الثنائي خان وقادري جلبا مستوى جديداً من عدم الاستقرار إلى باكستان

حصار إسلام آباد.. خطوة لتقويض الحكومة

صورة

قام الآلاف من الأتباع المتعصبين لرجل الدين طاهر قادري، ونجم الكريكيت الشهير عمران خان، بفرض حصار على إسلام آباد. وقبل عام، كان هذا بعيد الاحتمال، لكن ماذا يخبئ المستقبل. ففي السنوات المقبلة يمكن أن يفقد هذا الثنائي كل بريقه وأهميته.

وتبدو للمراقب أن هشاشة إسلام آباد قد ظهرت للعيان عام 2007، عندما أعلن رجال الدين في مسجد لال التمرد ضد الدولة، وفرضوا نوعية خاصة بهم من الشريعة على إسلام آباد. وكلف ذلك حياة نحو 12 رجلاً من قوات الخاصة الباكستانية، حتى تمكن الجيش الباكستاني من التغلب عليهم. ولقي المئات بمن فيهم الأطفال حتفهم. والأهم من ذلك، أن هذه الحادثة أسست لمرحلة جديدة من الهجمات الانتحارية على الأسواق، ومراكز الشرطة، وقواعد الجيش. ومنذ هذه الحادثة سقط نحو 30 ألف شخص.

وبالعودة إلى الحاضر، فإن الثنائي خان وقادري جلبا مستوى جديداً من عدم الاستقرار إلى باكستان. وكان المواطنون التعساء متسمرين أمام أجهزة التلفزة، يشاهدون عاصمتهم المحصنة جيداً تنهار تحت ضربات المحتجين. وكانت الجرافات التي تم استئجارها من جهات خاصة تقوم بإبعاد الحواجز الإسمنتية وحاويات الشحن لفتح الطريق، في حين تم تقطيع الأسلاك الشائكة من قبل أشخاص محترفين. وكان رجال الشرطة المحبطون يخافون الامتثال للأوامر.

وكان الجيش الباكستاني يراقب، بهدوء غير معهود، استيلاء البلطجية على مؤسسات الدولة الباكستانية. لكن بدلاً من فرض النظام والقانون، فقد اختار أن يضفي الشرعية على المتمردين، عن طريق مناصرة المفاوضات بين الحكومة والمتمردين، كما أن سيطرة حزب «باكستان عوامي حزب التحريك»، وهو حزب طاهر قادري، وحزب خان، وهو «تحريك الأنصاف» على تلفزيون باكستان فترة وجيزة، لم ينجم عنه توجيه عقوبات تأديبية لهم.

ولكن ما خطة اللعب هنا؟ يبدو خان واضحاً جداً: فهو ينوي خلق ما يكفي من الفوضى لإجبار الحكومة المنتخبة على الانهيار. وبالتالي سيكون من السهل إيجاد قاضٍ في المحكمة العليا، يطلب القيام بانتخابات نصب مرحلة. وبعد ذلك، وربما مع قليل من المناورات فإن خان سيجد نفسه رئيساً للوزراء في باكستان. لكن أهداف الرجل الزئبقي المقدس قادري، القادم من كندا تبدو أقل وضوحاً. إذ إن المحافظة على مرجل في حالة غليان، هو كل ما شاهدناه حتى الآن.

لكن الأخبار الطيبة هنا أن شعب باكستان رفض أن يدعم تقويض الحكومة. ويميل الرأي العام الآن إلى الاستقرار والهدوء. ففي عرض للوحدة غير مسبوق، أعلن حزب الرابطة الإسلامية الباكستاني، وحزب الشعب الباكستاني، أكبر حزبين في باكستان، انهما متوافقان تماماً في مواقفهما.

وبالطبع، فإن هناك انتقادات كثيرة لرئيس الحكومة نواز شريف، فهو معروف عنه محاباته أقاربه، وتعيين أفراد عائلته في المناصب المهمة. والناس تكره في شريف أسلوبه العائلي في حكم البلاد. وهناك دعوات للإصلاح الانتخابي، إضافة إلى الاحتجاج على عمليات التزوير، التي شابت انتخابات العام الماضي.

أما في ما يتعلق بالتزوير فإن هذه ادعاءات يقوم بها دائماً الخاسرون. فمتى كان في باكستان انتخابات نزيهة بالمطلق؟ ولم يذكر المراقبون الدوليون والمحليون أي تجاوزات مبالغ بها. وإضافة إلى ذلك، فإن نتائج الانتخابات كانت منسجمة مع استطلاعات سابقة للرأي.

ولابد أنه سيكون يوماً كئيباً لباكستان، عندما سيصبح خان رئيساً للحكومة، فقد عمد هذا الرجل إلى الإعلان صراحة عن دعمه «طالبان» خلال احتلالهم الوحشي لمنطقة سوات عام 2009، ورفض إدانتهم، عندما أطلقوا النار على مالالا يوسف زادة في رأسها، لأنها أرادت الذهاب إلى المدرسة. وأصبح خان في حالة من الهستيريا بعد مقتل رئيس حزب «تحريك طالبان باكستان»، حكيم الله مسعود، من قبل طائرة أميركية من دون طيار، الأمر الذي بات جلياً أن الرجل في وصوله إلى السلطة يمكن أن يطلق النار على الطائرة وليس على الإرهابيين.

تويتر