أزمة روسيا والغرب أكبر من الصراع الأوكراني

يلتسين خشي من توسع «الناتو» باتجاه روسيا. غيتي

لم تكن روسيا ولا الغرب يتوقعان مثل هذه الأزمة العميقة وغير القابلة للحل في العلاقات بينهما. وكان رد الغرب على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وانتهاكها لسيادة أوكرانيا، فرض عقوبات اقتصادية على موسكو. وتحركت سياسة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مدفوعة بالعقوبات، ما أدى إلى تسريع الانحدار الاقتصادي والاجتماعي في روسيا. ولكن الغرب لم يكن قادراً على جعل روسيا تغير مسلكها. والآن أصبحت الأزمة أكثر من مجرد صراع على أوكرانيا، وأثارت قلقاً حقيقياً بشأن أمن أوروبا. وبعد ربع قرن من نهاية الحرب الباردة، وجد الغرب نفسه في مكان لم تكن روسيا ولا الغرب نفسه يريده فيه. وربما يكون إلقاء اللوم على التطورات الأخيرة في أوكرانيا على بوتين مبرراً، لكن من الواضح أيضاً أن الأسباب الحقيقية للأزمة أكثر عمقاً من ذلك.

وشكلت نهاية الشيوعية، وانهيار الاتحاد السوفييتي السابق، وعملية تحول روسيا المؤلمة إلى هويتها ومكانتها الجديدتين، تحدياً كبيراً لصانعي السياسة الغربيين، لكنهم غالباً ما أحجموا عن معالجة هذا التحدي. ولم يعتقد البعض في العالم الغربي أن انهيار الشيوعية كان له أثر كبير، إذ ظلت روسيا ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي بالنسبة لهم عدو الغرب التقليدي، ألا وهو الاتحاد السوفيتي. وكان أحد هؤلاء المشككين هو مستشار الأمن القومي لإدارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون الأولى، أنثوني ليك، الذي قال إن حكومة الرئيس الروسي، بوريس يلتسين، كانت مؤلفة من أشخاص «شيوعيين في الأساس لكنهم غيروا بدلاتهم من اللون الأحمر إلى الأزرق». ولو أن رأي ليك هو الذي ساد، لما كان هنا أي منطق في نهاية الحرب الباردة. ولكن كلينتون نفسه كان يعتقد أن روسيا ستتحول إلى الديمقراطية، وهذا ما حدث فعلاً.

ولكن توسع حلف شمال الأطلسي باتجاه روسيا سبّب لها مخاوف رهيبة، ليس لأن حكومة يلتسين كانت ترى في ذلك خطراً على روسيا، وإنما لأن ذلك عزز من موقف الشيوعيين في روسيا.

 

تويتر