريه، ولم يجرؤ اسحق رابين على إخلاء مستوطنة واحدة، وأخلى إرييل شارون مستوطنات قطاع غزة من أجل ترسيخ الاحتلال في الضفة الغربية. الآخرون لم يجرأوا حتى على المحاولة. ولم يغير أي شخص أولويات الميزانية الوطنية للسماح بإنشاء كيان إسرائيلي مختلف. هرتسوغ وليفني سوف يفعلان أيضاً الشيء نفسه.

جدعون ليفي صحفي إسرائيلي

 

تويتر